ضرورة التأمل واليقظة الذهنية بالحياة، وكيفية ممارستها، حتى نعيش اللحظة ونستمتع بالحياة اكثر
خلق الله تعالى الأنسان على هذه الأرض, وكرمه وفضله تفضيلا عن باقي المخلوقات في كثير من النعم, ومن أهمها نعمة العقل والإدراك الذي ميز الله بها الإنسان عن باقي المخلوقات, قال الله تعالى : ( ولقد كرمنا بني أدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) الأسراء 70 .
يعتبر التأمل جزء هام في عقل الإنسان, يجب على كل إنسان عاقل أن يمارس التأمل في الحياة، لإن الإنسان يتعرض في الحياة اليومية إلى الكثير من المشاعر والأفكار والمواقف التي تجول في خاطره أثناء التعامل مع الأخرين, وقد يتعرض بصددها للقلق والتوتر في بعض الأحيان , فلا بد من السيطرة والتحكم بها، والتخلص منها بطريقة إيجابية, فمن خلال التعرف على التأمل وممارسته بشكل جيد , يستطيع أن يتجاوز الإنسان جميع الحالات السلبية والعقبات التي يمر بها خلال حياته اليومية وممارسة نشاطاته بطريقة إيجابية وسعادة لا توصف.
ماهوالتأمل:
التأمل تمرين ذهني يقوم به الإنسان للتركيز على شيء واحد فقط , ومنع جميع الأفكار التي تأتي على العقل عند القيام بشيء ما , وقتها يشعر الإنسان بالراحة النفسية والسلام الداخلي , ويبتعد عن القلق والتوتر.
ما هي أهمية التأمل في حياتنا؟
لا سيما أن للتأمل أهمية كبيرة في حياتنا اليومية لممارسة النشاطات والقيام بالأعمال اليومية بطريقة سليمة, وبالتفكير المنطقي , وللبعد عن الاضطراب النفسي والقلق والتوتر, وتجنب أفكار اللاوعي التي غالبا تأتي من غير شعور الفرد، وللوصول إلى حالة الاطمئنان و السلام الداخلي والتحكم والسيطرة على الانفعالات, واتخاذ القرارات الصائبة , والتواصل والتعامل مع الأخرين وتقبل آرائهم وأفكارهم وفهم مشاعرهم بطريقة صحيحة , ويفتح المجال أمام العقل للابتكار وخلق الأفكار الإبداعية، ولا نبالغ لو تحدثنا أن أهمية التأمل تكمن في جميع جوانب الحياة العملية والعلمية والاجتماعية والسياسية وغيرها.
هناك فوائد عديدة:
الحد والتقليل من حالات القلق والتوتر.
الانطلاق بالأفكار الإبداعية نتيجة الصفاء الذهني الذي يتمتع به الفرد، وتحقيق السلام الداخلي والراحة النفسية.
القدرة على المراقبة والسيطرة والتحكم بالسلوكيات والتصرفات أثناء التعامل مع الأخرين .
التأمل واليقظة الذهنية في علم النفس:
أكدت أحدى الدراسات النفسية الحديثة, أن ممارسة تمارين التأمل يوميا لمدة عشر دقائق تحد من مشاعر القلق والتوتر, وتمنع الأفكار التي تأتي على عقل الفرد عند تركيزه على إنجاز مهام معينة , بالإضافة إلى تقوية الذاكرة وزيادة القدرة على التركيز لفترات طويلة. واثبت الدراسة أيضا إن ممارسة التأمل تقوم بتحويل انتباه الفرد من المخاوف الداخلية التي تحيط به إلى العالم الخارجي .
كما أظهرت نتائج الدراسة , إن التنبيه الذهني يتحقق عندما يقوم الشخص بخلق صورة في العقل لشيء معين, ثم التركيز عليه بشكل كلي يمكنه من عدم رؤية أي شيء من حوله سوى هذه الصورة التي رسمها في عقله . ويمكن أيضا وصول الشخص إلى صورة عميقة من خلال ممارسة التأمل وادراك الحياة المحيطة به, وفقا لأسس منتظمة .
نذكر هنا دراسة أجراها أستاذ علم النفس جي ديفيد كريسويل, بجامعة كارنيجي ميلون بالولايات المتحدة الأمريكية , ذهبت إلى أن مماسة التأمل لمدة 25 دقيقة يوميا, على مدار ثلاثة أيام متتالية , تقلل مستويات هرمون الإجهاد, وتزيل التوتر والضغط النفسي, كما أنها تقلل من شيخوخة الدماغ, التي تصيب البشر مع تقدم العمر, ما يؤثر على وظائف الجهاز العصبي المسؤول عن معالجة المعلومات.
وأخيرا كيف نمارس التأمل:
بداية هناك الكثير من الطرق لممارسة التأمل واليقظة الذهنية ومن أهمها التركيز على اللحظة الحالية وعدم الانشغال بالماضي والمستقبل , وسنذكر بعض التمارين العملية التي تمكن الفرد من اكتساب التأمل واليقظة الذهنية, وافضل وقت لممارستها صباحا عند الاستيقاظ ومساءا قبل النوم, تمارس يوميا لمدة 10 دقائق قابلة للزيادة, لكن الأهم الاستمرار في ممارستها يوميا وهي:
الجلوس في وضعية مستقيمة وسليمةالتنفس : يعتبر التنفس من اهم تمارين التأمل وهو قيام الفرد بإخذ الشهيق والزفير من الأنف ويكون من أسفل المعدة مع نفخها قليل عند كل نفس .
الاسترخاء : وهي أيضا عملية مهمة تامر كافة أعضاء الجسم بالاسترخاء.
التخيل : بمعنى أن تتخيل نفسك في مكان تحب أن تكون فيه.
التركيز : أن تركز على نقطة توازن الجسم, وعلى اللحظة الحالية وعدم الانشغال بشيء أخر.
لا شك ان أصبح في حياتنا اليومية الكثير من المتاعب والهموم, والظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها البعض , وظهور التكنولوجيا وتطور وسائل الاتصال، وأصبحنا نعيش في عصر السرعة، وتدفق المعلومات والأفكار التي تحيط بنا, فلابد من السيطرة والتحكم في تأثيرها على حياتنا اليومية , بالتالي فأن ممارسة التأمل واليقظة الذهنية سوف يحد من هذه المشاكل وتجاوزها والشعور بالرضا والسلام الداخلي بإذن الله.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات