علينا أن نعترف أن التعليم يواجه أزمة استدامة، حيث أن ما نجح في الماضي لن ينجح في المستقبل.


فما زلنا نلاحظ أن المدارس تسود فيها قيم العصر الصناعي كالتحكم بالطلاب ووضع جداول زمنية وفصول محددة ومراحل دراسية متعاقبة وتخريج الطلاب على دفعات، وإشعار المتعلم أن تعليمه يكون بين الجدران الأربعة في المدارس والجامعات والمعاهد. هذا النموذج يدار بشكل يومي دون التفكير بأننا في عصر جديد وأن ما نقوم به تجاه المتعلمين كان ناجحا في الحقبة السابقة لندرة المعلومات وصعوبة الحصول على المعرفة إلا من خلال المعلم فمصادر التعلم كانت شحيحة، لكن التعلم اليوم يمكن أن يحدث في أي مكان وفي أي وقت، إذ أصبحت المعرفة متاحة أكثر للمتعلمين في هذا الفضاء السيبراني بل أن المعرفة كما يصفها أحد المفكرين في عصر الانترنت "قيمتها صفر " أي يقصد بذلك أنها لا تكلف شيءا.

لذلك نحن بحاجة لنموذج جديد يحاكي متطلبات العصر ، نحن بحاجة لنظام تعليمي مفتوح وليس مغلق بين اربعة جدران، فإذا كان النظام التعليمي مغلق لن نحقق ما نسعى له من تطور في التعليم ولن تستفيد البشرية بشكل فعال من أنظمة تعليمية مغلقة.

فانظمة التعليم المفتوحة تمكن الطلاب من الوصول لها بطريقة منظمة وسياقية وشخصية ذاتية، كما أننا بحاجة لمحتوى تعليمي جديد يحتوي على مفاهيم ومصطلحات العصر الحالي ، فنهج الأنظمة المفتوحة تنقل المؤسسات التعليمية من البعد الآحادي إلى أبعاد متعددة، ويتطلب ذلك نظاما تعليميا يتعامل مع جميع العوامل المحيطة وذات الصلة،

الأنظمة التعليمية الحالية مازالت تتبنى النموذج البيروقراطي المركزي الذي يتطلب توحيد المعايير لأجل تعليم فعال، ويتعين على الطلاب أن يتلاءموا ويتوافقوا مع ما يقدم لهم أثناء عملية التدريس، ويتوافق الطلاب مع ذلك من خلال عملية الحفظ عن ظهر قلب، فلم يراعى فيها الفروق الفردية بين المتعلمين. العديد من المدارس تعلمنا القليل عن أنفسنا، ينتهي بهم الأمر إلى نزع جوهر التعليم والذي هو عملية التعلم الذاتية . بل أنه نموذج متعالي على الطلاب يخلق نهجا من أعلى لأسفل . ويتبع فكرة إجابة واحدة صحيحة وطريقة واحدة صحيحة وطالب واحد مثالي حيث يقارن أداء المتعلمين في الصف الدراسي بأداء الطالب المثالي، إذ يفترض بأن المتعلمين متشابهون.

إذا أبقينا الأنظمة التعليمية على هذا النمط ووضع المتعلمين في مباني مصممةلذلك، فنحن نقولب عقول المتعلمين.

فما نطمح له كتربويين في هذا العصر هو إيجاد أنظمة تعليمية تتبنى التعليم الذاتي وتدفع المتعلم نحو التعلم بشغف ومحاولة إحياء وتحفيز التعلم الذاتي الفردي ، سنكتشف أن العديد من الأهداف التي وضعت مسبقا هي زائدة عن الحاجة والعديد من المواضيع لم نعد بحاجة لتدريسها ،وستأتي متطلبات مختلفة إلى الصدارة بشكل أساسي، وسيكون النهج المتبع في عملية التعلم ليس من أعلى لأسفل بل العكس نقصد بذلك اللامركزية ، كما سيكون المتعلم هو المحور في عملية التعليم والتعلم، والتركيز على تطلعات المتعلم الشخصية بدلا من إخمادها والتحكم بهم وعدم الاعتراف بالتنوع والفروق الفردية بين الطلاب. ويتطلب عدم تهميش لخبرات المتعلمين المختلفة، عندها سكون نظام تعليمي يمكن الأفراد من التعلم وهو الشكل الوحيد لأجل الاستدامة في التعليم.



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات سهير الخواجة Suhair Al khwaja

تدوينات ذات صلة