أصبحت ميس الورد اسم عالمي موثوق من قبل المستخدمين، ويرجع السبب الرئيسي لثقة نور خريس بعمله، و بشركته، وفريق عمله
عن نور خريس
نور كان طفل مستكشف، يحب الأجهزة الألكترونية، ويلفت انتباهه كل ما هو جديد ومتطور، ويحب الألعاب كثيراً، ويقرأ دائماً مجلات الأطفال التي تحتوي على الكثير من الرسوم، وكانت تجذبه الأجهزة الالكترونية داخل
المنزل، في يوم ما قام بتفكيك جهاز حاسوب لأنه تعطل، وأراد إصلاحه فجاء والده وقال له: “مش مشكلة خرب الجهاز، كمّل بس تعلم المرة القادمة من أخطائك، ولا تكررها وكل شي بيتصلح!”، فكان والده يعطيه دائماً فرصة للتعلم فقام نور وهو بعمر صغير، بإصلاح الجهاز ، كما أنه يحب الرياضة الجماعية وكان يلعب مع فريق مدرسته، وفريق نادي الحسين في إربد رياضة كرة القدم، ويختار أن يكون حارس المرمى.
العلاقة طردية بين صغره وكبره، ففي كل عام، كان يزيد تعلقه بالتقنيات، والإلكترونيات، ويكبر معهما، وفي عام ٢٠٠٣ أسس شركة ميس الورد المتخصصة بتطوير وصناعة الألعاب، ولا يزال يحب العمل مع الفريق، ودائماً يكون حارسهم، ويحميهم، ويحرص على تقدمهم إلى الأمام، وهكذا بدأت قصته من الحلم، إلى العالمية.
نور، الذي يحمل شهادة البكالوريوس من تخصص الهندسة الزراعية “وقاية النبات”، التخصص الذي درسه بقرار ذاتي، والسبب هنا تعلقه وافتخاره بإنجازات أخته الكبيرة التي كانت تعمل بهذا التخصص في كندا، ويعتبرها مثاله الأعلى في العمل الجاد، والجدير بالذكر أن والده يمتلك مزرعة في جرش، وهو بمثابة عمل العائلة.
بسبب حُبه، وشغفه بالتكنولوجيا والتقنيات الجديدة، لم يعمل بالتخصص الذي تخرج منه، بل اتخذ قرار الدخول في مجال صناعة الألعاب للأجهزة الخلوية، وبدأت رحلته التكنولوجية منذ أواخر التسعينات، ويقول:” كانت تستهويني فكرة الأجهزة الخلوية، والقوى الخارقة الموجودة في هذه الأجهزة الصغيرة”.
بدايات "ميس الورد"
أثناء عمله مع شركات مطورة لمحتوى الأجهزة الخلوية، كان يقترح دائماً أفكاراً متطورة في هذا المجال، ولكن لم يصغي له أحد، وفي يومٍ من الأيام، وأثناء حديثه مع أخيه، قال له أنه يريد أن ينشأ شركة خاصة به، تتعلق بالتكنولوجيا، لكنه وفي حينها لم يقرر أن تكن مختصة بتطوير الألعاب.
بعد عامين، قرر نور أن يسعى وراء حلمه وسجل شركته الخاصة “ميس الورد”، تيمناً بمزرعة والده، التي تقع في جرش، ومعنى ميس هو “الافتخار” وورد “اسم من أسماء الأسد”، وعندها قرر نور أن يختطف هذا الإسم من والده ويدخله إلى عالمه الخاص، ولكنه لم يقرر حينها ما هو المحتوى الذي سيعمل عليه.
كان يشارك بالكثير من المؤتمرات المختصة بالثورة الصناعية، يذكر أنه في عام ٢٠٠٢ كان مشارك في مؤتمر في فرنسا، وكان يسمع كلمة “المحتوى” كثيراً ويسجلها على ورقته، حيث كان المؤتمر حول تكنولوجيا الهاتف الخلوي، وتطويره، وأنه بالرغم من التقدم الذي وصلت إليه الأجهزه الخلوية لا يزال هناك فجوة في المحتوى الترفيهي القوي.
بعدها حضر برنامجاً آخر، في فرنسا ايضاً، حول الألعاب، وهو بطبيعته يعشق الألعاب، فأثار إعجابه، فقرر أن يربط شغفه وحبه بالمحتوى الذي ستقدمه “ميس الورد”، وهنا بدأ رحلة التفكير وبلورة الأفكار لتقديم محتوى ألعاب للأجهزة الخلوية.
