حياتنا التشاركية مصدر قوة وكنز ورثناه من أجدادنا، واجبنا أن نتعرف عليه، ونوثقه لنحافظ عليه، ليكون مصدر الهام للاجيال القادمة
السلام المجتمعي هو دعوة. دعوة لكل شخص حر مؤمن بأن الطريق للسلام هو الحل للعيش بوئام. آن الاوان الان أن نقف وننظر إلى أنفسنا بصدق، وإلى حياتنا
التشاركية الطبيعية التي يطلق عليها العالم "العيش المشترك" ونقرر الحفاظ عليها. الذي بحوزتنا من حياة تشاركية هو بمثابة إرث لا يُقدر بثمن، فهي حياة متأصلة ومتجذرة في أرضنا، وليست بحياة مستوردة أو فُرضت علينا، بل حبنا المتأصل والأخوة الاردنية (المسيحية المسلمة) التاريخية هي حالة طبيعية عاشها أجدادنا وآبائنا، ونعيشها الان. الوجود الاخوي في وطننا العزيز الذي يقوم على الاحترام المتبادل، بالاضافة إلى وجود قانون عادل فيه الجميع متساوون هو ما فرض الاستقرار المجتمعي الاردني منذ بدايات تأسيس المملكة. عندنا الكثير لنفتخر بِه ونعززه ونتغنى به. نفتخر بأن الاردن واحة سلام، ونفتخر بأن علاقة الأخاء ظاهرة
للغريب والقريب، فهناك الكثيرالذي يجمعنا ويوحدنا ويجعل منا عائلة واحدة كبيرة، ففلسفة الحوكمة عند الهاشميين تقوم على مبدأ المواطنة التي هي مرادف
لتحقيق العدالة والمساواة بين جميع أفراد الشعب. وقد تبنوا هذا المبدأ منذ الثورة العربية الكبرى عندما قال الملك فيصل الاول: الدين لله والأرض للجميع. عَلِينا أن نعي بأن الدين لم يفرق أجدادنا، ولم يفرق ابائنا، ولن نجعل الزوان وأعوان التفرقة والتشويش يأخذون الدين حجة وأداة سياسية لزرع التفرقة بيننا، فالأديان بجوهرها لا تحرض على العنف أو الكراهية. فمن أسماء الله الحسنى في القران الكريم هو الرحمن الرحيم، وفِي الكتاب المقدس الله هو
المحبة. أما تحيتنا فهي السلام، وتنوع وجودنا ما هو إلا جمالية وقوة، مدركين بأن خليقة الله في تنوع ثقافاتها وحضاراتها ولغاتها وشعوبها تشكل مصدر ثروة وقوة للشعوب الذكية. بهذا نفتخر. أثبتنا صمودنا وتكاثفها في أحوج الفترات التي مضت والتي أحاطت ببلدنا. فقد شهدنا فترات صعبة بعد أحداث التاسع من أيلول، وخلال ماأُطلق عليه "الربيع العربي"، ووجود عصابة الشر داعش في الدول المحيطة بِنَا... تأثرنا وتألمنا من ما شهدناه من كل تصرف غير إنساني يُمارس على أشقائنا واِخوتنا من الدول المجاورة. الاستقرار الذي ننعم به هو ما جعل الاردن واحة للسلام، وحصن يتدفق إليه كل من هم بحاجة إلى مكان آمن هروباً من طغيان الحرب وويلاته. بهذا نفتخر.
كنزنا هو كل أردني. الثروة البشرية التي عندنا والتي عَلِينا أن نعمل على دعمها وإستثمارها هي مصدر قوتنا في حاضرنا ومستقبلنا،وجميعنا مصيرنا واحد، وهمنا واحد، ومستقبلنا واحد، وكله مرتبط بقناعتنا بأننا مختلفين عن غيرنا برابط الأخوة الذي يربطنا ويجمعنا ويوحدنا. لذا من واجبنا الالتزام بالوصيتين من وصايا الاديان وهما أن تحب الله وتحب جارك، التي تشكل أساس علاقة العيش المشترك الذي نتحلى به والذي يعكس الإيمان. بهذا نفتخر.
عيشنا الطبيعي وحياتنا التشاركية هو الان مضرب مثل للعالم أجمع. فضيوف المملكة يتعجبوا بأن المسلم والمسيحي معاً في الأسواق وعلى مقاعد الدراسة وفِي الشارع، والبيوت متلاصقة ومتجاوزة للمسيحي والمسلم فبالنسبة لهم هم يشهدوا علاقة نادرة الوجود في العصر الحديث. الاحترام المتبادل الذي جمعنا هو مصدر قوتنا وهو الذي يديم علاقتنا. بهذا نفتخر.
أما ما يشهده الغرب وخاصة مع موجات الهجرة والمهجرين هو حالة التعايش فهم يتعايشوا مع المهجرين والنازحين الذين هم ضيوف في
بلادهم؛ يتعايشوا مع حضارة وثقافة ولغة وطريقة حياة مختلفة عنهم بالكامل.
بلد السلام، حصن السلام- الاردن، استجاب من خلال إبراز وتقوية صوت السلام من خلال المبادرات التي اطلقتها المملكة للحث والسعي نحوالسلام فرسالة عمان
غايتها إظهار صوت الاسلام المعتدل وإبراز تعاليمه القائم على الرحمة والعيش السلمي. فقد وضحت الرسالة للعالم،في وقت تعظم فيه الاسلاموفوبيا، ما هو الاسلام وما هو غير الاسلام وكشفت الادعاءات الكاذبة لمن يستغل الدين للتفرقة وبث العنصريةوالكراهية. وتلت الرسالة التي اطلقت في سنة ٢٠٠٤، كلمة سواء بيننا وبينكم في سنة ٢٠٠٧ التي صنعت حركة سلامة عالمية تاريخية بين الاديان،،،، وختمها جلالة سيد البلاد في اسبوع الوئام العالمي بين الاديان التي اقترحها في الهيئة العامة للجمعية العامة للأمم المتحدة وتمتبنيها بالإجماع ٠. وهي
مبادرات جرئية وشجاعة والأولى من نوعها عالمياً. دعونا نُذكر أنفسنا بأننا في نظر العالم بلدٌ صغير بالمساحة، لكنه كبير في عطاءه للانسانية، يعيش بِه أناسٌ
مضيافين ومحبين لغيرهم، وأبوابنا مفتوحة لكل من هرب من طغيان الشر وأتباعه. فالاردن لعب دوراً قيادياً في مجال السلام والوئام بين الاديان عالمياً. بهذا نفتخر.
الدفاع عن حقوق الانسان وزرع السلام والمحافظة على الوئام والعيش المشترك أمرٌ ليس بالسهل. فهو يحتاج إلى جادّين، وإلى حاريّن ومحبين للانسانية بغض النظر عن اللون والعرق والجنس والخلفية. واجبنا الان أن نعي إن على جميعنا مسؤولية واحدة مشتركة هوالحفاظ على الوئام المجتمعي الذي ننعم به، وأن نعمل بجد لمستقبل مشرق بما يحقق الصالح العام مستخدمين أدوات التواصل العصرية على رأسها الحوار مع إدراك أهميته، وإحترام الاخر ، والعمل على نشر ثقافة الاخاء المجتمعي، وتطوير المناهج التعليمية وتدريب المعلمين والأساتذة في الجامعات على أسلوب طرح الفكرة ًوأهمية زرع المواطنة الصالحة في نفوس الجيل الصاعد وخصوصاً القيم التي ترفض العنف وتصنع السلام وتبني المجتمع الذي يحتضن الجميع دون استثناء. وعلينا جهد في تطوير الاعلام بما يخدم المصلحة العامة، جادين فيالحفاظ على هويتنا وممتنين
عيشنا المشترك. عَلِينا مهمات متعددة وكثيرة، والاهم عَلِينا أن نعزز القيم التي عندنا والحياة التي نعيشها ونفتخر بها.
عندنا الكثير لنفتخر بِه ونعززه ونتغنى به. نفتخر بأن الاردن واحة سلام، ونفتخر بأن علاقة الأخاء ظاهرة للغريب والقريب، فهناك الكثيرالذي يجمعنا ويوحدنا ويجعل منا عائلة واحدة كبيرة،
*كاتبة وصحافية مختصة في الحوارات والمصالحة
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات