يعتبر الإدمان ظاهرة فرديّة تصيب الفرد تنم عن تدنّي مفهوم الذات لدى المدمن، وناتجة عن اقتران المادّة مع الفرد ، ويؤدي تعاطيها الى الادمان النفسي أو الجسدي.
- الادمان النفسي: هو شعور وهمي بالارتياح عند استخدام المادة المخدرة، و تحدث رغبة في تكرار تعاطي المادة لإشباع المدمن رغباته، لكن رغبة التكرار لا تكون قهرية يتناول خلالها الفرد المادة المخدرة بصفة متقطعه كلما توفرت المادة سرعان ما يتحول الى انتظام التعاطي و هو أحد معايير الإدمان الجسدي.
- الإدمان الجسدي: هو تكرار تعاطي المادة المخدرة الذي يصاحبه رغبة جامحة في الحصول على المادة المخدرة و حال الانقطاع المفاجئ عن المادة يصاب المدمن باعراض انسحابية (عضوية و نفسية) خطيرة.
الآثار/ الأضرار السلبية للإدمان:
بالرغم من كثرة الآثار السلبيّة للإدمان على الاسرة والمجتمع، إلا أن الاهتمام الأول في علم النفس يكون دراسة أضرار الإدمان على المدمن نفسه باعتباره المتضرر الأول من هذا السلوك، إذ أنّ ادمان المخدرات يؤدي إلى العديد من الإضطرابات النفسية منها:
1. الهذيان والرّعاش نتيجة الإمتناع المفاجىء والشعور بالإعياء وسرعة الإثارة والغثيان والأرق.
2. هلوسات عقلية، معتقدات وهمية وهلوسات حسية و سمعية و بصرية (كأن يسمع أصوات أو يرى أشياء غير موجودة في الواقع).
3. التهاب وضمور في خلايا المخ والفص الجبهي والجداري تؤدي إلى الخرف.
4. ضعف واضطراب في الذاكرة.
5. قد يقود إلى الانتحار نتيجة الاضطرابات النفسية.
أسباب الإدمان حسب نظريات علم النفس..
نظرية التّحليل النّفسي لإدمان المخدرات تقول:
إن مظاهر الإدمان تتمثل في الإضطرابات التي تعتري المدمن وترجع إلى طفولته المبكرة ( السنوات الثلاث أو الأربع الأولى من حياته ). وترى مدرسة التّحليل النّفسي أن ظاهرة الإدمان ترجع في أساسها إلى اضطراب علاقات الحب في الطفولة الأولى بين المدمن ووالديه؛ وهو اضطرابا يتضمن ثنائية العاطفة، أي الحب والكراهية للوالد في نفس الوقت (ازدواجية الشعور)، إن هذه العلاقة المزدوجة تسقط وتنقل على المخدر، ويصبح المخدر رمز لموضوع الحب الأصلي الذي كان يمثّل الخطر والحب معا. وترى مدرسة التحليل النفسي أن سيكولوجية الإدمان تقوم على أساسين:
الأول: صراعات نفسية وترجع إلى الحاجة إلى الإشباع الجنسي النرجسي الذي يرجع أساسا إلى اضطراب علاقات الحب والإشباع العضوي. والحاجة إلى الأمن، والحاجة إلى إثبات الذات وتأكيدها، وتكرار التعاطي معناه الفشل في حل تلك الصراعات وإشباع هذه الحاجات.
الثاني: الآثار الكيميائيّة للمخدر: الأصل في الإدمان وطبيعته يرجع إلى التركيبةو حلها النفسية للمدمن الذي يُحدِث حالة من الاستعداد النفسي، وبالتالي تكون الصّورة العامة للمدمن والإدمان في ضوء نظرية التحليل النفسي بأنه سلوك قهري يتعلق فيه المدمن بالمخدر تعلقا قهريا لا يستطيع التخلي عن المخدر. ويتمثل باضطراب نفسي عميق، تشبه أعراضه أعراض المرض النفسي أو العقلي، وأحيانا تكون أكثر حدّة. ويندرجون تحت السايكوباتية في اضطراب الشخصية ويدللون على ذلك بأن السايكوباتي يلجأ إلى وسائل وطرائق خارجية في تعامله مع صراعاته وحلها
مدرسة التعلم الاجتماعي: ترى أن الإدمان يرجع إلى التقليد والنمذجة, الإدمان هو عملية بناء علاقة مرضيّة بين جهتين: الإنسان والموضوع الإدماني. وهذه العلاقة تأخذ وقتا حتى تتطور. وكل مدمن لديه طريقته الخاصة في تطوير هذه العلاقة ، وذلك يتوقف على طبيعة الشخص ( جسداً و عقلاً ) ، وكذلك طبيعة الموضوع الإدماني.
نظرية الجشطالت : تقول بأن أسباب المشكلة ترجع الى أسلوب الرعاية الوالدية ، وتأخذ عدة أشكال وهي:
1. نقص الوعي.
2. نقص في تحمل المسؤولية.
3. فقدان الاتصال مع البيئة.
4. الأعمال غير المنتهية.
5. التجزئة أو الضياع وهي تقود إلى سلوك قهري عند الفرد، وإلى الشعور بالقلق وانهزام الذات.
النظرية الوجودية: تعد المدمن غير موجود لأنه لم يقم برسالته في إثبات وجوده، ويسيطر عليه القلق الوجودي، وقلق الموت، وعدم الإيمان بالذّات الرّوحانية التي خُلق بها الإنسان لسيطرة الأنا المدمنة عليه.
نظرية النظم: ترى أن المدمن مظهر من مظاهر نظام أسري غير سوي أي مفكك، أو أسر تعاني من اضطراب لأكثر من جيل، والشخص المدمن قد يمثّل نظام مستقل ويتكون من عدد من الأنظمة الفرعية، إلا أن سلوكه المضطرب يرجع بالدرجة إلى نظام الأسرة وقد يرتبط لثلاث أجيال. ويتّضح من خلال التعرف العلاقات بين أفراد الأسر وأساليب التواصل بينهم، ونوع الحدود التي تضعها الأسرة وتمثل خريطة العائلة.
دورة الإدمان عند المدمن:
يمر المدمن بعدة مراحل خلال دورة الإدمان وتتمثّل بالآتي:
المرحلة الاستكشافيّة (التجربة): يسيطر على الشخص فيها حب الفضول والتّعلم للموضوع الإدماني والتنشئة الإدمانيّة.
المرحلة الثانيّة (تعاطي المناسبات): يَظهر على المُدمن زيادة في التّعاطي وزيادة في الوقت و توجيه الطّاقة للإدمان. وعدم وجود إشارات خطر أو مشكلات، والشعور بالايجابية. وتتطور العلاقة بالموضوع الإدماني، ورغم وجود المشكلة الحقيقيّة التي يعيشها المدمن إلا أن المدمن لا يشعر بذلك.
المرحلة الثالثة الخلخلة: تطّور بشع في العلاقة الإدمانية وتظهر لدى المدمن طقوس ادمانية تحل مكان الطقوس الإجتماعية وتنافس شديد بين المنطق الإدماني والمنطق الطبيعي وملاحظة الأسرة والأصدقاء لسلوك المدمن وتظهر المشكلات على جميع الأصعدة، البيت والعمل ومشكلات مع الأصدقاء.
المرحلة الرابعة: الزلزال هنا: يتنازل المُدمن عن الأشياء المهمة في سبيل الإدمان والمساومة على كل شيء بحيث يتحكّم به المنطق الإدماني تؤدي إلى فقدان علاقات مهمّة جداً في حياته: الأسرة ، العمل، الأصدقاء. وفقدان المبادئ واحترام الذات، وعدم الاكتراث بالحياة، ومشكلات مع القانون، واكتئاب و أفكار انتحارية، والإنتقال إلى موضوعات إدمانية أخرى و في هذه المرحلة قد يكون المدمن عاطلاً عن العمل و بلا مأوى، وانهيار كامل في الشبكة الاجتماعية، وغياب الدّعم الاجتماعي، ومشكلات صحية ونفسية.
دور الأسرة:
الأسرة تكون من مجموعة من الأفراد و منها يتكون المجتمع، فاذا صلحت صلح أفرادها وصلح المجتمع كاملاً، و تعتبر الأم العمود الفقري لتربية الأبناء فبصلاحها يصلح الأبناء الذين هم عماد المجتمع، وان فساد الأبناء يشير الى التفكك الأسري ثم تفكك المجتمع، وقد يرجع ذلك للعديد من الأسباب أهمها عدم التكافؤ بين الأزواج وما يترتب عليه من مشكلات أسرية مثل:
1. ضعف الروابط الأسرية.
2. اختلاف أساليب الرعاية الوالدية للأبناء.
3. الازدواجية في التعامل من قبل الوالدين.
4. صراعات حول الطفل وخاصة في وجود الأجداد.
5. صراع شخصي بين الوالدين.
6. عدم مناقشة الوالدين بخصوص مستقبل الطفل.
7. غياب الأب عن البيت لفترات طويلة مما يمنع وجود نموذج والبحث عن البديل وقد يكون رفاق السوء.
8. تهرب الأم من المسؤولية وضعف الميول الدينية لديها.
تمر الأسرة بدورة الإدمان من خلال العديد من السلوكات والتي تتمثل بالآتي:
1. - إنكار لحالة الادمان والتستر عليه.
2. - تزداد عزلة الأسرة أو الزوجين اجتماعياً.
3. - تأخذ الزّوجة مكان الزوج في توجيه الأسرة.
4. -تستقل مع أولادها عن زوجها.
5. - الإعتراف بحالة الإدمان والبحث عن علاج بواسطة الزوجة وقد يحدث طلاق.
العلاج النفسي الأسري للمدمن والأسرة.
يؤدي التّركيز في العلاج على الشخص المدمن بشكل خاص إلى التّغاضي عن الصّورة الكليّة الكبيرة لمشكلة الإدمان، رغم أن العلاج الفردي للشّخص المدمن الجزء الأهم في عملية العلاج، إلا أن تعدد أفراد الأسرة يعدد أدوارهم في مشكلة الإدمان (البطل المنقذ والمدمن وكبش الفداء)، وعادة يبدأ العلاج بالمقابلة لتقييم موضع أو دور كل عضو داخل النظام الأسري، وتجميع المعلومات المتعلّقة بالمشكلات الأسرية، و التّحقق من الدوافع والتوقعات العلاجية, وتحديد مراحل التّوتر الأسري، وإعطاء نظرة عامة عن البرنامج العلاجي، لتقوية التزام الأسرة بالعلاج، وتحسين أنماط التواصل البناءة (إعادة تصميم التحالفات، وتعزيز الحدود).
علاج المدمن والأسرة: يتم العلاج وفق المراحل التي يمر بها كل من المدمن والأسرة، وذلك على النحو الآتي (مع ملاحظة ان علاج المدمن يكون من خلال مختصين يتبعه الرعاية اللحقة من قبل الاسرة):
1- التّخلي عن التّسهيل والتّغطية على المدمن و المشكلة والتّخلي عن الأدوار غير التكيفية، وتحقيق الضبط الداخلي والخارجي من خلال استراتيجيات النظرية السلوكية: الاسترخاء والتثقيف (عن إدمان المخدرات) ، وتغيير الروتين المنزلي، وممارسة التّمارين والتّرفيه والّتنفيس الإنفعالي.
2-تطوير استراتيجيات التّعامل مع حالة المدمن: يصبح الإهتمام بمشكلة الإدمان لا مركزية والدّعم والمساندة للتعامل مع مشكلة الإدمان باستخدام الاستراتيجيات المعرفية: إعادة البناء المعرفي، التكرار المعرفي، إيقاف التفكير، وحل المشكلات، والتّدريب على تأكيد الذات، والتحكم في التوتر و إدارة الوقت.
3-تحفيز النمو: تستكشف الأسرة ديناميكيات البيئة التي طورت سلوكيّات الإدمان والتي تؤدي لاستمرارها من خلال المواجهة، باستخدام الاستراتيجيات المعرفيّة لاكتساب الاستبصار وتوضيح الاستراتيجيات الإسقاطية، العلاج الجمعي وواجهة الأدوار غير التكيفية، توضيح القيم، وضع الأهداف/ التخطيط للمستقبل.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات