عندما كنتُ طفلة؛ كنتُ أظنّ لو تقاسمنا حبّة البسكويت سويّا وابتسمتُ لك، هذا يعني أنّك لن تعبس بوجهي المرّة القادمة
مرّ وقت طويل ولم أنسى..
أولّ مرّة غادرتُ فيها مكانا أحبّه، وكيف لم أجرؤ النظر للوراء، ولم أجد مبررا للبُكاء، فلم أحرّك ساكنا بداخلي..
وأولّ مرّة جرّبت فيها خسارة الأصدقاء، اللذين لطالما اعتبرتهم ثابتين، وأنّ سبب رحيلهم الوحيد -إن رحلوا- لن يكون بقرارهم ولا قراري، ولا أولّ مرّة عرفتُ فيها أنّ من نحبّهم ليس بالضرورة أن يحبّوننا، عندما كنتُ طفلة كنتُ أظنّ لو تقاسمنا حبّة البسكويت سويّا وابتسمتُ لك
هذا يعني أنّك لن تعبس بوجهي المرّة القادمة، وأنّه لا داعي لتكذب عليّ يوما، وأنّ ما يُقال أمامي هو الصدق، لم أكن أعلم حينها دواعي الكذب ولمِا قد تلجأ إليه النّاس، لا يزعجني لو أخبرتني أنّك لا تهتمّ لمحادثتي بينما يزعجني كثرة الحجج الكاذبة، لا أنسى طريق المدرسة الطويل وكلّ من رافقوني فيه وكنت أستمع لأحاديثهم ويستمعون لي أيضا والآن لا أعرف عنهم سوى أنّهم يكبرون بالعمر معي،
ولا أولّ مرّة نويتُ فيها التغلب على خوفي من ابتلاع حبّة الدواء واستغرابي بعدها أنني مازلت أتنفس ولم يحصل أيّ سوء، ومنذ ذلك اليوم وأنا أصرّ على مواجهة مخاوفي بالتدريج، لا يمكنني نسيان أوّل مرّة ودُعت فيها عزيزا انتقل لله، عندما تعلمّتُ حينها معنى الفقد بصورته الأصعب..
لا أنسى أكثر تميّز شعرتُ فيه بصغري وأنا أنتظر دروس اللغة العربيّة لأقدم بحصص التعبير نصّا جديدا كنتُ قد سهرتُ طوال الليل لكتابته والتدرب على إلقائه، يحين دوري ولا أفتح عيوني إلا بعدما أسمع التصفيق بحرارة من الجميع وأحصّل علامة مرتفعة جدا، ومازلتُ أذكر ثناء أستاذي منذ أولّ درس قرأته بالصفّ، وأنني سأصل في المستقبل لمكان مرموق..
ولا يغيب عنّي اللحظة التي خاب فيها مَسعاي وعرفتُ فيه أنّ ما حلمتُ لأكونه منذ طفولتي لم أستطع تحقيق الوصول إليه، ولا أنسى آخر خطوة لي بطريق لم أختاره ولكن لأسباب لا أعرفها أنهيته كاملا،
ولا زلتُ أتذكر الكثير، ولا يشهد هذا الكثير غالبا إلا دفاتري العتيقة.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
💚🫶🏻