نحن الفاقدون لا نكتبُ لضعفٌ ولا لنقصٌ بالإيمان، أننا نحبُ أن يضلى أعزائنا بين أسطرنا، أن يعلم العالم أنهم كانوا سببٌ لنا في الأستمرار يومآ

مثل أي انسان، واجهت المشاعر السيئة، المؤلمة والمعقدة، مشيتُ بين أولئك البشر وبحياتهم مررتُ ذهاباٌ وأيابٌ، وضِعتُ كثيراٌ بين حيواتهم، ولم أستطع العودة إلى حياتي الخاصة إلا متأخرة.. دومآ متأخرة، اتخذت قراراتي وتحملتُ مسؤوليتها وأخرى حاولت تجاهلها فكانت العواقب دومآ مضاعفة، هربتُ كثيرا من العاطفة وشتى أنواع العلاقات لطبعي الكاره بتحمل ترهات البشر طويلة المدى، كان البؤس والضيقُ من مشاكل الحياة الروتينيه يحدث لي ويحتويني وكان ليس لي منه أي مفر سوا أن انتظر رحيله من نفسه.. ثم يا أخي، يا فقيدي تأتي أنت في رأسي وكل ذلك يكون لا شيء.


لم أتخطاك، لربما كان أثمٌ علي أن أفتقدك بهذه الطريقة الموجعة، الصمت والضياع بذكراك وانا أبتسم شوقٌ، عذاب عدم قدرتي على البوح عنك يومياٌ رغم كونك برأسي بكل لحظة أقضيها بصمتي المفاجئ دون علم أحد قريبٌ مني، وكأن الغاية من بقائك برأسي كانت أن لا أطيل البقاء حتى انا هُنا.. فضللت أتسائل هل جميع أفراد عائلتي يحدث معهم هذا؟ ويظنوا ايضآ أن الدنيا ليست مكانٌ لهم؟، أم أني انا الوحيده التي لازالت عالقة بفاجعة رحيلك؟


لم اتخطى فقدك وضللت انت حتى وانا بأفضل حالاتي تأتي على بالي وكأن حزن فقدك كان المصير بعد كل هدوء، بعد كل طمأنينة، بعد كل بُشرة، وفوق كل حزن، يسعدني أنك لا تزال بعقلي طول ايامي، يسعدني أنك أقصى المشاعر عندي، لكن قلبِ ينفطر وكأن موتك يعاد كل يوم حين تأتي هكذا فجأ بأحلامي، كأنني من جديد أرى تلك الرسالة بهاتفي بكل مره، اسمك الكامل، موعد الصلاة عليك، واين المكان..


لم اتخطى لحظة بكاء أبي عليك أمامي، كانت الدموع على خديه لم يخفيه قطٌ، كانت تلك أول مره أعلم بها أن الأباء يبكون ايضا، فُطر قلبي الصغير هنا، هنا أدركت فاجعة موتك التي ألجمت بتلك الفترة كل اسباب السعادة مجدداٌ، وحقيقة الرغبة بالتنفس رغم ثقل الأنفاس حينها


لم أتخطى الحزن الذي غلف بيتنا وكان الكل يحاول التصرف بشكلٌ طبيعي، بينما كل ما اراه اعينٌ ضائعة، أقدامٌ تائها حتى داخل بيتها، كُنا غير مدركين لفقدك لكننا ننزل الدموع ضياعٌ وبهتانٌ قبل الإدراك أن صوت ضحكك، صراخك، بكائك لن نسمعه مجدداٌ بتلك الغرفة، تلك الغرفة التي كل ما دخلتها أنظر باتجاه سريرك.

حتى بعد ما أعطت أمي سريرك لأحد المحتاجين، كنتُ لازلت أنظر باتجاهه، كنتُ أعرف تفاصيله، أتوهم رؤيته، سريراٌ كبيراٌ من الخشب، لونه البني المحترق، تفاصيل تلك النقوش على ملائتك، لون وسادتك.. كل ذلك لازلت أذكره


كانت من أقسى الأيام التي واجهتها بذلك العمر، فعندما اصبحت أواجه الآلام ومختلف المشاكل، ترهات البشر والاضطرابات النفسية حين كبرت، إن كل ذلك عند مجيئك بالبال يُطمس بلحظة واحد ..


أن الموت قدر، أن ذلك المكان أفضل بكثير، وأن هناك ليس سوا ربي الذي يرعاك وليس هناك أعظم من ذلك.

قررت منذُ سنين أن أضل أكتب عنك.. أن لا أكف عن ذكركَ بين أسطري، أن تكون أول وأخرى من أكتب عنه... ليس لأني عالقة بالماضي فقط، ليس لأنك تزورني بأحلامي، بل لأنك أعز من فقدة، والوحيد الذي فطر قلبي ذهابه وعدم عودته، ولأني أُحبُ وجودكَ بالوجود برأسي طوال الوقت، وهذا ليس بفعلٌ حزين أن أكتب عنك بل هذه كانت الطريقة الوحيده التي تشعرني أنني بخير لأنني أكتب، وممتنه لله على ذلك، ورحمة الله عليك فقيدي وعزيزي أخي الكبير سلمان


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

رحمة الله عليه

إقرأ المزيد من تدوينات سُميه بنت مُفرح

تدوينات ذات صلة