لو أن قلمي أراد أن يخط صفة واحدة تعبر عن ابرز خصال رسولنا الكريم محمد بن عبدالله صلي الله عليه وسلم، لكتب تلكالصفة بلا تردد: الرحمة.
فقد كانت الرحمة متأصلة في قلب رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام، و قد قال عن نفسه عليه الصلاة والسلام: إني لم أُبعَثْ لعَّانًا، وإنما بُعِثتُ رحمةً.
🕊 مع اهله :
يساعد أهل بيته، ويخصف نعله ويرقع ثوبه، فكان تعامله من منطلق الرحمة والحب و عوناً لأهله علي كثرة أعبائه، و مثالاًيحتذي به الازواج في مساعدة الزوجة .
كما كان يقابل غيرة زوجاته بالكثير من الحلم والأناة، وإعطاء كل زوجة حقها من التقدير والاحترام، المراعاة .
حين جمع بين فلقتي صحفة -تشبه طبق الطعام-كانت قد ارسلتها السيدة ام سلمة للنبي، فغارت السيدة عائشة رضي اللهعنها، وكسرتها ،فأخذ النبي صحفتها وبدلها بالصحفة المكسورة ،كي لا تحزن ام سلمة وقال :
«كُلُوا، غَارَتْ أُمُّكُمْ».. مَرَّتَيْنِ،
و كان يذكر زوجته الأولي " خديجة" ويحسن إلى صديقاتها اكراماً لها .وكان ايضا المصطفي صلوات الله عليه، يعلم أصحابه بألا يكرهن نسائهن بسبب إحدي الخصال فيهن فيقول:" إن سخط منها خلقاً، رضي منها اخر". رواه مسلم.
وصدق الحبيب إذ قال «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي» اخرجه الترمذي.
.....
🕊 مع اولاده واحفاده
كان محمد النبي صلى الله عليه وسلم القدوة الصالحة للمؤمنين والمثل الأعلى فيهم، فرأى المسلمون من أفعاله وسمعوا من أحاديثه ما لمس أعمق مشاعر الأبوة فيهم ، واستثار أنبل ما في نفوسهم التي جبلت على توقير الآباء ورعاية الأبناء .
كما اهتمَّ رسول الله بأحفاده، واهتم باختيار أجمل الأسماء لهم، فعن عليٍّ قال: لمَّا وُلِدَ الحسن سمَّيته حربًا، فجاء رسول الله فقال: "أَرُونِي ابْنِي، مَا سَمَّيْتُمُوهُ؟" قال: قلتُ: حربًا. قال: "بَلْ هُوَ حَسَنٌ". فلمَّا وُلِدَ الحسين سمَّيته حربًا، فجاء رسول الله أَرُونِي ابْنِي، مَا سَمَّيْتُمُوهُ؟" قال: قلتُ: حربًا. قال: "بَلْ هُوَ حُسَيْنٌ". فلما وُلِدَ الثالث سمَّيته حربًا، فجاء النبي فقال: "أَرُونِي ابْنِي، مَا سَمَّيْتُمُوهُ؟" قلتُ: حربًا. قال: "بَلْ هُوَ مُحْسِنٌ".
و تعالوا معًا ننظر إلى خصوصيَّة العَلاقة الرائعة بين الأب وابنته في موقف الرسول الذي ترويه عائشة -رضي الله عنها- قائلة: أقبلتْ فاطمة تمشي كأن مشيتها مَشْيُ النبي ، فقال النبي : "مَرْحَبًا بِابْنَتِي". ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ثم أسرَّ إليها حديثًا فبكت، فقلتُ لها: لِمَ تبكين؟ ثم أسرَّ إليها حديثًا فضحكت، فقلتُ: ما رأيت كاليوم فرحًا أقرب من حزن، فسألتها عمَّاقال.
فقالت: ما كنتُ لأفشي سرَّ رسول الله. حتى قُبِضَ النبي ، فسألتها، فقالت: أسرَّ إليَّ: "إِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُنِي الْقُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وَإِنَّهُ عَارَضَنِي الْعَامَ مَرَّتَيْنِ، وَلا أُرَاهُ إِلاَّ حَضَرَ أَجَلِي، وَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِي لَحَاقًا بِي". فبكيتُ، فقال: "أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْتَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَوْ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ". فضحكتُ لذلك. هكذا كانت تربية الرسول لابنته، تربية قائمة على الحبِّ والعطف والحنان.
كان صلوات ربي عليه يحزن بحزن ابنته وشبيهته فاطمة الزهراء رضي الله عنها ، فعن المسور بن مخرمة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر وهو يقول: "إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب فلاآذن لهم، ثم لا آذن لهم ثم لا آذن لهم، إلا أن يحب ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم. فإنما ابنتي بضعة مني،يريبني ما أرابها، ويؤذيني ما آذاها"، وفي رواية: "وإني لست أحرم حلالاُ، ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبنت عدو الله مكاناُ واحد أبداً"، وليس في هذا الحديث إشارة إلى أن تعداد الزوجات ممنوع.
ومع كل هذا الحب للولد فإنه صلى الله عليه وسلم لم يعير أحدا من نسائه بأنه لم تلد له ، ولم ينقص ذلك من محبتهن شيئا ،ولا من حقوقهن الزوجية الأخرى ، وذلك من كمال إيمانه بقضاء الله وقدره وحسن خلقه وعشرته لنسائه .
فكثير من الرجال إذا ابتلوا بعقم أزواجهم أو تأخر إنجابهن للأولاد تسخطوا من ذلك ، وآذوا نساهم بالقول والفعل ، وربمافرطوا في كثير من حقوقهن ، وهذا ينافي كمال الإيمان بالله تعالى ، فإن العقم أوتأخر الإنجاب من قضاء الله وقدره كما قالتعالى في محكم تنزيله {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناًوَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ } ويدل هذا التصرف أيضا على سوء الأخلاق والعشرة ، فإن الحياة مليئةبالابتلاءات ، ويجب على المسلم أن يتحلى بالإيمان بالقضاء والقدر ، وبالصبر على المصائب ، ثم الأخذ بما تيسرت منالأسباب لدفع و إزالة تلك المصائب .
....
🕊 مع اصحابه
نجده يعامل أصحابه معاملة تدلُّ على حُبِّه لهم جميعًا؛ وكأنه يخصُّ كل صحابي بحبٍّ خاصٍّ يختلف عن باقي أصحابه؛ حيث نجد رسول الله يصف أصحابه بصفات تُعَزِّز من الألفة والتقارب بينه وبينهم، فيصف الزُّبير بن العوام بأنه حواريُه، ويصفُ أبا بكر وعمر بأنهما وزيراه ، وجعل حذيفة بن اليمان كاتم سرِّه، ولقَّب أبا عبيدة عامر بن الجرَّاح بأنه أمين الأُمَّة.
وفي أحلك لحظات المسلمين شدَّة وجدنا رسول الله مع أصحابه كواحد منهم، يعاني ممَّا يعانون، ويتألَّم ممَّا يتألَّمون، ويلتمس أي شيء يكون سببًا في إشباعهم من الجوع، وإسعادهم من الحزن، فرغم جوع المسلمين في الخندق، ورغم قلَّة الطعام الذيأعدَّه جابر بن عبد الله إلاَّ أنَّ رسول الله لم يأكل دون إشراك أصحابه معه؛ حيث نادى في أصحابه قائلاً: "يَا أَهْلَ الْخَنْدَقِ، إِنَّجَابِرًا قَدْ صَنَعَ سُورًا ، فَحَيَّ هَلاً بِكُمْ .
كان رسول الله يقف معهم في أفراحهم وأتراحهم، وفي قوَّتهم وضعفهم، فلم يتميَّز عنهم بمزيَّة، بل كان كواحد منهم في المأكلوالمشرب والملبس، وهو ما جعل كثير من المشركين يتعجَّبون لهذه الرابطة القويَّة التي جمعته بأصحابه، فقال أبو سفيان بنحرب قبل إسلامه: "ما رأيتُ من الناس أحدًا يحبُّ أحدًا كحُبِّ أصحاب محمد محمدًا!!" .
.......
🕊 مع الخدم
عندما قدم النبي إلى المدينة مهاجرًا قالت له أم سليم رضي الله عنها «هذا غلامي أنس يخدمك» فقبله صلى الله عليه وسلم و كان عمره آنذاك عشر سنين، فخدم أنس الرسول عشر سنين، وقال «خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم فما قال لي أفقط، وما قال لشيء صنعته لم صنعته، ولا شيء تركته لم تركته، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقًا،ولا مسست خزًا أو حريرًا ولا شيئًا كان ألين من كف رسول الله، ولا شممت مسكًا قط ولا عطرًا كان أطيب من عرق رسول اللهصلى الله عليه وسلم».
......
🕊 مع الناس
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيماً بالناس، حتى بالمشركين، وقصة فتح مكة خير دليل علي ذلك،ما فعله مع كفار قريش بعد الفتح، بعد ان اذوه ، وطردوه وحاربوه مرارا وحاولوا قتله، وحين تغلب عليهم، ودخل مكة فاتحا، قال لهم: (يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم؟) قالوا: خيراً أخ كريم وابن أخ كريم قال: (اذهبوا فأنتم الطلقاء) فعفا عنهم بعد أن مكنه الله تعالى منهم، فضرب بذلك المثل في تعامله "صلى الله عليه وسلم" في العفو والصفح على المسيئين.
كان محمد صلي الله عليه وسلم رحمة الله للعالمين.
...
🕊وصاياه الاخيرة في حجة الوداع، ووصيته بالنساء
أوصى النبي خيرًا بالنساء، وتأكيد حقوقهن وكرامتهن
قال في خطبته ما يفيد توازن العلاقة الصحية بين الرجل والمرأة ومنع الخلاف بينهما، ولو أخطأت المرأة يجوز تأديبها برفق،ولها حقوقها من مأكل وكسوة ومعاملة بالمعروف، فالمرأة عند زوجها أمانة وطبيعتها ضعيفة وقد استحلها بكلمة الله.
يقول النبي: «أما بعد أيها الناس ، فإن لكم على نسائكم حقًا ، ولهن عليكم حقًا ، لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدًاتكرهونه وعليهن أن لا يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضربًا غيرمبرح، فإن انتهين فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف واستوصوا بالنساء خيرا ، فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئا ،وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمات الله فاعقلوا أيها الناس قولي» رواه الترمذي.
وعند مسلم: «فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله».
....
وها قد انتهي مقالنا الذي كتبته من وحى ذكري المولد النبوي الشريف، وقد حاوت فيه قد استطاعتي عدم الاطالة و الاشارةفقط لنبذات صغيرة سريعة عن رحمة خير الأنام، مبعوث الرحمة محمد بن عبدالله، صلوا عليه وسلموا تسليما
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
ماشاءالله تبارك الرحمن أحسنتي وجمعتي من فيضه صل الله عليه وسلم
جعلها الله في ميزان حسناتك يا كاتبتي الرائعه
جميييل
اللهم صلي وسلم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم