في عالم من الحروف، حكاية فيها عبر، تغوص في بحر الخيال، وتنتقي منه الدرر. ( حكايات ما أحلاها)

ما أن تبدأ في القراءة سواء رواية أو كتاب، يحدث ترابط عاطفي ونفسي بينك وبين عالم الرواية. بأحداثها، وتفاصيلها. الكتب عالم أخاذ يجرفك معه حيثما شاء، عالم تشعر معه بضألة حجمك، وجهل يغمرك كموج بحر يغرقك، لا تعرف كيف العيش هكذا مغمور في عالم فارغ، كلما قرأت تشعر بهذا الجهل، كأنه لا ينتهي، ليس له حد فالمعرفة ليست لها حدود، والجهل والمعرفة وجهان ليس لهما حد.


غالباً ما أتعرف علي الموسيقي من الكتب التي أقرأها، أتذكر أنني إستمعت لمعزوفة الدانوب الأزرق لشترواس وبوليريو لموريس رافيل، أثناء قرأتي لرواية نيسيان. يحضرني قول أحلام مستغامني في رواية نيسيان


إحزني بحضارة يا متخلفة احلام مستغامني

ربما علينا أن نحزن برقي، بكلاسيكية الدانوب الأزرق لشتيراوس والأرشيدوق لبيتهوفين، ربما نخرج من خسارتنا بشئ جديد،


تعطينا الكتب ما لا تعطينا إياه الحياة، فسير الحياة مختلف، يحكمه أناس آخرون، مدن مقلقة، وأخري مزدحمة، سير يحكمه المال، والإحتياج، يحكمه العجز والخوف. أما الكتب معاها تطير، تبحر، تحلم، وتخترق غابات وتدور في عالم لم تطأه قدمك، وربما تسمعك موسيقاه، وتقرأ عيناك حروفاً وأحداث تصبح معاها كقارب تتقاذفه الأمواج، يعلو ويهبط، تتهدي معه، وتنتظر شاطئ ترسو عليه، شاطئ رسمه كاتب، شخص أخر خارج عنك، عن ذاتك، وعن واقعك، وعن عالم من حولك.


في عالم القراءة أنت من تختار، أختار أن يطفو قاربي مع كويللو أو موراكامي أو مع حسن الجندي، أو حتي أحلام مستغامني. هذا الطفو الممتع. الذي ينقذك من غرق الحياة. ما أن تنتهي القراءة تعود ترسو علي شاطئ حياتك، ترسو بحزن، وشعور بالفقد والإشتياق، لما عشته أثناء قرأتك، تمسك دفترك وتبدأ بإلقاء مشاعرك داخله، أحاسيسك التي تملكتك أثناء القراءة وبعدها. في مرحلة ما من القراءة لا أعلم في أي وقت بالتحديد، أو من بعد أي عدد من قراءة الكتب، عليك بتدوين ملاحظاتك عما قرأته.

مهما كنت تعتقد أنك مشغول، لا بدّ أن تجد وقتًا للقراءة وإلا سلّم نفسك للجهل الذي قضيت به على نفسك. كونفشيوس




سارة شكري

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات سارة شكري

تدوينات ذات صلة