إن بعض المعاني لا بد من إدراكها في وقت مبكر من العمر, لأن الثمن سيكون غالياً متأخراً

سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (146) الأعراف


الإدراك.. هل حدث مرةً أن فهمت فجأةً كلام أحدٍ بطريقة أخرى

أو ربما بالطريقة الصحيحة, ولكن بعد فترة.. أو حادث

أو موقف..

عندها يكون الدماغ قد عاش التجربة.

فتنفتح آفاقه فهم المعاني.. وفهم المعاني رزق من الأرزاق السماوية

لذلك نجد البعض قد سار على هذا الطريق وأخذ بالنهم من هذا العلم..

ربما يبكي أحدهم بسبب آية.. كلمة.

إن أقصى أنواع النشوة لدى الدماغ هو نشوة الفهم والعقل

وقف إبليس متحدياً ربه مع أنه مدرك تماماً خسارته قبل دخول التحدي أصلاً

لكن ما منعه وعزز طغيانه هو اغتراره بفهمه

يكون الغرور هو الحاجز الأول المتصدي للتعلم

وللمفارقة, تصادفه أيضاً خلال رحلتك في التعلم..

فيكون حينها هو الصفر الذي يشطب قيمة تحصيلك الحياتية.

مع أننا نعلم يقيناً أن النقاط الحقيقية التي علينا جمعها هي للدار الأخيرة

نتجه غالباً للبحث أكثر عن المقومات التي تجعلنا أكثر ثباتاً هنا

إننا نبحث عن الجنة في المكان الخاطئ تماماً

في عصر كثرت فيه اتجاهاتنا الغريزية أصبح الأمر يعتمد

أكثر للمحافظة على عقولنا من الجنون, والجنون في العصر الحديث

هو اللامنطقية في الحكم على الأمور, وكي أقرب الصورة أكثر..

أرٍ مدخناً صورة لرئة مدخن آخر بعد 60 عاماً من التدخين, ربما يسخر منك..

وقد يخبرك بأن التدخين سبب في إطالة عمره حتى ال 60!.

يحتمي الإنسان بأفكار لاتهز شخصيته, فعندما تناقش البعض

بمسألة سيجد لك ألف عذر كي يتنصل من تخطيء نفسه,

والتحويل للمسار الصحيح, مع أنه لو اختار الاعتراف لكان أسهل عليه,

لأنه سيعاني بقية حياته بالدفاع عن فكرة يعلم بداخله أنها خاطئة..

وهذا أمر مجهد نفسياً بالنسبة له.

هذه هي بنية الإنسان العقلية, أساساً..

ربما تكون بسبب التربية والبيئة الحاضنة.

فكل هذه الأفكار يشربها الإنسان طفلاُ لايكاد يفقه الحروف

لكن المعاني هي مايعرفها.. ويتذكرها جيداً بل ويبني حياته بها

يأتي على الإنسان أحياناً لحظاتٌ يحتاج فيها للانتماء, وليس انتماء عادياً ما يبحث عنه

بل يجب أن يكون كبيراً بالقدر الذي يفهمه دون أن يتكلم,

فيفكر في الخالق والكون..

يتحول الموضوع إلى هواية

وفي خضم الصراع الناشئ في بيئات الرأسمالية والعجلة الكبيرة التي تدعس كل شيء..

ينسى الله وروحه ونفسه

في نظري, نحن مسيّرون على اختياراتنا

هنالك نقطة نستطيع من خلالها رؤية ذلك,

ربما من الأفضل تشبيه ذلك بالآلة, لنسمها الآلة التي تعمل بالتعويد

تستطيع تعليمها ما شئت من أوامر ولكن عليك أن تكرر الأمر أكثر من مرة

في المرة العاشرة لاداعي لتكرار الأمر, ستقوم به من تلقاء نفسها

لكن من أجل تغيير الأمر عليك أن تعطيها أمراً آخر, ولكن 15 مرة

وهكذا.

ونحن كذلك الأمر, إن أرواحنا هي من تعطي الأمر,

والنفس والجسد هما من يطبقان, وللاختصار.. المقصد هنا هو العادات

يقول عالم النفس السلوكي جيسون هرينا: إن العادات ببساطة

هي حلول موثوق بها المشكلات متكررة في بيئتنا.

وليس ذلك ينطبق فقط على الممارسات الجسدية, بل الأهم من ذلك هو التفكير

إذا اعتدت أن تتلفظ بالكفر عند غضبك سيكون الأمر اختيارياً في المرات الأولى,

لكن بعد ذلك تصبح مسيّراً عليه

حتى تقرر أنت. اختيار شيء آخر.

وكذلك التكبر.. الغرور.. التواضع.. التأني

نجد معنى ذلك أيضا في حديث النبي ﷺ: إِنَّما العلمُ بِالتَّعَلُّمِ ، و إِنَّما الحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ..

اختم النص بالعودة للفقرة الأولى

إن بعض المعاني لا بد من إدراكها في وقت مبكر من العمر,

لأن الثمن سيكون غالياً متأخراً

كمن ركب قطاراً ووعى فجأة أنه يذهب إلى وجهة أخرى,

لن يجلس وندب ركوبه للوجهة الخطأ

عليه أن يستعد للنزول والعودة بسرعة.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات أسيد الطعان

تدوينات ذات صلة