عند كتابة التاريخ، على ماذا يعتمد المؤرخ عند كتابه التاريخ؟
التأريخ: على ماذا يعتمد المؤرخ عند كتابه التاريخ؟
عند "عمل" التأريخ، من المفيد أن تضع في اعتبارك أن هناك العديد من الطرق المختلفة لتحديد كيفية حدوث التاريخ. أحد الأشياء الرئيسية التي يجب تذكرها هو أن المؤرخين يختلفون كثيرًا حول سبب حدوث أي حدث تقريبًا. في البحث عن كيفية حدوث الأشياء، نحصل على أفكار حول كيفية فهم أحداث عالمنا الحالي وماذا نفعل حيالها، إن وجدت. ويمكن أن تعطيك القائمة التالية من المؤرخين المختارين بعض الأفكار حول كيفية "فعل" المؤرخين العظماء للتأريخ. بالنسبة لهذا المقال، ضع في اعتبارك أن هذه القائمة ليست بأي حال من الأحوال كاملة أو شاملة للمؤرخين الآخرين.
1-نظرية بلوتارخ عن الرجال العظماء وشخصياتهم Plutarch's Theory of Great Men and their Character:
يعتقد بلوتارخ من خلال أطروحته أن شخصية الرجال هي التي تغير التاريخ، حيث تشير دراسته لشخصية مارك أنتوني، إلى أن حبه لكليوباترا أعماه عن واجباته في روما، وفي النهاية لقي حتفه على يد أغسطس قيصر؛ الذي اتضح أنه لم يكن خفيف الوزن.
2-القوى التاريخية Historical Forces :
هي النظرية القائلة بأن الأفكار تحرك التاريخ، وتلك الأفكار ستحيا الشخص الذي كانت فكرته، سيستمر الفكر في التأثير على الناس والقرارات التي يتخذونها بعد وفاة الشخص. هذا هو التأكيد على أن بعض الأفكار والحركات وما إلى ذلك، تصبح قوى لا تقاوم وسيكون لها طريقها. ومن الأمثلة على ذلك، أن المسيحية قوة لن تنجو في النهاية من الاضطهاد فحسب، بل ستخرج منتصرة أيضًا على الإمبراطورية الرومانية. أيضا مثال آخر، هو هيمنة العلم في الغرب على اللاهوت والفلسفة كسلطة لتحديد الحقيقة.
3-أرنولد ج. توينبي "التحدي والاستجابة"-"Challenge and Response" Arnold J. Toynbee :
تتبنى نظرية توينبي دراسة مفادها أن جميع الحضارات تواجه أزمة، إما أزمة أفكار أو تكنولوجيا، حيث تحدد طريقة استجابتهم ما إذا كانوا سيبقون على قيد الحياة. مثال على ذلك هو سقوط روما، إذ يلقي الكثير باللوم على الديانة المسيحية في إضعاف قوة روما الوثنية والتسبب في سقوطها. كما يشير توينبي إلى أن الإمبراطورية البيزنطية (الإمبراطورية الرومانية الشرقية) استخدمت الديانة المسيحية لإحياء وإصلاح الإمبراطورية الرومانية لألف عام أخرى.
4-هيجل "الجدلية" -Hegel "The Dialectic" :
تقول نظرية هيجل للتاريخ أنه بالنسبة لكل فكرة قديمة، هناك فكرة جديدة تتعارض معها، لأنه من الصراع يتم إنشاء فكرة جديدة (أطروحة، نقيض، تأليف)، فقد شعر أن هذه هي الطريقة التي قادنا بها الله إلى الكمال وكشف الحقيقة الجديدة، لأنّ التاريخ هو مجرد نتاج الصراع.
5-النظرية الداروينية The Darwinian Theory :
إنّ داروين ليس مؤرخًا، لكنه أخذ فكرة هيجل وطبقها على العلم، حيث أدى تطبيقه البيولوجي إلى نظرية أصل الأنواع، ثم استخدم هربرت سبنسر وآخرون أفكاره البيولوجية لدعم أفكارهم بأن الصراع بين أعراق الناس والدول المختلفة أدى إلى أقوى الدول وأكثرها قدرة على حكم العالم، فالنصر في القتال يعني تفوق أمة أو شعب.
6-كارل ماركس "المادية الجدلية -"Karl Marx "Material Dialectic" :
استخدم ماركس أفكار هيجل وطبقها على فئات من الناس عبر التاريخ، حيث كانت أي طبقة حاكمة تسيطر على "وسائل الإنتاج" التي أعطتها الثروة والسلطة للحكم. لأنه كلما حدثت طريقة إنتاج جديدة، كلما كان هناك صراع بين الطبقة الحاكمة الأقدم والطبقة الأحدث التي تستخدم وسائل الإنتاج الأحدث والأعلى. مثال على ذلك، كيف أن رجل الأعمال وأمواله دمروا سلطة الأرستقراطية القديمة على أساس الأرض والملكية الوراثية.
7-فريدريك جاكسون تيرنر "الجغرافيا والحدود"-Geography and the Frontier""Frederick Jackson Turner:
ذكرت أطروحة تيرنر أن الجغرافيا تحدد طبيعة الناس، واعتمادًا على الموقف، تمنحهم مزايا وعيوب معينة. ومن الأمثلة على ذلك، أن اللغتين الإنجليزية واليابانية، باعتبارهما من دول الجزر، سيكون لهما ميزة بطبيعة الحال في القتال البحري. وفي عصر التجارة البحرية، يميلون إلى أن يكونوا أقوياء. نصت أطروحته صراحة على كيفية تشكيل الحدود للعقل الأمريكي ليكون منفتحًا على الأشياء الجديدة والسعي لتحقيق ما هو جديد. في عصرنا التكنولوجي الحديث، الأمريكيون منفتحون جدًا على التقنيات الجديدة.
8-الراديكاليون "التاريخ هو قصة من انتصر" - "Radicals " History is the story of who won :
تقول هذه الأطروحة أن التاريخ ليس أكثر من صناعة الأساطير، حيث "التاريخ هو تاريخ الفائزين"، لأن أولئك الذين يفوزون يكتبون كتب التاريخ، لكن أولئك الذين خسروا أو فقدوا قوتهم يتم استبعادهم أو شيطنتهم. حيث يتم تحديد التاريخ من قبل من لديه القوة السياسية لكتابة الكتب، ولكن بالنسبة للبعض، فإن قراءة قائمة مطعم لا تقل أهمية عن قراءة "التاريخ".
9-بورستين "غير متوقع Boorstin "The unexpected " - ":
تقترح كتب دانيال بورستين - Daniel J. Boorstin أطروحة مفادها أن الأفكار والممارسات تتحد ببساطة في أماكن وأزمنة مختلفة، لا يمكن التنبؤ بها بسهولة، ما كان مهمًا هو أن المبدعين والمكتشفين العظماء كانوا منفتحين على التحدي، وأخذوا أفكارًا لم تكن ذات صلة من قبل ووضعوها معًا بطريقة كانت جديدة تمامًا، وهكذا يغيرون العالم. ومن الأمثلة على ذلك، ابتكار أخصائي بصريات مجهول في بلجيكا أول تلسكوب لاستخدامه في الحرب، ومن تم وجدت طريقها إلى إيطاليا حيث بدأ جاليليو في النظر إلى النجوم من خلالها، فكانت النتائج التي توصل إليها، قد قوضت النظام البطلمي. ومع ذلك، استخدمت الكنيسة معلوماته لإنشاء التقويم الغريغوري الحديث الذي نستخدمه اليوم، لكن بعد ستة عشر عامًا في العاصفة النارية للإصلاح، أُمر جاليليو بالتزام الصمت. إن بورستين معاد للمدرسة الهيجلية الماركسية الداروينية لأنها لا تستطيع إلا أن تخبرنا كيف سيكون المستقبل على أساس الماضي، لم يكن بإمكان الهيغليين أبدًا توقع تأثير التلسكوب. حينما يجني بورستين أموالًا كبيرة تظهر أنه لا يمكن لأحد التنبؤ؛ يمكنك فقط أن تظل مفتوحًا للتغيير، لكن رغم ذلك، لا يمكن إدارة التغيير.
كتابة و إعداد: أحلام أزوتار
المصادر والمراجع:
Emily Pedrick, Plutarch: Great Men and their Character.
http://wiki.sjs.org/wiki/index.php/Plutarch:_Great_Men_and_their_Character
Sarah Hill, Historical Forces.
Arnold J. Toynbee, Challenge and Response.
http://www.cooperative-individualism.org/toynbee-arnold_challenge-and-response-1934-1954.htm
Darwinism,Stanford Encyclopedia of Philosophy.
https://plato.stanford.edu/entries/darwinism/
Rob Sewell,What is dialectical materialism? - A study guide with questions, extracts and suggested reading.
Mark Bassin , Turner, Solov'ev, and the "Frontier Hypothesis": The Nationalist Signification of Open Spaces, The Journal of Modern History,Vol. 65, No. 3 Published By: The University of Chicago Press,(Sep., 1993), pp: 473-511.
Radicals: History is the Story of Who Won.
http://wiki.sjs.org/wiki/index.php/7._Radicals:_History_is_the_Story_of_Who_Won
Daniel J. Boorstin, Cleopatra's Nose: Essays on the Unexpected, Vintage; 1st édition, 1 juin 2011.
نشر أول مرة على موقع مجلة نفهم.
التعليقات