لم يخطط لشيء، وهو بطبيعته عاطفي، فكان يمشي وراء أحاسيسه، ولكنه كان يثري وقته بالقراءة عن المشاريع الريادية وكيفية تطويرها؛ أهم ما استنتجه حينها أنه يجب أن يعمل مع فريق يفهمه، ويكون على دراية بالتحديات التي ستواجهه، حينها كان لا يزال في فرنسا، فقرر العودة إلى وطنه الأم ويكمل طريق “ميس الورد” هناك ولأن الوطن العربي كان هدفه الأساسي منذ الأزل، عاد الى الأردن.
في بداية عمله في عمّان وإربد، كان يفكر بطريقة غير تقليدية للترويج عن شركته، في حين لم يعلم أحد بوجود هذه الألعاب على الهواتف، عندها؛ لاقى صعوبة كثيرة من خلال استقطاب الناس للعمل معه في هذا المجال، لدرجة أنه كان يذهب للجامعات الأردنية ليقابل الشباب، لإيجاد العقول المتفتحة التي تثير اهتمامها التقنيات والالكترونيات، وتطويرها، ولكن، للأسف، لم يفهمه أحد؛ هنا جاء قراره للسفر إلى أوكرانيا، لأنه يعرف مختصين في هذا المجال هناك، وكان يخصص يومين شهرياً للسفر هناك لكسب الخبرات في هذا المجال، وكان يساعدهم بترجمة الألعاب إلى اللغة العربية، والفرنسية، والانجليزية.
“سبايدر مان” أولى الألعاب التي غيرت مسار “ميس الورد”، واستطاع من خلالها استقطاب الجماهير، وكانت بالتعاون مع مطورين ألعاب عالميين، حيث قام نور بتطوير محتواها للتناسب مع المستخدمين في الدول العربية. وما كانت الا البداية!
التعاون العالمي في “سبايدرمان” جذب انتباه الشباب الأردني، وتعلموا منظومات تطوير الألعاب التي تخص الجهاز الخلوي، مما شجع “ميس الورد” على تكوين أول فريق عمل في عمّان وإربد، ولكن القدرات المكتسبة لم تكن كفيلة بتصميم لعبة كاملة، مما دفعه للاستثمار ببناء فريق عمل خارج الاردن، بالتعاون مع شركة “Siemens“ لأجهزة الخلويات، ومن خلالها صممت أول لعبة عربية المصدر بمحتوى عربي، “المحبوسة” وهي عبارة عن لعبة الطاولة.
في البدايات، لم يكن هناك متاجر تطبيقات لبيع الألعاب، وكان لابد من التعامل مع شركات الاتصالات لبث المحتوى عبر الهواتف للوصول للمستخدمين، حيث كانت التكلفة عالية بالنسبة لما تقتطعه الشركات وتكلفة انتاج الالعاب، وكانت معظم شركات الاتصالات غير مؤمنة بقدرة “ميس الورد” على إثراء محتوى جيد، وتطلب منهم محتوى عالمي لبثه، مما دفع “ميس الورد” الاستفادة بأكبر قدر ممكن من الكوادر البشرية بهدف تخفيف المصاريف على الشركة، وإثبات قدرة فريق عمله الأردني بإنتاج أفضل جودة من هذه الألعاب.
في ظل وجود متاجر التطبيقات على الهواتف الذكية الآن، زال العبئ القديم، وأصبح لميس الورد اسم عالمي موثوق من قبل المستخدمين، ويرجع السبب الرئيسي لثقة نور خريس بعمله، و بشركته، وفريق عمله الذي تحدى معه وعمل جاهداً لمواكبة التطورات.
"ميس الورد" الآن
حالياً “ميس الورد” شركة مطورة للألعاب الألكترونية تخطت جميع الحدود الجغرافية عبر شبكة الإنترنت، ويقول نور تعليقاً على هذا “بالرغم من وجود الحواجز والحدود، لا يوجد مستحيل في السوق التسويقي، وأعتمد دائماً على المحتوى الجيد والجودة العالية، وطريقة مميزة في تقديمه، والحرص على ضمان الاستمرارية، وهذا ما أعلّمه لفريقي”، ويتكون الفريق من ١٧ موظفاً يعملون في المكتب الرئيسي في عمّان، ومكتب في مصر يضم ٣ موظفين، ومكتب آخر في بريطانيا بموظفيّن.
يشعر نور بالفخر والاعتزاز بفريقه، وهم من فئة الشباب، لأنهم أكثر فئة عمرية تنجذب للتكنولوجيا، لا بد لأنهم ولدوا في عصر الثورة الصناعية، وقادرين على مواكبة وفهم البرمجيات، ومن الجدير بالذكر أنه قبل ثلاث سنوات، اتخذت “ميس الورد” قرار أن يكون عدد الفتيات العاملات أكثر من الصبيان، واستنتج أن وجود الفتيات في القيادة يجعل العمل أفضل، ولاحظ فرق كبير من ناحية الترويج، والبيع.
ويقول نور: “وجود الفتيات في مراكز قيادية، تجعلنا فخورين بنموذج الفتيات الأردنيات والقياديات، وهدفنا الأساسي تعزيز قدراتهم”.
عن المحتوى
عند صناعة محتوى الألعاب، يفكر نور دائما ببناته، وعن المحتوى الذي يناسبهم، ويتعامل معهم كمُختبرين للألعاب، ويقول: “عندما اصنع الألعاب أفكر دئماً ببناتي كمستخدمين، وهم بمثابة مختبرين للتجارب الأولية لكل لعبة، فيجب أن يشعروا بالفخر عندما يلعبون هذه الألعاب”
وأضاف “ابتعد عن صنع المحتوى الذي فيه طابع سياسي، أو ديني، أو فيه نوع من التمييز، وأرفض أي مشروع يشمل هذه المواضيع”
محتوى الألعاب متنوع، ويناسب الكثير من الفئات العمرية، ولكن لاحظوا أن أكثر الفئات العمرية المستخدمة هي من عمر ١٣-٢١، متساوية بين فتيات وشباب، ونسبة المستخدمين ٤٠٪ من الوطن العربي، و٦٠٪ موزعة من دول أوروبية وغربية.
وأضاف: “ يهمني دائماً أن أفكر في العالمية، ولكننا نعمل محلياً، أي نعمل في ميس الورد على إثراء محتوى عالمي، ونأخذ أهمية احترام الثقافات المختلفة في كل دولة” .
لا تخلو ميس الورد من محتوى الواقع الإفتراضي، والواقع المعزز، وأكد نور على أهميتهما ويعمل دائما على تقريب العالم الحقيقي الى الافتراضي، والعكس، وأضاف قولاً: “ انا مؤمن جداً بالعالم الافتراضي، والعالم المعزز، وأعتقد أنها أدوات إجبارية أن تكون في حياتنا، وإضافتهم في مجال التعليم والدراسة، حيث لهم تفاعلية مختلفة عن أي تقنيات اخرى”.
كان محظوظاً نور باستخدام الذكاء الاصطناعي في شركته منذ وقت مبكر، وعمل على إدخاله في “ميس الورد” منذ عام ٢٠٠٤، حيث كانت الشركة في مرحلة النمو، ولتوظيفه بالطريقة الصحيحة كان هناك دراسة كاملة لكيفية لعب المستخدمين، من ناحية درجات الذكاء المتفاوتة، ودرجة المنافسة عند اللعب مع طرف آخر.
التحدي كان كيفية توظيفه بطريقة جاذبة تجعل المستخدمين منافسين للجهاز الذي يلعبون معه، وقاموا بتجميع بيانات الجماهير، من ناحية العمر، والجنس، ومحتوى الألعاب التي تجذبهم، من خلالها طوروا نظامهم في الذكاء الاصطناعي ليتناسب مع الجماهير.
الهدف االأساسي من إدخال الذكاء الاصطناعي في الأعاب هو إزالة الفجوة بين اللاعب الحقيقي والذكاء الاصطناعي، ليشعر الفرد أنه يلعب ضد أشخاص آخرين، وكيفية اللعب مع مستويات متفاوتة.
رسالة للشباب من نور خريس
وجّه نور رسالة للشباب المهتمين في مجال الريادة والأعمال، والتكنولوجيا، وقال: “ لا يوجد شيء مستحيل، ولا يوجد تفرقة بين الشعوب في عصر الثورة الصناعية، ولكن كن مستعداً للمطبات التي من المحتمل أن تواجهها، حيث لا يخلو عمل من عثرات، والطريق ليست سهلة، ولكن تسلح بالثقة، ثق بنفسك، وبالآخرين، ونصيحتي، فكر دائماً الإمام، وضمان استمرارية عملك أكثر من التفكير بالجانب المادي، واتبع احساسك دائماً”.
بقلم هبة سكجها
التعليقات