مشهد من خيالي على كلمات الشاعر محمد ابراهيم وغناء فرقة مسار اجباري -كانت هتفرق في الوداع- ، البطلة هنا تلتقي بغريب تخبره عن حدث مؤلم بحياتها

"لو كنت بس ساعتها عارف .. ان دي المرة الأخيرة


مية مية .. كا.."


سحبت سماعات الأذن من الهاتف


____


كنت أعلم أنها المرة الأخيرة، فقط لم أدرك ما علي فعله. الغضب سيطر حينها، لم يترك بيدي حيلة .. بل تركها.





أطلت النظر لعينيه .. حسبني أغازله كعادتي، لكني فقط كنت أحفظ ملامحه


لا، ليس عليه ذنب .. فقد أخبرته مراتٍ ومرات عن مجيء تلك اللحظة وشاركته كلمات الاغنية كاملة


لكن لم أمهد له ولم يعلم ..


* * *


عامٌ كامل على ذلك المشهد وما زال عالِقا ببالي، كلما رأيته أذكر غصة قلبي حينها


نعم .. تقابلنا بعدها كثيرا كعادتنا .. ولم أخبره بعد عن ذلك اليوم؛ يومه الأخير داخلي.


ظل كل شيء كما يبدو لكن ليس كما كان.



أن لا تظهر ما تغير داخلك مهارة لا يتمتع بها الكثيرون ..



دعني أحدثك الآن ما جرى سابقا وكيف آلت بنا الأحداث لهذه النقطة .. لكن عدني فقط أنك إن صادفته بحياتك مرة فلن تخبره أي من كلماتي معك


بدأ الأمر حين بدأت أتحسس استنفاذ طاقتي، شعور سيء، فأنت لست متأكد بعد، أصبحت أدقق في كل شيء وألتفت لتفاصيل لم تكن تشغل بالي أبدا


الوضع بات أشبه بفقدان شغفك تجاه دمية لطالما حلمت أن تقتنيها، لم يقصر قط في آداء مهامه المميزة للحفاظ على علاقتنا لكن كما أخبرتك، "مهام" كأنها وظيفة يشغلها يفعل ما يمليه عليه واجبه فقط


تسلل برد ديسمبر بيننا من نافذة حسبتها لا ترى سوى الشمس، ما تحسبه لا شيء يمكنه قتل الآخرين أحيانا فاحترس يا صديقي ..



رأيت الغربة في عينيه، كلما اختلست النظر إليه أجد كل شيء قد انطفأ، اللمعة التي لطالما أضاءت دربنا لم أجدها وكأن أحدا بدلهما بأحجارٍ غير مثقلة لتبدوان بكل ذلك البرود والحدة المستترة وراء بضع ضحكات ساخرة بين الحين والآخر



الكون حولي أصبح رمادياً، باهتا .. وسقطت في فخ الهروب مجددا، أنبش عن ثغرات ومبررات واهية لكن تلك المرة لم يكن هنالك حيلة بيدي، وقفت مصفدة أمام المرآة، واغرورقت عيناي حتى شُوشت .. وعجزت تلك المرة عن حبس دموعي .. عادة ما يحتاج كل منّا للإنهيار، وطالما أمام مرآتك فلا مانع من ذلك.



الخوف!! نعم عزيزي لم أخبرك .. تمسكي الدائم بمن حولي ومحاولات خلق الأعذار ليست سذاجة أبدا


إنما هي إحدى النوبات التي تصيبني، ليس ما تعرفه ذلك، الخوف في قصتي هنا مختلف .. أنا عدو نفسي، وربما الوحيد، لا ألتمس لنفسي عذرا واحدا ولا أغفر لها خطأ حتى ولو لم أكن من ارتكبه، أتحمل العواقب في كل الأمور وحدي وأجلد ذاتي على ما فعلت وما لم أفعل ..


لذلك فأنا أخاف من نفسي .. فأنا أعلم جيدا نتيجة ما يحدث، وأعلم أن ثقل هذه الأيام لن أتخلص منه طوال حياتي ..



لنعود لمرآتي .. بعد أن شُقت وجنتاي وبدأت أتحسس حريقا منهما وجدت أنه الوقت المناسب لاتخاذ قرار حاسم مهما كانت عواقبه، أخبرت نفسي أن كل هذا حتما سيمر كما قالوا، وان نهاية تلك الآلام قد حانت .. قفي الآن يا صغيرتي ولا تنظري خلفك مجددا .. وعلى كلٍ تحمل نتائج أفعاله، لطالما تمسكت بوعودك وأحسنت معهم، لا تكترثي الآن ودعي الأمور تأخذ نصيبها من الأيام.



وها نحن هنا .. بعد عام وأكثر، أحدثك والألم يعتصر قلبي .. ولم أتخلص من خوفي بعد


هذه المرة لن أترك نفسي للمرآة، ولا حتى لتصديق أفكاري ..


فقد حان وقت الرحيل ..


ورجاء أخير منك .. خذ هذه الورقة .. انت تعلم طريقها جيدا.




سلمى سامي

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات سلمى سامي

تدوينات ذات صلة