هل سبق أن كتبتِ؟ أن أحببت؟ هل يا ترى، استطعتِ أن تقومي بالأمرين سوية؟ يا بختك! إنّه الحب الذي تضجّ به الأنفس، تضيق به الحروف.

"إنّه نصٌّ جميل!"

احمرّ خدّاي من الخجل.

لقد كان النص عن الحبِّ، وكان لزاماً عليّ أن أتميّز في خطوتي الأولى لالتحاق بالمدرسة الجديدة: اختبار الدخول. فجأة، كان عليّ أن أشعر، أن أصِف، أن أحبّ ثم أن أكتب.لاحقاً، كتبتُ حبّ الكثيرين، لكنني غالباً ما تهرّبت حين جاء دوري في الكلام. كنتُ أخاف أن أكتب ثم أرميَ كلاماً جميلاً كما تفعل الكثيرات.

أخذ الأمر مني وقتاً حتى اكتشفت أن لا خجل في قصّة قديمة مبتورة النهاية، وأنّ اللواتي ترمين الكتابات بائساتٌ لا تقدّرن مشاعرهن. لا تكون النصوص الجميلة كاذبة أبداً، بل إن صاحبها ينتقل من الخاصّ إلى العام حين يرحل أو ترحل، وهكذا يصبح رونقها أبهى وأنقى.

قيل لي مرات أنني "لم أمرّ بسنّ المراهقة". لكن الواقع كان أنني كنتُ أغلّب عقلي كثيراً، حتى لمّا وصلت اللقمة إلى الحلق، وأزهرت بوادر المشاعر اللطيفة، واستقرّ الحب في القلب، انطفأت الكلمات.صرتُ أخجل أن أكتب، بل أصبحت أتخيل مجهراً عليّ يدقق نصوصي ويرمقني مستنكراً.

لحظات كثيرة لم يَسِل حبراً وصفها الضائع في الفم... كنتُ أدرك أنّ الكلمات لا تُكتب نَفسُها مرتين. وأن السرّ في الزمان، يصنعها، يهذّبها، ثم يدفعها إلى الواجهة. لقد خبِرتُ ذلك حين بكيت على نصوص محوتها بالخطأ، أو فقدتها بين ملفّات الحاسوب الكثيرة... لذا، عزمتُ على البوح في رسائل خاصة كمن يحدّث صديقه عن يومٍ شاقّ.

في ظل هذه الحرب الضروس، بيني وبين الحروف، على مدى سنتين، أحببت نصوصاً كثيرة ك"أوراق الورد" للرافعي. كانت تؤنسني وتذكّرني بروعة الحب الأنيق مصطفّاً في مخطوط أو على شاشة حاسوب. كما أحببت نصوص "نادر الرنتيسي"، يحيك النصّ كقصّة تنتفض مئة مرة قبل أن تحكى... أحببت "فهرس" سنان أنطون، حيث الحبّ يطال الشجر والطير والبشر...وأحببت الأرض التي أحبَّتها بطلة "السبيليات" للمرحوم إسماعيل فهد إسماعيل...

لربما كان عليّ أن أفهم لغات الحب وأشكاله جميعاً، حب الموسيقى والأنماط والألوان، حب الجمادات والنباتات والحيوان، لأفهم أخيراً، كيف يمكن أن أحبس الحبّ بكلماتٍ قليلة، يفيض عنها واقعاً، لكنها تزيده طول حياة.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات حنان فرحات

تدوينات ذات صلة