هل من الممكن أن تتحول هذه الخربشات إلى كتابات جميلة وتجعلني كاتبا ؟

هل من الممكن أن تتحول خربشاتك على الجدران في الصغر لتصنع منك كاتبا في الكبر ؟

في صغري كنت أمارس هواية مؤذية للجيران وأسأل الله أن يعفو عني . في صباح الخميس كنت أجتمع مع صبيان الحي للإغارة على الأحياء المجاورة لنا،وكان سلاحنا الوحيد ( البخاخ ) ذو اللون الأحمر،فما أن يشرع أحدهم في بناء منزله الجديد أو ترميمه وتزيين سور ه الخارجي حتى تسبقه خربشاتنا على طول المنزل أو السور ، أعترف أنها كانت عادة سيئة لكني كنت صغيرا لأعي ذلك، ومع الأيام أدركت كم كنت لئيماً في ممارسة تلك العادة السيئة. ماذا كنت أكتب ؟ لم تكن كتابة بقدر ما كانت انتقاما وتفريغاً للعقد النفسية التي خلفها معلم مادة الإملاء في نفسي، والذي كان يضربني إن أخطأت في التفريق بين التاء المربوطة أو المفتوحة، كان ضربه يترك في نفسي آثارا سلبية ومن الصعب أن تُمحى بسهولة، تجعلني أكابح طوال الليل دموعا غزارا وأنا أفرك أصابعي التي تورمت من فعل قلم الرصاص الذي كان يضعه المعلم بينها ويضغط بكل قوته على أصابعي،حتى يجعلني الألم أصيح وأستجدي دون جدوى،ومن شدة الألم أنزل على ركبتي إلى أقدام المعلم كمجرم مدان يطلب العفو قبل إعدامه. اليوم عندما أتذكر ماذا كنت أكتب على الجدران ؟أضحك حينا، ومن ثم يتحول الضحك إلى حزن عميق وأسئلة لا أستطيع الجواب عنها، بعد لحظات أعود للإستغفار لعلَ أصحاب تلك الجدران أن يسامحونا. لم يكن خطأئي بقدر ما كان خطأ معلم لم يؤدي الأمانة التي كانت على كاهله،فحول عقده النفسية نحو الطلاب، تصور أنني كنت أكتب على الجدران كلمتان فقط وهي التي لازمتني فترة من الزمن ولا أستطيع التجاوز لغيرها، قال له – قالت له – كانت علبة البخاخ تهتز في يدي وأنا أكتب الكلمتان، وفي نفس اللحظة أتذكر ذلك القلم الذي كان يضغط على أصابعي لأحول الحروف إلى خربشات لا تفرق بين الكلمتين. هكذا كان علي العيش في ذلك الزمن، أما اليوم وأنا أكتب أستحضر هذه الخربشات لتكون شمعة مضيئة في طريق كتاباتي،فتجعلني أكتب بطاقة إيجابية وبصدق أكثر .

لكنني لا زلت أتسائل :

هل من الممكن أن تتحول هذه الخربشات إلى كتابات جميلة وتجعلني كاتبا ؟



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

تدوينات من تصنيف كيف أبدأ التدوين؟

تدوينات ذات صلة