لم تنته رحلنتا بعد .. بل مازلنا على أول الطريق ...
لا بد لكل إنسان يطمح إلى النجاح أن يخطط له، وقبل ذلك عليه أن يدرك ماهيته وماذا يريد في هذه الحياة، ويحدد قيمه وشغفه الحقيقي، ثم يضع قائمة بأهداف بعيدة المدى ويقسمها إلى أهداف قصيرة المدى يقوم بتجزئتها إلى خطوات أصغر تسهل عليه مهمته.
لكن هل يكفي أن يخطط الإنسان لمستقبله ويحدد قيمه وأهدافه كي ينجح؟ لا شك أن ذلك سيضعه على أول الطريق، لكن السبيل إلى اقتحام العقبات ومواجهة الصعوبات والاستمرار رغم كل التحديات يكمن في قدرة الإنسان على التحكم بأفكاره وتوجيهها بما يخدم مصالحه.
فلا فائدة من خطة عبقرية ما دام صاحبها غارقاً في رثاء الذات، وذكريات الماضي المؤلمة، وهواجس المستقبل، ويعاني الضياع والتشتت الفكري وعدم التركيز على أهدافه؛ ذلك أن المركبة لا يمكن أن تصل إلى الوجهة المقصودة إذا كان محرك المركبة المسؤول عن تشغيلها معطوباً أو فيه خلل كبير، أليس كذلك؟!
لذا، فمهمتك الأولى بعد التخطيط الجيد لأهدافك هي أن تبرمج عقلك على النجاح، فمعظم الناس مبرمجون منذ الصغر بطريقة خاطئة، لذلك يخفقون في حياتهم دون أن يدركوا الأسباب الكامنة وراء إخفاقهم في كثير من الأحيان.
إن واقعك اليوم هو نتاج لأفكارك في الماضي، ما يعني أن مستقبلك هو نتاج الأفكار التي قمت بتغذيتها في الحاضر، كما عبّر عن ذلك بليز باسكال عندما قال:
يقع مكانك اليوم حيثما أحضرتك أفكار الأمس، وسوف تكون غداً حيثما تأخذك أفكار اليوم
فالإنسان الذي يتحكم بعقله ويقوم بتغذيته بالأفكار الإيجابية كل يوم، يصل إلى مراده ولو بعد حين. أما الشخص الذي يترك عقله يتحكم به ويقوم بتغذيته كل يوم بالأفكار السلبية المدمرة من استرجاع لذكريات الماضي والخوف من المستقبل لا بد أن يخفق في حياته.
في كتاب قوة الآن لمؤلفه "إكهارت تول"، يتحدث الكاتب عن قوة العقل، وكونه أداة رائعة إن هو استُخدم بشكل صحيح، في حين يغدو أداة مدمرة في حال استُخدم على نحو خاطئ. وعادة ما نظن أننا نستخدم عقولنا، لكن الحقيقة هي أن عقولنا هي التي تستخدمنا، وهنا مكمن المشكلة.
إن كنت تظن أنك مجرد عقل فأنت مخطئ، لأنك كيان أعظم من ذلك بكثير، وما العقل سوى أداة تستطيع تطويعها لخدمة مصالحك بدلاً من أن تكون سلاحاً مدمراً يفتك بحاضرك ومستقبلك.
إن إدراكك بأن التشاؤم والسلبية لأي سبب كان لن يوصلك إلى أي مكان، ولن يغير من واقعك شيئاً، هو نقطة الانطلاق الأولى لتغيير أفكارك وبرمجة عقلك على النجاح.
نحن الآن في سنة 2020م حيث بدأنا هذا العام بسلسلة من الأحداث السلبية وصولاً إلى تفشي فيروس كورونا في كل مكان تقريباً، والذي ما نزال نعيش تداعيات ظهوره حتى اللحظة، مما يجعل بعض الناس يتّخذون ذلك حجة لتبرير تقاعسهم عن تغيير حياتهم.
لكن الواقع أنك أنت المسؤول الأول والأخير عن واقعك الحالي والمستقبلي، لا الوضع الاقتصادي، ولا وجود فيروس من عدمه، ولا شخص آخر ولا أي ظرف خارجي.
إن النجاح يبدأ من ذاتك، بل يبدأ من عقلك حيث تتشكل الأفكار التي إما أن تكون داعمة لك على طول الطريق أو مثبطة لعزيمتك ومانعة إيّاك من تحقيق مرادك.
وبإدراكك أنك المسؤول عن حياتك ومصيرك، وبأن الأفكار الإيجابية وحدها القادرة على تفجير الطاقات الكامنة بداخلك، تخطو أولى خطواتك نحو القمة.
فألقِ عن كاهلك كل الأفكار السلبية، وعاهد نفسك منذ اليوم على اعتناق الأفكار الإيجابية الداعمة فحسب، والتركيز على الحاضر من خلال العيش في اللحظة الراهنة، وعدم تسليم عقلك للماضي وذكرياته أو المستقبل المجهول وهواجسه. عندها فقط ستشعر بطاقة هائلة تسري في عروقك وبرغبة عارمة في العمل وصولاً إلى تحقيق أهدافك وأحلامك.كان الراحل إبراهيم الفقي يردد دائماً مقولته الشهيرة:
عش كل لحظة كأنها آخر لحظة في حياتك، عش بالإيمان، عش بالأمل، عش بالحب، عش بالكفاح، وقدّر قيمة الحياة
تابعني ليصلك كل جديد.
شارك ما تعلمته لنستفيد من تجارب بعضنا البعض.
ألقاك في التدوينة القادمة بإذن الله.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات