عودة آمنة صحة نفسية مدرسية دور برامج الصحة النفسية
يقضي الأطفال والمرهقون قدراً كبيراً من حياتهم في المدرسة _المؤسسة التربوية، والتعليمية، والاجتماعية الأكبر مساهمةً في تشكيل وصقل شخصية الطفل والمراهق، ودعماً لصحته النفسية إلى جانب المؤسسة الأولى الأسرة_ ولا شك أن لصحة النفسية دورا مهما في الصحة العامة وبشكل كبير وفعال .
إن تمتع الطلبة بصحة جسدية ونفسية جيدة شرط أساسي للتعلم، ولاكتساب تربية وتنشئة سليمة. نحن نعلم أن أطفالنا يجب أن يعودوا إلى المدرسة، ولكن لتحقيق ذلك نحتاج إلى بيئة تعليمية آمنة، ومأمونة وداعمة مع محترفين، ومختصين في مجال الإرشاد والتوجيه التربوي ذو كفاءة عالية في التعامل مع هذه الفئة العمرية المهمة .
يمكن أن تؤثر المشكلات العاطفية، والسلوكية، والمعاناة من مشكلة ما متعلقة بالصحة النفسية لهذه الفئة على حياتهم بشكل عام، والمدرسية بشكل خاص. وقد يسلك الطلبة سلوكيات مختلفة وشائكة مع معلميهم، ومع زملائهم، وقد يجدون صعوبة في تكوين صداقات، وفي بعض الأحيان ربما يتجنبون الذهاب إلى المدرسة، وفي حالات متقدمة قد يتسربون من المدرسة، الأمر الذي ينعكس سلبا على درجاتهم، وتحصيلهم الدراسي. ومما لاشك فيه أن ثمة ظروف معينة تنشط فيها هذه المشكلات، وتصبح أكثر وضوحا؛ حيث أن عديد من الآثار السلبية، والمشكلات المتعلقة بالصحة النفسية ظهرت بسبب إغلاق المدارس جراء جائحة كورونا (COVID-19)؛ وذاك أن ضياع فرص التعلم أثناء فترة إغلاق المدارس قد يؤدي إلى تراجع محتمل في مهارات التوافق بأشكله المختلفة: التربوي، والعاطفي، والنفسي، ولا سيما لدى الطلبة ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة. بالنسبة لبعض الأطفال ربما أدى الوباء إلى زيادة الخوف، والقلق، والاكتئاب لديهم، الأمر الذي تسبب بمزيد من الصعوبة في تنظيم المشاعر ، والانفعالات، والسلوك، والتعلم، والعلاقات الاجتماعية.
ومما يجدر ذكره إن المشكلات التي قد يعاني منها الطلبة في فترة ما من حياتهم قد تؤدي إلى مشكلات عديدة في وقت لاحق من حياتهم؛ إذ إن عواقب مشاكل الانضباط والتكيف المدرسي على المستقبل خطيرة وكبيرة، وقد ينجم عنها مشكلات أكثر تعقيداً: كضعف الكفاءة المهنية، والاجتماعية، والعلمية، وظهور البطالة، والانحراف، والجريمة، إلى جانب تدني جودة الحياة. لا شك أنه بإمكاننا تصحيح هذه المسارات الخاطئة، ولا يكن ذلك إلا بالاعتراف بوجود المشكلة، والتدخل؛ بتقديم العون والمساعدة الإرشادية والنفسية من أجل علاجها والوقاية منها، ولابد من معرفة أن مثل هذه المشكلات قد تبدأ في وقت مبكر في مرحلة عمرية صغيرة وتصبح آكد في مرحلة المراهقة.
إن تعزيز الصحة النفسية الإيجابية، وتحديد الطلبة المعرضين للخطر والمشكلة، ومساعدتهم في الحصول على الدعم النفسي والإرشادي الذي يحتاجون إليه كلها أدوار يمكن أن يلعبها نظام التعليم والإرشاد المدرسي لمساعدة الطلبة على تعزيز وتنمية الصحة النفسية، والرفاه النفسي لديهم.
أن البيئة المدرسية تعد المكان الأمثل لتجربة الطلبة برامج الإرشاد، والصحة النفسية، والتعرف عليها، بعيدا عن الضغوط والوصمة الاجتماعية، مقارنة بمراكز الإرشاد خارج أسوار المدرسة. ومن هنا يقع على عاتق الفريق التربوي الإرشادي وعلى رأسهم المرشد التربوي تشجيع الطلبة على الاستفادة من هذه الخدمات في المدرسة وتسهيل وصولهم إليها .
_وفيما يلي بعض الطرق التي تعزز بها الصحة النفسية المدرسية الإيجابية لطلبة المدارس:
* إرشاد الطلبة إلى مهارات إدارة الذات والوقت، وإدارة الانفعالات، إلى جانب تعزيز وتنمية الذكاء الاجتماعي لديهم.
* تنمية مهارات التوافق، مثل الوعي الذاتي، وإدارة الضغوط.
* تعزيز احترام الذات الإيجابي والثقة بالنفس.
* خلق بيئة مفتوحة وآمنة محاطة بالسرية لحث الطلبة على التحدث عن مشاكلهم، وللإجابة عن ما يشكل عليهم.
* إيجاد بيئة تعليمية مساندة وداعمة، ومحفزة لنجاح، والإبداع في المادة التعليمة، والتحصيل الدراسي.
* تعزيز الحياة النشطة (التربية الصحية والبدنية والمهنية والفنية، والفرق الرياضية والأنشطة الجماعية).
* مساعدة الطلبة على اتخاذ أساليب حياة صحية في غذائهم وشرابهم وتقوية أبدانهم، والابتعاد عن الأساليب غير الصحية: كالتدخين، والإدمان على الإنترنت، والانخراط في الألعاب والتطبيقات الإلكترونية الضارة وغيرها....
* بث رسائل توجيهية وإرشادية لطلبة المدرسة، وأسرهم حول العودة للالتحاق بالمدرسة، ومعالجة القلق، ومعالجة مخاوف الصحة، والنفسية الأخرى المحتملة التي من المؤكد أنها نشأت أثناء فترة الجائحة.
* تطوير استراتيجيات هادفة لمساعدة الطلبة على التكيف مع البيئات المدرسية الجديدة، وتعزيز التكيف الاجتماعي مع "الوضع الطبيعي الجديد".
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات