تطلع إلينا الايام كل يوم بمشكلة أو ظاهرة تنتشر كالوباء، تُحّرك الاخصائين واهل الخبرة ليجدوا لها الحل والدواء ،
فينقذوا الناس من مشكلات كادت تودي بهم الي الهاوية.
لقد اعطي الاسلام الرجل مسئولية كبيرة وهي رعاية الأسرة والقوامة وهذا الدور يقتضي وجوده الدائم لمعالجته الأخطاء وتوجيه أولاده فهو سند وحماية الاسرة ،لكن المشكلة انه أصبح بعض الرجال يلقون هذا الحمل على زوجاتهم ويسافرون لفترات طويلة ربما تصل إلى سنوات بغرض العمل أو الدراسة، مما يؤدي الي ترك آثاراً نفسية واجتماعية سلبية على الأسرة وخاصة الزوجة، و تفقد حياتهما الزوجية رونقها ،وغياب الزوج عن زوجته يتسبب بالجوع العاطفي .. واين التحصن والتعفف للزوج والزوجة على حد سواء إذا كان الزوج غائباً؟
ولو نظرنا في حال عودة الرجل إلى أهله بعد غياب فسنرى أن كلا الزوجين أصبحا عصبيين لا يطيقان سماع كلمة واحدة وتراهما كثيراً ما يفشلان في اعادة بناء حياة زوجية جديدة فيما بينهما لأن فترة الانقطاع هذه ولّدت لدى الزوجة نوعاً من الشك في حب زوجها لها ومقدار اشتياقه فإن كلن يحبها لن يستطيع الابتعاد عنها كل تلك الفترة.
فتبدأ علاقتهما تبرد شيئاً فشيئاً حتى يصلا إلى طريق مسدود تتمنى فيه الزوجة رجوع زوجها إلى غربته ويتمنى الزوج لو أنه لم يأت أصلاً.
و وبوجود أولاد تتحمل الزوجة مشقة وادوار ليست لها وتجبر علي لعبها من تربية الاولاد..وتعويض غياب الاب .. وإذا فشلت بهذه المهمة تكون العواقب وخيمة.
انا هنا لا اتحدث عن من كان مضطر لترك زوجته واولاده، سعيا لطلب الرزق او غيره من الاسباب، بل اقصد من اختار اسهل الحلول فيبتعد عن اسرته دون الالتفات لما يعانونه وينسي دوره ومسئوليته التي سيحاسب عليها امام الله.
و بتراثنا الاسلامي ما يشير الى ان اقصى مدة لهذا البعاد ما يتراوح بين أربعة وستة اشهر باعتبار انها اقصى مدة يستطيع فيها الزوجان الابتعاد عن العيش معا، مما يعني ان زيادة هذه المدة قد تسبب آلاما نفسية او معاناة لا لزوم لها..
وهو ما نستشفه من حديث سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما أمر بألا تطول مدة غياب الرجل عن زوجته أكثر من أربعة اشهر وعشرة ايام ولو كان ذلك جهادا في سبيل الله ففيما رواه التاريخ لنا ان سيدنا عمر بن الخطاب كان يتفقد أحوال رعيته في احدى الليالي فسمع صوت امرأة تنشد أبياتا في احساسها بالوحدة القاسية نتيجة غياب وبعد زوجها عنها.
فذهب الى ابنته حفصة وقال لها كم تصبر المرأة على فراق زوجها قالت أربعة أشهر وعشرة ايام قال من أين لك هذا، هل عندك دليل؟ فقالت: يقول الله تعالى في سورة البقرة (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) لذا أمر عمر رضي الله الا يتأخر احد في الغزو أكثر من أربعة اشهر.
لذا نصيحتي لك ايها الزوج إن كنت مضطراً للسفر فينبغي الا تكون مدة الغياب طويلة حتى لا تكون هناك فتنة ،كما ان موافقة زوجتك على سفرك مهمة جدا حتي تكون متفهمة لموقفك وتساعدك في سد فراغ غيابك مع الاولاد ؛ هذا النوع من التفهم للدور المنوط بكل من الوالدين يصنع جوا من التضحية بينهما، فالأب يسعى جاهدا ليوفر بعض المال لأبنائه، والأم تسعى جاهدة لتعويض كل نقص نتج عن غياب الوالد.
وان ابتعدت فلا تنسي التواصل الدائم مع زوجتك وأولادك عبر وسائل التواصل الاجتماعي وسؤالهم عن احوالهم ومشكلاتهم ،واغتنام كل فرصة لزيارتهم في الاجازات مثلاً فهذا حق زوجتك وأولادك عليك ليس كرماً او تفضلا منك.
واعلم ان البعد قسوة وكلما طالت المدة كلما تعود الطرفان على ذلك .
واخيرا اتمني لكم حياة زوجية سعيدة.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
جميل جدا ..موضوع واقعي ويارب يوصل كتير من الرجال
رااااائع ياريمو ك روعة حديثك معى الذى اشتقت إليه 💞💞
فتح الله عليك يا ريم الجميلة ♥️