في لحظة شتاء قارس، والقطن الأبيض يضرب شفافية نافذتها، نزف الماضي داخلها بزخم غير معهود

تناولت على عجلٍ حقيبتها، وملأتها بالضحكات الجميلة والعناق الطويل وطعم القبل الصباحية الممزوج بنكهات الزعتر والشاي بالنعناع، وأفرغتها من كل ليالي الوحدة الكئيبة والدموع المحشوة بالغصّات،

وقررت أن تذهب اليه،

تحاصره بالمفاجأة وبحضور مباغتٍ للدفء،

سبقتها اللهفة إلى الشارع،

غسلت زجاج السيارة والعجلات.

أدارتها بحذر شديد خشية الوقوع

ضحية خيبة جديدة،

تنفست الصعداء حين دار المحرك، صدح صوت المذياع مع ترانيم النغمات الموسيقية

وجاءت الكلمات توقظ المشاعر من غفوةٍ مؤقتة،

ولتكتشف لاحقاً أن النغمات أضاءت طريقها اليه.

لم تعرف كم استغرقت من الوقت حتى وجدت نفسها تقف أمام الأمل في موعد جديد للحياة.

هي تدرك كيف يفور طعم الحياة معه

وكيف تنطفيء داخلها دونه.

تعالت أنفاسها واضطربت لهفة،

لفحها تيار بارد داهم وجهها فجأة.

صعدت الدرج تسبقها خطوات اللهفة،

وطرقت على باب قلبها،

سمعت وقع أقدامه يقترب،

جاء صوته منادياً: مين عالباب!!

ليشعل فتيل كل معاني البهجة في عوالمها.

فُتِح الباب… باب قلبها أولاً

واستقبلها بالدهشة.

توقف الزمن للحظات

فرصدت الفرح يتناثر على تقاسيم وجهه الطفولي، شرع أبواب قلبه

وفتح ذراعيه مرحباً يقودها

بعيونه لحضن بيته

قالت له: ألم الماضي يقف حائراً بيننا الآن

ولكن بي رغبة جيّاشة في أن أنثره من خلال النافذة،

فلننثره معاً

نظر لها مطوّلاً حتى ذاب قلبها، وأخبرها متذمراً كم يلف عالمه الصقيع!

فكرت في سرّها:

مازال متذمراً من كل تفاصيل الحياة

أغلقت باب قلبها وقالت له:

جود على نفسك ببعض الرفاهية.

أجابها: سأعد لك قهوة الوقت الذي

نجيد الاستمتاع به

قالت له: لنرتب معاً أرفف الذاكرة

الأسئلة عزيزي تجيد تفعيل الشعور

دعني انظر لدواخلك فقد فاتني الكثير

وأنا فضولية وأجيد القراءة

انتهى عهد حزنك ووحدتك

فسأقرأ لك بعضاً من أشعاري

سأكيل لك الكثير من المديح

أدرك صعوبة ارضاء ذوقك،

وأنا أعرفك حق المعرفة،

فحسّك لا يُعزف عليه أي نغمٍ للشعر

ضرب من العبث أن يحركك عذب الكلمات

فأنت غارق في الواقعية

ولكني لا أيأس من المحاولة

وبينما كانت تعد له القهوة اقترب منها وعانقها في بغتة منها هامساً في أذنها:

لا طعم للحياة بدونك

وعلى فكرة

أحب كل ما تنثرينه من كلمات في عالمي.




ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات ميسون أبوزغيب

تدوينات ذات صلة