الحب و الاهتمام علاج للطفل من كل أمراضه النفسية، وأكثر ما يؤلمني أن يصاب أطفالنا بهذا المرض وقد تسلمناهم من خالقنا معافون من كل عيب




الأمر جلل، فعندما تصل نسبة الأطفال المصابين بطيف التوحد إلى 40%، وعندما تصبح قناة تلفزيونية تدعى (طيور الجنة) أشبه بيمامة بيضاء يلعب بها الأطفال وهي في الحقيقة مصابة بأنفلونزا الطيور، أصبح اسمها مربوط بإصابة الأطفال بالتوحد، قد تكون لا تعرفها ولكن الفضول يدفعك للبحث عنها وتضغط في ثقة وتردد لتأتي القناة الملعونة، لا تجد أكثر من رسوم متحركة وأغانى الأطفال ولكنك توقظ نفسك بسرعة قبل أن تخطفك الجنية التي تسكن القناة، وتناديك (النداهة)، فتحرك المؤشر مبتعدًا لأي قناة أخرى، ماذا يحدث؟


يحدث لبس لدى كثير من الأسر بين الأمراض التي يصاب بها أطفالهم نتيجة لوجود خلل كيميائى أو تلف معين بالمخ وبين الأمراض التي تحدث لأسباب نفسية واجتماعية، ولعل هذا ما يجعل الأمر معقدًا وما يجعله أكثر تعقيدًا تأثير ذلك على مستقبلهم، نعم فهناك الطفل المصاب بالصرع الجسمي الناتج عن تلف فى المخ والذي قد يرجع في الأغلب لأسباب جينية، ويبقى هذا الطفل على هذه الحال فترة يطول أمدها مع العلاج، أما الطفل المصاب بالصرع النفسي فتظهر عليه نوبات كنوبات الصرع هو لا يدعيها، فهو ليس كاذبًا ولكنها حيلة نفسية يقوم بها جسده بالتآمر مع جهازه العصبي للفوز بمكاسب معينة على الأغلب تكون اهتمام الأبوين وتدليلهما والهروب من الأدوار المنوط به القيام بها كالذهاب للحضانة، أو لعب دور الأخ الأكبر لوليد جديد وهكذا، بالطبع يمكن للطبيب من خلال الفحص والتحاليل تحديد نوع الصرع ويمكن لك بالمنزل أيضًا أن تعرف، فمريض الصرع يسقط على الأرض بأي وضعية تحكمها وتحددها النوبة فقد تفتح رأسه ويكسر عظمه وحتى يخسر حياته، أما صديقنا الآخر تأتيه النوبة بحيث يلفت الانتباه ويسقط على الأرض ولا يتأذى كثيرًا، هنا نؤكد مرة أخرى أنه لا يكون على وعي بما يفعل.


النوع الأول هو طفل لديه إعاقة جسمية ويحتاج لعلاجات دوائية وجسمية، أما الطفل الثاني فهو بحاجة للاحتواء والعلاج النفسي والمعرفي والسلوكي، وهنا نعود للتوحد مرة أخرى فهو مرض خطير أسبابه غالبًا تكون جينية، أو بيولوجية وهذا يعنى أنك تجده مرضًا مصاحبًا لأمراض أخرى كأن تجد طفلًا مصابًا بالصرع والتوحد وفرط الحركة في آن واحد وقد يكون لأسباب مناعية نتيجة لاختلاط أجسام مضادة لدى الأم بكرات الدم البيضاء لدى الطفل الحاملة لهذا الجين، وأعراض هذا المرض تبدو في تأخر النمو المعرفي والحركي واللغوي والاجتماعي للطفل، يبدو منعزلًا عن عالمنا يكون لنفسه عالمًا جديدًا، لا ينفعل معك لا يردد خلفك، لن يلتفت إليك مهما فعلت، يميل للحركات النمطية كأن يتململ بطريقة معينة أو يظل ينظر إلى مروحة السقف طوال الصيف ويبكي بشدة عندما تنطفئ فى الشتاء.


وأكثر ما يؤلمني أن يصاب أطفالنا بهذا المرض وقد تسلمناهم من خالقنا معافون من كل عيب، ولكن أمهاتنا العزيزات لم يتحملن عبْء الأمومة فأصبحت تضع الوليد أمام التلفاز لتذهب لتعد الطعام لزوجها وتنظف منزلها، أو لتهتم بالأبناء الأكبر، أو حتى لتتركهم وتخرج للعمل، أنا لا ألوم على أحد ولا أقلل من الجهد الذي تبذله الأمهات، ولكن عفوًا هل أتى هذا الطفل إلى الدنيا برغبته أم أنها كانت رغبتك أنت، أنت سبب وجوده ومسؤولة عن حمايته مهما كلفك ذلك، فالحياة ياصديقتي مراحل وفي هذه المرحلة الطفل مقدم عليك وعلى زوجك وعلى طعامه الذي تركت طفلك للتوحد لتعديه، وإن كان لومي الأكبر على الأم لأني أراها فشلت في أن تتحرك بغريزة الأمومة كما تفعل الحيوانات إلا أنني لا أعفي الزوج الذي يعود ليبحث عن طعامه ولا يسأل أين كان طفلنا عندما جهزت الطعام ونظفت المنزل وتزينت لزوجك، وقد يطلقها أو يتزوج عليها إن لم تفعل.


الحب والاهتمام علاج للطفل من كل أمراضه النفسية، لا نقول بالغ فى تدليلهم حتى يتحول البيت إلى (مارستان)، وبالطبع سأحذرك من الوسطية في المعاملة بمعنى أن تتشدد في مرة وترخي في مرة أخرى لأنك هكذا تفسد له نظامه المعرفي، فمرة ترفض الأمر وتثور وتغضب ومرة أخرى تقبله وتبتسم فتضطرب معرفته هل هذا صواب أم خطأ، وإياك وإياك من نظام (الأم تشد والأب يلين) أو العكس فسيكره الطفل أحدكما ويشب مشوه النفس والعقل، لا تحتر كثيرًا يا صديقي فليس مطلوب منك أكثر من الحزم الحنونن كن دائمًا حازمًا فيتعلم أن الخطأ خطأ على أية حال وكن حنونا ليتعلم الاطمئنان، وأنه يخرج للحياة فاتحًا صدره وقلبه وعقله ومتكئًا بظهره عليك.


أما الطفل الذي أصيب بالتوحد بسبب التلفاز أو الهواتف الذكية أو أجهزة الكومبيوتر الصغيرة يحتاج إلى إعادة تأهيل، فهو أشبه بالطفل الذي تربى مع الذئاب أو القردة أو الكلاب، فهذا الطفل تربى مع الشخصيات الكرتونية والصور السريعة والألوان الخاطفة والإيقاعات الموسيقية، فأصبح يشبه كل هؤلاء، اكسري له البلورة التي أحاط بها نفسه وتشبه بلورة التلفاز، أملئي حياته بالكلمات والانفعالات أبلغيه مائة مرة أنك تحبيه وستستعيدينه من حيث ذهب وأعدك أنك ستستعيدينه، ولكن يفضل الاستعانة بالمختصين وطلب الدعم من العائلة لتعبري ويعبر معك فوق الألم.


وفي النهاية لن أوصيكم بأولادكم، لأنهم أولادكم وليسو أولادي، ولكني فقط سأقول مرض التبول اللاإرادي قد يبدو لك مجرد عرض تافه مقزز ليس أكثر، وقد يكون سببه شعور طفلك بالخوف وفقدان الحب وعدم الأمان أو حتى التمرد السلبي عليك والرغبة فى إيذائك بشكل غير مباشر، أتدرين ماذا يحدث إن لم يعالج هذا العرض، أتدرين معنى أن تكون مراهقًا أو مراهقة تعاني من التبول اللاإرادي؟ أنا لن أحدثك عن الخوف والقلق والشعور الرهيب بالخزي والمذلة، ولكن أتدرين أن هؤلاء المساكين يشعرون وكأنهم مصابون بالعجز الجنسي، فلا يمكنهم أبدأً أن يتزوجوا أو ينجبوا، أتدرين؟! كلا سوف تعلمون، ثم كلا سوف تعلمون.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات مدينتنا غير الفاضلة ارحلي

تدوينات ذات صلة