عن عائشة رضي الله عنها، قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول :( الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف )
و الآن وبعد أن أديت دورى آن الأوان للرحيل.. أن أرواحنا لا تطيق أن تقيد أو أن تظل حبيسه، مؤخراً أدركت ذلك أو لنقل أنني تأكدت بالفعل أن ما خلقت عليه ليس ما أشعر به فى قرار النفس .
أرواحنا زرعت فى تلك الأجساد وسط كل هذا المناخ و الأحداث المتلاحقة ليس صدفة أن نشعر بأنها غريبة عنا.. أنها لا تألف ما يحدث تهرول فى طريقها نحو ما تشعر بأنه الخلاص، فقط من يدرك أنه خُلق لغايات مُحدده و أن هذه الأجساد تساعدنا للوصول إلى هذا المُبتغى الغير دنياوي.. سيشعر من حين لأخر بهذا التوازن الكوني يسرى فى كامل بدنه الفاني إلى روحه الأبدايه .
ربما منذ زمن بعيد ولدت أرواحنا تلك وعبرت إلى أجساد مختلفة تقوم بدورها فى خلق التوازن المعيشي وتصحح وجهات غيرها من العالمين أرواح شاردة مخدوعة لا تُدرك الحقيقة المجردة للمعاني و الأفعال التى تدور حولها !!
أنها أرواحاً طوافة لم تخلق لنفسها، ضاحكة مُستبشرة لا تملك .. لا ترغب .. لا تكره .. لا تتعلق .. وربما أيضاً لا تهوى .
لا تملك إلا ما تعيش عليه تقنع بالرضا و الحمد لا تطمع أن يكون لديها الكثير و الكثير من متاع الحياة.. تزهد فيما تملك ولا تخشى أن لا تملك، تسعد بالقليل وتعشق البساطة .
لا ترغب لأن غايتها مختلفة تسير بين سرائر المخلوقات تسبَح و تُسبح فى ملكوت رب العالمين لا تسعى للمشاحانات، مبتغاها الآسمى هو المحبة .
لا تكره لأنها تحب ما تراه فى أعماق من تتعامل معه.. تلك البذره الطيبة و الفطرة الحميدة التى خلق عليها، فلا تلتفت لكل تلك الأفعال و الآثار التى ترسخت فيها من غبائر الحياة و لعناتها، ولأنها صادقة ترى فيك ما قد لا تراه بنفسك .. فراسه اللاهيه زرعت فيهم لتستشعر حقيقة المحيطين، فتنفر أن تتعامل أو تتواجد فى أجواء تلك الأرواح الخبيثة .. لا تقبلها ولا تشعر بها مريحه لثقلها على القلب .
ولأن حياتها لغايات متنقلة هى لا تجيد التعلق لا تحمل أى من الصفات المكروهه و التي ينبع عنها أنها لا تجيد التعلق، بينما على ما أظن لأنها تمثل أدواراً مختلفة ما لا يُسمح لها أن تقيد بمكان أو زمان أو شخص فهى لا تقسوا، ولا تجفوا ولكنها أن أحبت.. أصطفت فى الأشياء و الأشخاص أصلها بأعلى درجات العشق.. أن تحب روح الله فيهم.. الحب المطلق لا لسبب أو لغرض .. حباً لا منتهي .
لذلك قد لا تهوي.. أنها أرواح مفارقه فلا تَعجب !! ما أن تتم عملها و الذى ربما قد لا تكون على علم به أنما يضعها خالقها فى الزمان و المكان وتحاط بظروف ومناخ مهيئ خصيصاً للوصول إلى نتيجة قدرية حتمية، فإن حدث المُراد يكون قد آن الأوان بالرحيل .
أنها أرواح نقية خلقت من نور الخلق، تسير على نهج الرُسل و الأنبياء فى أقتضاء الفعل لا مقاماً أو وصفاً، و أن كان من الحَسن أن نسلُك طريقهم تيمُناً بمحاسن الوصف، رزقوا من البصيرة ما يعلوا عن تبصُر الأعين .
ولكن فى النهاية تلك الأرواح تسكن أجساد بشرية تسير على صراط الدنيا كغيرها تخطئ وتصيب.. فيصيب صفو رداءها الأبيض غبائر الدنيا وملوسات شياطيين الجن و الآنس، فقط من يدرك أختلافه ويستشعر كونه غريباً ويستطيع أن يسلك طريق البحث نحو الحقيقة ليعثر على الأجوبة المجردة من زيفها المرتدي زى الفضيلة بالكذب.. ستشرق بداخه شمس المعرفة ويتضح له تفاصيل غرابته تلك.. سَيُنزل الله على قلبة السكينة وعلى روحه الطمأنينه وعلى عينة السلام المُبصر فيأذن الله أن تتجلى له خبايا القدر في نفوس البشر .
و أليكَ بــ ملحوظة ونصيحة ...
أما الملحوظة .. أن كنت من هؤلاء المستشعرين بالغرابة و الحيرة فلا تقبع روحك فى أى من الطرق تسلك، أهدء فليس من المطلوب أن تعثر سوي على نفسك وتخطوا خطواتك الأولى نحو سلامك الداخلى وما أن تصل ستتغير نظرتك لكل الأمور المحيطة بك.. وكذلك ردود فعلك فى التعامل معها .
وعن النصيحة .. فقط لا تعبث مع أحدهم !!
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
مقال رائع بالتوفيق ان شاء الله