لكل الهاتفين بشعار الاعتراض على المألوف، لكل من أمسك بعبارة الأم شمعة ورآها من منظورِ قمعٍ وكبحٍ لرغبات الأم البشرية من راحة ومتعة،
أرجوكم كفاكم اعتراضًا واتركوا هذه العبارة وشأنها؛ فمكانة ووظيفة الأم ليست مكانًا مناسبًا لشعاراتكم التحررية ومشاريعكم التنموية ومؤسساتكم النسوية...
الأم في مكانة مقدسة منزهة عن كل شائبة، مكانة اعترف بها رب العباد، نالتها بتضحياتها الفطرية واحتوائها الذي يأتي أحيانا على حسابها، وحملها أول دليل على ذلك؛
يسلبها الراحة والنوم أحيانا.
يقتصُّ الجنين من فيتامين جسدها ومعادنه إن نقص عليه شيء، أوليست الأم في هذا الموضع شمعةً تُسلَب لتَمنَح؟!
ابتعدوا؛ فليست الأم مكانا مناسبا لعبثكم وترّهاتكم.
نعم تضطر الأم في بعض الأحيان أن تكون شمعة تحترق لتنير لأبنائها الطريق، وهي في الحين الآخر مصباحٌ ينير لهم حلكة الظلام، وقد نالت المكانة المرموقة التي تحتلها عند أبنائها وربها من تلك التضحيات.
أنتِ أم،
فلا تسمحي لهم أن يفصلوك عن أمومتك
لا تسمحي لهم أن يُخرسوا ذاك الصوت الناعم في داخلك والذي يحدثك بالتضحية بشيء يسعدك من أجل سعادة ابنك؛ فصدقيني سعادتك ستكون هناك..
لا أعمم أبدا، وأذكّر نفسي وإياكم بجعل الذات أولوية، ولكن التضحية هي السمة الغالبة على فطرة الأمومة، خاصةً في الأمور المصيرية أو التي تتعارض فيها المصالح، ومخالفة فطرتك تلك من أجل الانسياق وراء أفكار الأنا ( المبالغ فيها ) التي ينادون بها ستسلبك هويتك وتشوه حرفيا نظرتك لذاتك.
نعم الأم مانحة بطبعها،
لا تدعيهم يبثون أفكارهم المسمومة في فؤادك،
الأهمُّ في هذا المقام أن تكوني ذات وعي كافٍ بمواطن استخدام شمعتك أو مصباحك ( يمكنك القراءة حول هذا الموضوع من هنا).
ضرّ بك ما قالوا بحق تفرغك لبيتك وأبنائك؟
جردوكِ من كل معالم الإنجاز، وسلبوكِ حقوقك وكلمات الشكر والتقدير كونك ملازمة لأبنائك ترعين وتربين؟
كثيرات خرجن من بيوتهن للعمل ليس لحاجة مادية أو ظروف صعبة ، وإنما بحثاً عن كلمات التقدير، تعطشاً لنيل المكانة التي ماعاد المجتمع يمنحها إلا لمن أثبتت وجودها خارج أسوار مملكتها، متجاهلين تماما ضحايا هذا الخروج وذاك الانشغال؛ أولئك الأطفال الذين يقضون ساعات طويلة بعيدين عمن هم أحق الناس بجهدها واحتوائها وصبرها وطاقتها. ( مع كامل تقديري لمن اضطرتها ظروفها للعمل فكانت على قدر أهل العزم )
لاتنخدعي بقدرتك الخارقة التي يحدثونك عنها حتى أوهموك بأنك أهلٌ لتحمل مسؤوليات متعددة، نعم أنت كذلك ولكن في إطار فطرتك فكونك زوجة وأم لم تُلْقِ بكِ الحياة على أعتاب ظروفها الصعبة، فإنَّ ذلك يمنحك ذاك الوقت الإضافي والذي يتوجب عليك إنفاقه على نفسك وأبنائك.
لا تغرينّك شعارات النسوية:
بداخلك قوة هائلة.
بداخلك من تستطيع الموازنة بين كل شيء.
لا تستسلمي لروتين الأمومة القاتل.
لا ترضي بذكر كلمة ربة بيت عندما تُسألين عن وظيفتك، كيف وقد تعلمتِ ونلت شهادة تسمح لك بإطلاق العنان لطموحاتك؟
إنها شعارات واهية، شعارات سرابية يظنها العطشان ماء، ومع أول تأوّه منك ستتلاشى باتهامهم إياكِ بالضعف، إلى أن تتحطَّمَ صورتُك أمام نفسك،
لا ياعزيزتي أنت لست ضعيفة، بل هم كذلك.
ضعاف المعرفة
ضعاف الفهم
ضعاف التقدير
ضعاف الإلمام بمعاني ومسؤوليات الأمومة.
نحن الآن في أمسّ الحاجة لمن ينفض غبارَ الزمانِ عن عقول الجهلاء، نحن في أمس الحاجة لمن يعطي التعريف الكامل والصحيح لكلمة أم ووظيفة أم ومكانة الأم، التي ولطالما ربطوها فقط بالجانب العاطفي، فما أن جاء الزمانُ الذي يطالب بتنحية العواطف جانبا وتسييد العقل والمنطق والفكر والنجاح والتطوير وإثبات الذات، حتى سقطت الأم وكل ما يرتبط بها من معاني في أسفل سافلين،
لتغدو كلمة: أنا أم متفرغة لتربية أبنائى كالعار على الجبين،
حسنًا، مادمنا الآن في زمان العقل أليس منا عقول رشيدة تنهض بالأم والأمومة، توضح معناها و تبرز دورها دون ربطها أحاديُّ الوجهة بالمشاعر فقط؟
عقول تنهض بعقول الأمهات أنفسهن أولا، تساعدهن أن يَكُنَّ أفضل. يزرعون في عقولهن الوعي بأهمية دورهن بالمجتمع.
يلبسوهن نظارة تجلي تلك الضبابية عن أعينهن حتى غدين كالأعمى دون عصا يمشي بغير هدى، تتلاطم في دواخلهن موجات الإنجاز والنجاح المزعومَيْن في العمل خارج المنزل مع شعورهن بالمسؤولية تجاه أطفالهن،
نحتاج من يعيد للأمومة قيمتَها، ويرفع الصوت مناديا بذلك،
نحتاج من يوضح القيمة الروحية والعقلية والنفسية للأم بعيدا عن عبارات العاطفة التي تستفز مُنتهجي المنطق والعقلانية في هذا الزمان،
زمان نجد فيه أن الأمهات قد فقدن الشعور بقيمة أنفسهن.
ونجد الفتيات ممن لم تصل مرحلة الزواج فيه تتحدث عن الزواج والأمومة وكأنهما النهاية التعيسة لرواية حياتها وكأنه الموت التي تفر منه.
الأمومة عندها =نهاية الحياة=نهاية الحرية=قتل الطموح=انعدام القيمة=تخلف ورجعية= ركود على رف الذكريات والإهمال.
في ظل زمان النسوية هذا نجد وبكل أسف الكثيرات ممن نشأن على هذا الفكر ، وأسأل الله أن يُخرِجَ من بيننا من ينتشلهن من وحل الجهل وضياع القيمة،
لا ياعزيزاتي، إنَّ وظيفةَ الزواجِ والأمومةِ وظيفةٌ تتطلب الكثير من المؤهلات لضمان النجاح فيها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
أن تكون الأم ذات شخصية متزنة
شخصية مثقفة
شخصية قادرة على التعامل مع التغيرات اللحظية.
شخصية صبورة.
شخصية واعية لمعنى التربية الحقة إلى جانب الرعاية.
شخصية واثقة بنفسها
شخصية متجددة
شخصية حسنة المظهر والهندام لنفسها أولًا.
شخصية مبتكرة وإبداعية.
شخصية داعمة وملهمة وقادرة على الاحتواء.
شخصية دائمة السعي لتطوير ذاتها ونفسها بالمهارات والهوايات التي تهمها.
هذه بعضٌ من المؤهلات التي يفترض بالأم امتلاكها.
عزيزتي يا من تقفين على أعتاب الحياة معارضة لفكرة الزواج، دعي عنك تلك الصورة النمطية التي رسمَتْها لك بعضُ النماذج في الحياة الواقعية، أو حتى في أفلام ومسلسلات التلفاز؛ فلطالما صوروا لك بأن الأم ماهي إلا امرأة تربط رأسها بعُصبةٍ يتوارى تحتها شعر منفوش، هندامها يملؤه الزيت ورائحة البصل، لسانها لا يعرف سوى الشتائم، وصوت صراخها اللامتناهي يرن في البيت طوال النهار والليل.
انتِ تؤمنين كحال الجميع في هذا الوقت أنّ الإنسان هو المسؤول عن واقعه، وتؤمنين كذلك أنه من غير المقبول أن يحدد لك أحدٌ ما قيمتَك ومنهجك في الحياة، لذلك إن قررت يوما أن تصبحي أمٍّا فكوني أمًّا استثنائية؛، أمًّا تملك من تلك المؤهلات التي ذكرتُها ما يجعلها سعيدة بأمومتها ومركزها، قراركِ هذا بالتوجه نحو الأمومة ليس حكمًا بالإعدام، إنه بداية لمشروع عظيم في حياتك، يتطلب التخطيط والعزيمة والإصرار وتحمل المسؤولية المنوطة به، مشروعٌ انتِ فقط من يرسم أبعاده وينفذها، وأنت فقط من يقرر خط سَيْرِه ونهج ، ووفقًا لتلك المعطيات ستأتي النتائج.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
من رقي ذوقك لانا، أشكرك جزيل الشكر
كل الشكر والتقدير لرأيك الراقي روية
فعلاً، المشكلة في وأد الفطرة الانسانية في الأمومة والأبوة. تدوينة رائعة كل التوفيق لك