من المؤكد أنه في الأعوام القادمة سيكون الأمن الغذائي وسُبُل تحقيقه هو الهدف الأول لجميع دول العالم ,إذ أن اتزان باقي العناصر ستظهر آثارها فيه .
استراتيجيات تحقيق الأمن الغذائي- التحديات والفُرَصْ
قضية الأمن الغذائي باتت جزءاً لا يتجزأ من الأمن الوطني للدول,إذ أن استقرار الوضع الغذائي يساهم في توازن باقي الظروف الموجودة فيها ,وبالتالي فإنه يُشكّل مُرتكزاً أساسياً تقوم عليه الدول وترسم له الخطط وتضع له العديد من الإستراتيجيات . مر مصطلح الأمن الغذائي-Food Security بالعديد من التطورات والتغيرات حتى عام 1996 إذ تم الاتفاق على تعريف عام موحد من قبل منظمة الأغذية والصحة العالمية فهو "الحالة التي يتحقق فيها الحصول المادي والاقتصادي على الغذاء الكافي والآمن والمغذي لكل الناس وفي كل الأوقات بشكل يلبي احتياجاتهم الغذائية كما يناسب أذواقهم الغذائية المختلفة بما يدعم حياة نشطة وصحية".
وتعبير الأمن الغذائي ليس من المفاهيم الحديثة أو وليدة العصر التي نشأت نتيجة التضخم الهائل في عدد السكان مع ازدياد الطلب على الغذاء وعدم القدرة على تلبية الاحتياجات الغذائية للجنس البشري, بل هو مصطلح مقترن بـالاستهلاك الغذائي . بدأ هذا التعبير بالانتشار منذ الستينات بمعناه البسيط الشائع "قدرة الدولة على توفير ما يكفي من الغذاء (مخزون السلع الغذائية ) بمدة تم تحديدها بما لا يقل عن شهر ولا تزيد عن عام وهذه المدة يتم تغييرها حسب ما تملكه الدولة من موارد وقدرتها على إعادة تجديد المخزون مرّه أُخرى .
من المؤكد أنه في الأعوام القادمة سيكون الأمن الغذائي وسُبُل تحقيقه هو الهدف الأول لجميع دول العالم ,إذ أن اتزان باقي العناصر ستظهر آثارها فيه بحيث ستصبح صحة الدولة تُقاس بأمنها الغذائي .لذلك لا بد من تنفيذ الخطط التي تساهم في تحقيق هذا الهدف , ولا بد من وجود خطط ممنهجة للوصول إلى نسب إكتفاء ذاتي مع المحافظة على الموارد الطبيعية وحمايتها من الاستنزاف.ولابد من التحكم في كميات الاستهلاك البشرية ,ولعل أبرز الجوانب التي يجب أخذها بعين الإعتبار هي زيادة القدرة الإنتاجية للموارد الطبيعية من خلال ربطها بالوسائل التكنولوجية الحديثة أو من خلال تطبيق البحوث والدراسات التي تساهم في رفع الكفاءة الإنتاجية للمصادر بأقل سُبل استنزافها والتوسع في إنتاج السلع الزراعية لتقليل كميات الغذاء المستورد لكي تعتمد الدولة على إنتاجها المحلّي والتركيز على المحاصيل طويلة الأمد في عملية التخزين .
في سبيل تحقيق الأمن الغذائي تتبنّى منظمة الأغذية والزراعة "FAO" نهجاً مزدوجاً لمكافحة الجوع والذي يجمع التنمية الزراعية والريفية المستدامة وبرامج تستهدف تعزيز القدرة المباشرة للناس الأكثر هشاشةً واحتياجاً على الوصول إلى الغذاء. بينما يتضمن المسار الأول تدابير التعافي لإنشاء أنظمة غذائية مرنة فإن المسار الثاني يقيّم خيارات الدعم المتاحة أمام الفئات الضعيفة.
إن أسهل مرحلة في أي مشروع هي مرحلة وضع الخطط والاستراتيجيات ,إذ أن مرحلة التطبيق الفعلي هي مرحلة الفَصل ,لأن النتائج التي نرغب في مشاهدتها لن تظهر إلا من خلال التنفيذ الحقيقي . إن مرحلة تنفيذ الخطط تُظهر التحديات التي تعرقل العملية "الأمن الغذائي ".
ويكشف التقرير التجميعي المعنون "حالة الموارد من الأراضي والمياه في العالم للأغذية والزراعة: نظم على حافة الانهيار" (تقرير عام 2021) عن تدهور حالة الموارد من التربة والأراضي والمياه، والتحديات التي يطرحها ذلك بالنسبة إلى إطعام سكان العالم الذين يتوقع أن يبلغ عددهم قرابة 10 مليارات شخص بحلول عام 2050. وبدراسة الأسباب التي تعيق عملية تحقيقه لا بُد لنا أن نذكر منها الضغط على المصادر الطبيعية نتيجة الحروب والكوارث ,أو نتيجة الأنشطة البشرية ,استنزاف المصادر الطبيعية وعدم تحديث الأنظمة الزراعية للعديد من الأراضي الزراعية في الدول النامية.وهناك الكثير من الأسباب إذ لا يُمكن حصرها .
ومع ذلك لا يمكن التغاضي عن الفُرص التي سيساهم الأمن الغذائي في تحقيقها تطوير جميع العناصر التي تساهم في تحقيق هذا الهدف يساعد في تطوير نوعية الحياه وجودتها وخصوصاً لدى الشعوب الأقل حظاً,و تطوير النُظم الزراعية الذي سيساهم في زيادة قدرة التربة على الإنتاج وبالتالي توفير كميات أكبر من الغذاء بوقت أقل عِوضاً عن توفير فرص للتشغيل وتمكين الشعوب إقتصادياً.
المصادر والمراجع:
عبد السلام، محمد، "الأمن الغذائي للوطن العربي"، 1998، سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت.
منظمة الأغذية والصحة العالمية FAO topic/food-security
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات