الصبر على هذه الأيام العجاف مع استمرار المضي قدماَ يمكن أن يُتَوّج كأعظمم إنجاز قامت به هذه الأجيال .
سيخبرهم التاريخ يوماً...
أننا حملنا أكثر مما نطيقه ، ولعبنا أدوارًا لم نكن قد تجهزنا لحملها بعد ، وربما لم تكتب لنا من الأساس ولكننا حملناها على أي حال ، بل وبرعنا في ذلك . سنخبرهم أننا تقدمنا بالعمر أسرع مما يجب ، فقط لنستطيع استيعاب ما يدور حولنا . سيدفعهم ذلك للاعتراف بأن هذا الجيل كان قادراً على حمل المسؤولية وإن كانت خارج مخططاته . بالطبع سنستبدل جملة ( كنّا ندرس على الشمعة ) بجملة ( كنّا ندرس عن بعد ) أما جملة (لم نكن نخرج خشية الحرب ) ستصبح ( لم نكن نخرج خشية الحرب والمرض على حد سواء ) . سنخبرهم أن العالم قد اشترك مجدداَ في ألم واحد ولكن بنسب متفاوته ، فالبعض قد قتلته الحرب أو اكتفت بتشريده ليتكفل المرض بما تبقى ، وبعضهم الآخر قد تكلف بقتله أحد أفراد أسرته وذلك لينعم بشرب الشاي على هدوء ... سيخبرهم أننا أصبحنا نعدّ ما بقي لنا بدلاً من التركيز على ما قد خسرناه . وأن المحظوظ بيننا من استطاع الحفاظ على عقله سليماً بعد كل هذا الخراب ، واكتفى جسده ببعض الندبات التي كان لا بد منها . ربما سيتساءلون عما جعلنا أقل اكتراثاً بالأخبار والمصائب ، وعما جعلنا أكثر حزماً وقوة ، وسيكتفي التاريخ بهذه الإجابة . وإذا تساءلوا كيف واجهنا كل ذلك وتحلينا بالصبر ، سنخبرهم أن الإيمان بانقضاء هذا الوقت هو ما كنّا نملك .
أكتبوا فواجعكم على صحائف ليعلم من سيأتي بعدنا أن هذا الدهر كان قاسياً كغيره ...
وأن المعاناة جزء لا يتجزأ من العيش . فإن كانت الحروب العالمية والقنابل النووية وتقسيم أوطاننا وسلبها هي بداية الكتاب ، فستكون هذه الجائحة وما تزامن معها من فواجع وتفجيرات هي وسطه، وسنترك بعض الصفحات لما سيأتي ، فنحن نعلم أنه سيأتي بعدنا قوم ويصيبهم ما أصابنا بل وربما أكثر .
عندها سنعطيهم كتابنا ليمنحهم الإيمان بأن هذا الوقت سيمضي كما مضى من قبل ويمنحهم الأمان لأنهم لن يكونوا أول المكلومين ولا آخرهم ، فكل جيل سيحمل جزءًا من هذا الألم لينضج ويشتد عوده ، فلولا هذه الظروف لن يوجد هناك بشر يستطيعون مواصلة العيش على هذه الأرض . فإذا كنت تتساءل عما ستخبر عنه أحفادك مستقبلاً يمكنك أن تقص عليهم ما جرى هذا العام تحديداً ، ولكن إذا كنت لا ترغب أن تتحدث عن الأمر بإسهاب لأن الحديث قد يتعبك ويعود بك إلى ما مضى ، يمكنك أن تكتفي بقصتك وحدك ، ولكن إذا وجدت أنه قد غلب عليهم النعاس ووجدتهم يتمردون على أعينهم لتُأخر إسدال ستائرها عن الموعد المعتاد لتبقى منصتةً لعينيك ، عليك أن تخبرهم أن الأمر لن يجدي نفعاً فالقصة أطول من أن تُروى على مدار ليلة واحدة فما شهدته قد يحتاج لأن تتحدث عنه مطولاً .....
لا تغلقوا الكتاب دون أن تدونوا تفاصيل الدراسة في هذه المحنة.....سيفيد ذلك جداً في المباهاة أمام الأجيال القادمة تحديداً عندما نصفهم ( بالمياعة ) وأنهم لو شهدوا ما شهدناه لعرفوا معنى المعاناة وقدروا الرخاء الذي يعيشون فيه .
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
كل هذا سيقودنا نحن الشباب لإنشاء جيل اقوى منا بكثير ليقوى على تحقيق أحلامه وأهدافه بقوتنا وعزيمتنا نحن
فكل ما شهدناه وسنشهده هو نقاط قوة سوف نزرعها في أبنائنا غدا أبناء المستقبل
مقولتي بهذه الحياة هي: "يولد الخير من رحم الشر "
احسنتي...
جميل
👏👏👏