و ما أعمارنا إلا تلك الساعات و الأيام التي نحياها بكل ما فيها.

كتب روبين شارما في كتابه دليل العظمة" أيامك هي نسخة مصورة من حياتك. فبينما تعيش ساعاتك. تخلق سنينك. و بينما تعيش أيامك، تصيغ حياتك. و ما تفعله اليوم هو ما يخلق مستقبلك".


والآن عزيزي/ تي القارئ/ة هل تعرف شخصًا منضبطًا تَمَامًا في حياته، شخص لديه سيطرة فعلية على حياته، تجد جدوله منظم بين ساعات العمل أو الدراسة وبين ممارسة الرياضة وواجبات العائلة و التقاء الأصدقاء و ممارسة الهوايات وأوقات للترفيه؟؟ ليس هذا فقط بل يفعل كل ذلك بإنتاجية عالية أيضًا.

في الحقيقة في مرحلة ما من حياتي كنت أتساءل إن كان يوم هؤلاء الأشخاص يزيد عن 24 ساعة. إذا كيف مع كل هذه الأنشطة يملكون نفس ال24 ساعة التي أملكها أنا ومن حولي؟


دعني أطلعك عزيزي/تي القارئ/ة على نموذجين آخرين ستجدهم حولك بكثرة إن لم تكن أنت نفسك أحدهم.


الأول: هو شخص لا يعبء بالوقت و لا يلقي له بالًا، يمضي وقته بين المفروض من ساعات الدوام أو ما يفرض عليه من أعنال، وبين "اللاشئ" من الملهيات كمشاهدة الأفلام و المباريات و اللعب و متابعة وسائل التواصل الإجتماعي.


أما النموذج الثاني: فهو المحاول، شخص تجده دائمًا يضع خطط عديدة ليومه محاولًا السيطرة قدر المستطاع على حياته، خطة تلو الخطة، لكن تؤول خططه للفشل وتنسكب الأمور من بين يديه بعد أن يقع فريسة لما هو مفروض وما هو مرغوب.


بداية دعنا نفسر لما يحدث هذا، لماذا هناك أشخاص يملكون الوقت لكل شئ و أشخاص لا يملكون الوقت لفعل أي شئ؟ فلماذا يمر العمر سريعًا على شخصين كانا معًا في الصف الأول الابتدائي فيصل كلاهما إلى الستين من العمر وبينما يكون أحدهما حقق إنجازات هائلة في كافة جوانب حياته مع إحتفاظه بصحة جيدة و أسرة محبة ،يكون الآخر يعاني من أمراض شيخوخة أصابته منذ سنوات مع عدم تحقيق إنجازات تذكر ويعيش حياة غير مرغوب بها و لا يملك شيء يفخر به.


الإجابة هي ببساطة "عدم الوعي بالوقت"، إن عدم تقديرك لنعمة الوقت ـ والذي يصحبه عدم وضع أهداف محددة لحياتك ـ في الغالب سيكون المدمر الأول لمرحلة شبابك و لحياتك كلها.


في تقرير Digital 2020 يظهر فيه أنه في عام 2020 يقضي الأشخاص في المملكة العربية السعودية من عمر 16 إلى 60 عامًا على مواقع التواصل الاجتماعي ما يقارب 8 ساعات يَوْمِيًّا ـ و لا أعتقد أن الأمر يختلف كثيرًا في باقي دولنا العربية ـ هذا بخلاف الأفلام و المسلسلات بعد ظهور مواقع مثل NETFLIX و غيره، و ألعاب البلاي ستيشن و ألعاب الهاتف و غيرها من الأمور التي أطلق علها الملهيات.


ففي الوقت الذي من المفترض إستخدام هذة الأمور للإستفادة أو للرفاهية المؤقتة أصبحت كل أعمارنا ضائعة بينها .الأمر الذي جعل من العالمنا الحالي عالم مليء بالتشتيتات وأصبحت الإنتاجية أمرًا ثقيلا, وأصبح السعي حول عيش حياة متزنة أمرًا غاية في الصعوبة.


و يبقى السؤال الأخير. لماذا هناك بعض الأشخاص لديهم وعي بأهمية الوقت ويسعون لوضع خطط لأيامهم، ولكن دائمًا ما تفشل هذه الخطط؟ ( أنا لا أتحدث هنا عن التسويف). بل عن عدم القدرة على الالتزام بالجدول اليومي أو الخطة الأسبوعية أو الشهرية.

الحقيقة أنه يرجع ذلك في تقديري لعدم وضع أهداف و مهام محددة بجدول زمني معين، و إن وجد يكون هناك عدم تقدير للأمور الأكثر أهمية و تمييزها عن الأمور الأقل أهمية، و قد عبر ستيفن أر كوفي ـ في كتابة العادات سبع للناس الأكثر فاعلية ـ عن ذلك بما أطلق عليه مصفوفة إدارة الوقت، إذ يكون ترتيب مهامك (جدولك) بين المهم و العاجل، والمهم و غير العاجل، وغير المهم و العاجل، و غير المهم و غير العاجل.


و أخيرًا، إن وعيك فيما تصرف وقتك، ووعيك بأهدافك وأولوياتك في الحياة وما يترتب على ذلك من تقديرك لما هو مهم وما هو أقل أهمية، ومن ثم وضع خطة عمل تضعها صوب التنفيذ، هو سبيلك الوحيد لإنقاذ يومك و بالتالي إنقاذ حياتك.


تذكر أن كل يوم هو يوم مهم، فأغتنم أيامك حتى لا يضيع عمرك سدى.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات شروق الشاذلي

تدوينات ذات صلة