انا ضحى أبو يحيى أدرس تخصصين في الجامعة و أسعى الى تحسين الوضع الزراعي في الاردن. تعالوا اخبركم القصة.


مثل أغلب الأطفال ، غمرني حب جهاز الحاسوب عندما تعرفت عليه لأول مرة، كان يذهلني هذا الجهاز ويشغل تفكيري وأحب استكشافه، أُفكك أجزائه مرة وأعيد تركيبها مرة ويتلف بعضها مني فأقوم بإصلاحه وأظل على هذا الحال لساعات من يومي، و استمر هذا الحب وكبر فكنت أطمح أن أدرس هندسة الحاسوب لكي أسمح لنفسي أن أتعمق بشكل حقيقي في خفايا هذا الجهاز، لكن الحظ لم يحالفني في الثانوية العامة ولم أحقق المعدل المطلوب لدراسة الهندسة.


لم اتوقف، وقررت أن أدرس الثانوية العامة من جديد وكلي أمل بحقيق المعدل المطلوب هذه المرة، و في نفس الفترة ولأني أؤمن بأن الفراغ مفسدة، كنت أستغل وقتي في تقوية لغتي الانجليزية في المعهد البريطاني الذين رشحوني لدراسة تطبيقات الحاسوب جزئيًا عن بعد في Open University in London فأخذت الفرصة وكانت خطتي أن أجمع بين دراسة ال(software) عن طريقهم و دراسة ال(hardware) في إحدى الجامعات الاردنية، ولكن للأسف مرة أخرى لم احقق المعدل المطلوب.

وبذلك لم يعد أمامي سوى تخصص الذي كان نتيجة خيارات سوء اختيار القبول الموحد وهو إدارة الأراضي والبيئة وهو أحد فروع الهندسة الزراعية التي تعنى بإدارة الموارد الطبيعية لأجل تحسين الزراعة ودون أي معرفة مسبقة بالتخصص.


وبهذا صرت أجمع بين تخصصين ظننت أن لا علاقة لهما ببعضهما بالبداية، فكنت أدرس علوم الحاسوب بدافع الحب، ثم أدركت أن للتكنولوجيا تأثيرا كبيرًا على حياتنا في كافة المناحي والتخصصات وباتت مواكبتها في أي جانب من جوانب الحياة ضرورة ملحة. وبالطبع على جميع الطلبة التحلي بالمهارات التكنولوجية البسيطة أو ما أسميه " المَلَكة التكنولوجية " مهما كان مجال دراستهم.


وبعد سنة من دراسة الزراعة بدأت أدرك ان لفهم هذا التخصص واتقانه عائدات عظيمة تعود على الشخص والدولة بشكل عام. اذ لا يوجد ما هو أسمى من أن يكون للشخص حس بيئي يعي فيه أهمية الحفاظ على الأرض ويحاول فعل ذلك، فنحن ندرس في التخصص إدارة الموارد الطبيعية كل العوامل البيئية وتقييم الأثر البيئي للمشاريع التي ينوى إنشاؤها في سبيل تحسين الزراعة من ري، لإنتاج نباتي لاقتصاد زراعي. والزراعة كما كانت وكما ستزال هي صمام أمان للدولة فهي توفر الاكتفاء الغذائي, وأظن أن الشركات و المؤسسات غير الحكومية يجب أن يكون لها دور في هذه العملية لان القطاع الزراعي ضعيف في الأردن ونحن نحتاج للابتكار واستخدام التكنولوجيا لحل مشكلاته.وتحسينها بناءًا على العلم هو أعظم ما يمكن أن يقدمه طلاب هذا التخصص.


Balance is being unbalanced in a balanced way

أي أن المهم هو التوازن في حياتنا بشكل عام ولكن لا بأس ببعض التحيّز لجانب اكثر من آخر في فترات معينة.

ساعدني هذا المبدأ على تخطي تحدي دراسة تخصصين في نفس الوقت، فهو تحدي صعب ويفرض علي التضحية بأشياء مقابل الفوز بأشياء اخرى فلا احد يستطيع ان يكون ممتازًا بكل شيء بنفس الوقت ولكن، يمكننا تحديد أولوياتنا و تجديدها باستمرار لتخطي أي تحدي، فمثلًا كنت اركز في أحد الفصول على دراسة البرمجة وعلوم الحاسوب للمحافظة على معدل مرتفع لكي لا أخسر المنحة و في فصل آخر أركز على دراسة فهم البنية الأساسية للموارد الطبيعية وقد أعطي نفسي وقتًا للراحة بين فترة وأخرى أركز فيها على هواياتي من قراءة لكتابة لمشاهدة الأفلام والمسلسلات والاضطلاع على الفن والأدب فهذه تخفف من ثقل التعلم. وبالطبع يتخلل كل هذا وقت للأصدقاء.


و بعد خوض التحدي علينا الاستفادة من الخبرات المكتسبة، فقد شاركت أنا ومجموعة من زملائي في مسابقة 2019 hult prize في مشروع يستخدم التقنيات الجديدة لتحسين الإنتاج الزراعي في القرى، و يعمل المشروع على أربع محاور أساسية في مجال البيئة وهي إدارة المياه، توفير الطاقة النظيفة، تقليل النفايات واستخدام كل هذا في الإنتاج الزراعي. فزنا بمشروعنا هذا بالمركز الأول على مستوى الجامعة ثم تأهلنا للمرحلة الإقليمية وتنافسنا مع أكثر من 50 فريق من حول العالم وحصدنا إحدى أفضل 6 مراكز. فخورين بما حققنا ولكننا ما زلنا في اول الطريق و سنستمر بالعمل لتحقيق منفعة أكبر للمجتمع.


في النهاية، بالتأكيد كل أحد حر بإختياراته , فقد لا يضطر أحدهم لدراسة تخصصين في نفس الوقت لكن التعلم المستمر هو واجب على كل شخص و خصوصا الطلاب في مرحلة الجامعة، قد تنفعك مهارة تعلمتها على زيادة دخلك او ادارة حياتك بشكل أفضل او ربما تسخرها في منفعة الآخرين ، وأرى ان المَلَكة التكنولوجية والمَلَكة اللغوية مهمتان جدًا ويُصقَلان بالتعلم والقراءة.



إقرأ المزيد من تدوينات شباب مُلهم

تدوينات ذات صلة