متى يكون المترجم مؤهلًا لاقتحام مجال التدريب؟ هل كل مترجم مؤهل لاقتحام مجال التدريب؟

هل كل مترجم مؤهل لاقتحام مجال التدريب؟

متى يكون المترجم مؤهلًا لاقتحام مجال التدريب؟

يشكو أغلب طلاب الترجمة والمترجمين المبتدئين من أن هناك صعوبات جمة تواجههم للدخول إلى عالم الترجمة، فمثلُا: أي الكتب والمراجع والقواميس تفيدهم؟ ومن أي نقطة يمكنهم البدء؟ وهل دراستهم وحدها تكفي؟ ونفس التساؤلات وأكثر منها يطرحها من لم يدرسوا الترجمة ولكنهم يجدون في أنفسهم الرغبة في دخول هذا المجال، فيتوقفون كثيرًا هل نحن مؤهلون؟ من أين نبدأ؟ والأهم من يستطيع مساعدتنا؟


الحقيقة أنه منذ سنوات كان الأمر جد صعب، وكانت تلك التساؤلات وغيرها توقف الكثير من الراغبين في دخول مجال الترجمة، وتهدر سنوات كثيرة من عمر من يثابر منهم ويقرر الاعتماد على مجهوده الذاتي فقط دون عون أحد، وكان القليل من الخبراء والمحترفين يهتمون بتدريب تلك الفئة الهامة وعلى نطاق ضيق أشبه بنظام الأستاذ وتلميذه، وكانت عملية نقل الخبرة تتم ببطء شديد. أما اليوم فالوضع أختلف تمام الاختلاف، أصبح هناك قطاع جديد في مجال الترجمة يعني بتدريب وتأهيل الطلاب والمبتدئين على حد سواء، ولعل تلك الصحوة الكبيرة لها مميزات عظيمة تحسب لها؛ ولكن هناك إشكالية مهمة للغاية ظهرت إلى السطح، ألا وهي من يستطيع أن يقوم بعملية التدريب والتأهيل؟


إن الدخول إلى عالم الترجمة هو أمر شبيه بالنزول إلى البحر، وقطع شوط كبير فيه، ومن الطبيعي والمنطقي أن تنزل البحر وأنت متقن لفن العوم أو على الأقل أن تنزل بصحبة معلمك، حتى تتقن السباحة وتنزل بمفردك، ولكن الخطر كل الخطر أن تنزل إلى ذلك البحر دون أن تجيد العوم، والفاجعة الكبرى أن تصحب معك شخص آخر لا يجيد العوم وتحاول إقناعه أنك قادر على تعليمه. أنت لن تغرق وحدك بل ستأخذ معك كل من تبعك.


يقول البعض أنني عملت في مجال الترجمة لسنوات وسنوات، وهذا بالتبعية يؤهلني لأن أنقل خبراتي إلى غيري. لا أرى عيبًا في ذلك ولكنه يمكن أن يكون في صورة إرشادات ونصائح للغير، لكن أن تعتقد أن عملك بالترجمة وحده كفيل بأن يجعلك قادرًا على تأهيل غيرك من الألف إلى الياء لهو أمر شديد الخطورة. لا أتخذ هنا موقفا مضادًا للمترجم الذي يدرب غيره على دخول المهنة، ولكن موقفي تجاه كل من اعتقد إنه بمجرد أن أشتد عوده في هذا المجال فمن حقه أن يفتي بكل ما تشتهيه نفسه، وما يعزز من موقفي هذا ما تعلمناه على يد الأساتذة الكبار وكيف أنهم حتى الآن يتعلمون بل أن منهم من لا يخجل أبدًا من أن يتلقى معلومة جديدة من طالب علم، هم من علمونا بطريق غير مباشر ومن خلال تواضعهم وأخلاقهم وأفكارهم المتجددة أن العلم لا يؤخذ إلا من أمثالهم.


نعود إلى طالب الترجمة أو الراغب في دخول عالم الترجمة، من أين يبدأ؟ نصيحتي لك قبل أي شيء حدد نقاط القوة والضعف عندك، صدقني أنت الوحيد الذي تعلمها جيدًا، وبعد ذلك تأكد ممن ستتلقى العلم ولا تجري وراء الدعاية والعبارات الخادعة المنمقة التي هدفها جذبك فللأسف هناك من يعتبر الأمر أشبه بدورات تعلم اللغة الإنجليزية التي عانينا منها جميعًا في مراحل حياتنا ولا زال الكثير يقع ضحايا لمعدومي الضمير من أصحاب المراكز ويبيعون الوهم.


خلاصة الحديث، إن كنت مترجمًا متمكنًا وتمتلك بالفعل مهارات تؤهلك لدخول مجال التدريب فافعلها، ولا تتردد فنحن في أمس الحاجة إلى ضخ دماء جديدة في مجال الترجمة، وإن كنت لا تملك تلك المهارات فأكتفي بدورك كمترجم صاحب رسالة وهدف، ولا تبخل بالنصائح والارشادات على من يحتاجها وإياك أن تخضع للإغراءات المادية وتحول الأمر إلى سلعة.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات رشا الغيطاني

تدوينات ذات صلة