تتساءل الآن وما نوع هذه الحياة؟! وما السبيل لنحياها؟! وما الجدوى من حياتنا العادية أصلا؟!
كثيرة هى التساؤلات التى أثارها مُجرد عنوان إما تساؤلات ضمن آلاف الاسئلة الأخرى، والتى أيضا يقف العديد منا أمامها حائراً دون إجابة عليها حتى مع تلك الأسئلة سهلة الإجابة... أحياناً كثيرة نقف أمامها _رغم سهولتها_ لأن الصعوبة لا تكُمن فى الإجابة، بل تكمُن فى الفعل الحتمى التابع للإجابة عليها وهو التنفيذ، تلك الكلمة - ذاك الفعل - الذى ألغيناه عمداّ مع سبق الإصرار والترصد من حياتنا، ألغيناه لنعيش كما يحلو لنا وكما نريد فى دائرة مُفرغة من الحوارات الجدلية التى لا طائل منها !!ولكن ما هى الحياه حقا؟؟ وما معناها الصحيح؟ وما جدواها الحقيقى ؟
إنها ببساطة معنى مُشترك بين كافة الأديان السماوية والأصول والأجناس واللهجات، معنى واحد شمل البشرية ... هو تعمير الأرض ... غرس بذور الخير ... لتعيش جموع بنى الإنسان فى خير و سلام، فهل منا أو منهم من نفذ تلك المبادئ البسيطة!. بل إننا على العكس نهرع إلى كل ما هو ضار لنا ونرتمى فى أحضان هلاكنا ونزحف طواعية إلى كل قوة مُدمرة لوجودنا وأحيانا كثيرة نتنازع لإعلاء – أنا- أنا التى هى سر أسقامنا!.
تلك هى الحياة الزجاجية التى صنعناها وسجنا داخلها أنفسنا بمحض إرادتنا وأخذ كل واحد منا يبنى حوله بيتًا زجاجيًا، سجنا مُحكمًا، بل مدارًا كاملا مترامى الأبعاد يدور فيه حول نفسه، أحاطه بالتدابير الواقية متوهمًا بهذا حمايته من حرية الآخرين، متوهمًا الحفاظ على حريته متوهمًا أنها الحرية فى أسمى معانيها، بل مُطمئناً بأنه سيظل بأمان طالما هو داخل فلكه الخاص .. لا يعى .. لا يُدرك ..لا يشعر بمن حوله! ويفعل ما يحلو له .. يضحك على هذا .. ويسخر من ذاك .. من خلف أسواره الزجاجية .. شاكرًا عقله ونفسه على توفير الحياة المثالية له وحده وسط أولئك الغوغاء!.
لذا صار الحوار المُشترك بين أى طرفين "تهديدا" لفلك حياة كليهما وتدميرًا لأوهامهما، فالحوار صار صـــدامًا وشـقـاقًا وتـصـدعًا وطردًا من فلكه بلا عودة. وهكذا أصبح كل منهم يسير فى فلكه الزجاجى الخاص به غير مُكترث بما يجرى حوله بل غير مُلتفت البتة لأى شىء، بل صار شغله الشاغل ليل نهار تحصين أنايته المتمثلة فى فلكه الزجاجى بالمزيد من التدابير الأمنية فبات اللون أسود حتى لا يرى، غليظاً حتى لا يسمع وذا أسوار عالية حتى لا يشعر أو يستشعر ما جرى من حوله!. نسى فى خضم مخاوفه وتوجساته من الحرية بأنه هو من حرمها على نفسه لا الآخرين ونسى أن أكسجين الحياة محدود للغاية بداخل ذلك المدار الزجاجى السقيم، ولم يستوعب بأنه عما قريب سيختنق حتى الموت دون أن يجد له مُنقذًا داخل فلكه الذى صنعته يداه وأحكم إغلاقه، ولعله لو كان تأمل للحظة حوله لوجد أن هناك احتماليات لتعايش جماعات بشرية دون حدوث كارثة أو فاجعة أو صدام أو شقاق أو ما يخشاه.
ليته كان نظر قليلا فى صفحات تاريخ أجداده، لعله كان أدرك حينها أن الإنسان كائن اجتماعى مُتحدث بالفطرة، لأدرك أن البشرية فى بادئ عصورها السحيقة عاش الإنسان فى جماعات - سُميت بالقبيلة- ثم تتطورت على تعاقُب العقود والسنوات حتى صار بالشكل المُجتمعى المُعاصِر الذى بات هو الآخر رهن الانقراض والتآكل.
لو نظر خارج سجنه الزجاجى لشاهد حوله العديد من البشر الذين حطموا صوباتهم الزجاجية بالفعل، عاشوا فى حضارات راقية سويا فسعدوا بالحياة وسعدت بهم البرية، نعم هناك من استطاع التنفيذ وعاش بسعادة وحرية وعزف مع إخوانه من بنى البشر أجمل الألحان، رغم أحلك المحن، سطروا للتاريخ صفحات مُشرقة تحتفى بأمجادهم، مليئة بمعان الإخاء والتفاهم والسلام والحرية. وأنت متى ستحطم فلككـ الزجاجى، وتخرج للحياة؟
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
لو تحرر من سجنه الافتراضي 😍 صدقتي 👏
كلش وااايد مبدعة 💕💕💕
تحفة😍