للمشاعر الإنسانية طريقةٌ للظهور , وأسلوب في التعبير, فهي ما ينحت الإنسان!

بين أبنية المدينة, وتحت سمائها, بين أصوات المآذن وأجراس الكنيسة

بين ضجيج الطرقات وتصايح الباعة, وتهافت الناس وضياع المساكين

وبين مجالس الأعِزّاء وخُروجات الأحبة؛

يتمشى غريب،

يمر مرور الكرام، ولا يدري أنه يمر

لايحمل اسماً ولا ساعة..

مطلقاً وجهته إلى المجهول،

بين كلّ شيءٍ يهوي شبحاً،

ولكنّه لايعلم..

له عينان ولا يرى، وأذناه لا يسمع بهما، أمّا عن كلامه فلم يعد يتذكر كيف كان..

كانت عيناه تريان بوضوحٍ كلّ شيء،

ولكنها لم تستطع الإحساس بمعنى النظر؛

كانَ عقله يستقبل الصورةَ ولا يفهمها،

وكذلك السمع، ولسانه لم يستطعِ النطق لأنه فقد خزّانَ كلماته.

كان سؤالاً وحيداً يردده على نفسه في كل دقيقة.

إلامَ أنتمي؟

كان يتردد هذا السؤال في ذهنه منذ زمنٍ بعيد,

ومازال يبحث عن إجابة.

لقد أحسّ بغُربةٍ قطّعت أوصاله، ونزعت أحشائه

واستأصلت بسمته و أتلفت أعصابه

إن معنى الغربة قد تجسّد فيه،

ولفّه كما تلفُّ الأفعى فريستها

إنّه شعورٌ بغيض مقيت،

بأن يشعر الإنسانُ ألا مأوى له وهو بين القصور،

أن يكون جائعاً وأمامه وليمة،

أو أن يكونَ عطشاً لا يرتوي وهو في أحضان النهر،

بل كلّما رأى ذلك زادهُ ألماً وحزناً

وعندما يجني الليل الغريب،

ينظر إلى السّماءِ بعينِ الشوق والحنين،

منتظراً كلّ ليلةٍ أن تمتدّ لهُ يدٌ وتسحبه إلى الأعلى،

أو يدنو منه خيطٌ فيتعلّق به

ولكنه لم يكُن يجد سوى نومٍ عميق، يخفف من آلامه,

كي يجهزه ليومٍ آخر

وهاهو ذا يستيقظ كلّ صباحٍ فيعانق التراب،

ويتلمّس الأشجار، ويتلقّط الأحجار

علّه يجدُ فيهم ضالّته وما يريد..

ولكنّهُ مازال يبحث

عن ذالكَ الشيء الذي إذا رآه

حاوَلَ قلبُه القفز إلى خارج صدره،

وصعد الدم إلى رأسه بسرعةٍ مجنونة

وذابت عيناهُ من وميضِ اللحظة،

وتفجّرَ الحب في شرايينه وعروقه

بل أكثَرَ من ذلك، إنه الانتماء.







ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

عميقة جدًّا

إقرأ المزيد من تدوينات أسيد الطعان

تدوينات ذات صلة