خلد التاريخ أسماء كثيرة لأنبياء ولرسل ولكن النصيب الأكبر كان لنبي الله إبراهيم لماذا؟ وكيف كان ذلك؟ وعلى أي صيغة؟ أتمنى أن تجد الإجابة في نصي هذا♡


هل تساءلت يوما لم نقول عند التشهد في كل صلاة( اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم)؟


هل استوقفك في يوم ما سؤال ما هو سبب تسمية الصلوات الإبراهيمية بهذا الاسم ؟ لمَ لمْ تكن الصلوات اليوسفية أو الادريسية؟ لم لم تكن هارونية مثلا؟ لم اقترنت الصلاة والتسليم على محمد صلى الله عليه وسلم بإبراهيم عليه السلام ، مصطفا مفضلا بها على الثلاثة أولي العزم الباقون فلم تقرن بنوح ولا بموسى ولا بعيسى...


لابد أن لهذا الشيء العظيم حكمة ما أو تفسير يذكر،


يقال لأن النبي صلى الله عليه واله وسلم رأى ليلة المعراج جميع الأنبياء والمرسلين، وسلَّم على كل نبي، ولم يسلم أحد منهم على أمته غير إبراهيم عليه السلام، فأمرنا النبي صلى الله عليه واله وسلم أن نصلي عليه في آخر كل صلاة إلى يوم القيامة مجازاةً على إحسانه.


ويقال أن إبراهيم عليه السلام لما فرغ من بناء الكعبة دعا لأمة محمد عليه الصلاة والسلام وقال: اللهم من حج هذا البيت من أمة محمد فهَبْه مني السلام، وكذلك دعا أهله وأولاده بهذه الدعوة، فأمرنا بذكرهم في الصلاة مُجازاة على حُسْن صنيعهم


أتدري كم هو عظيم أن يحيى ذكره الطيب إلى يومنا هذا ليتردد اسمه العطر على ألسنة المسلمين وغيرهم من الأمم في جل بقاع الأرض بمشارقها ومغاربها؟ أتدرك أبعاد هذا الامر إذا هيئ الله القلوب فطريا على حبه والحاسة على ذكره والفكر على احترامه والايمان به وبرسالته؟


يجب أن لا ننسى إطلاقا دعاءه الذي تلفظ به عليه السلام بعد أن أكثر القوم الكافرون من جداله في وحدانية الله والإيمان به حيث أن الله عز وجل ذكره في كتابه الكريم في سورة الشعراء إذ قال: بسم الله الرحمن الرحيم


( واجعل لي لسان صدق في الآخرين) أي: واجعل لي ذكرا جميلا بعدي أذكر به، ويقتدى بي في الخير.


أجل عزيزي القارئ لم يخص الله عزوجل إبراهيم عن غيره في الذكر بمحض الصدفة التي حدثت ليلة الإسراء والمعراج فقط، إنما كان لهذا الدعاء دور كبير في ذلك


وقد منح عليه السلام الأولوية للدعاء التالي


(رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ)


أي كما ذكر في التفسير الميسر، قال إبراهيم داعيًا ربه: ربِّ امنحني العلم والفهم، وألحقني بالصالحين، واجمع بيني وبينهم في الجنة


تأمل الإعجاز في هذا لحظة واحدة


لعلنا نستنتج أن لسان الصدق ألا وهو الذكر الطيب والحسن بين الناس مقرون بالعمل الصالح فإذا صلح قلب الإنسان صلح لسانه وسائر عمله فيصبح بذلك الصلاح انعكاسا إيجابيا على من هم حوله من أهل وجيران وأقارب وأصدقاء حتى إذا ما التقى أحدا في طريقه ترى انعكاس الصلاح في نور وجهه وإذا لاسن الناس تراه مرموقاً ، حديثه جميل ،ومنطقه راقٍ


وبتعريف الصلاح يكمن السر فإن كان الانسان جديرا باعتقاده وايمانه وعمله وقوله واخلاقه فقد صلح أمره كله أي :صار حسنا وزال عنه الفساد ،وصلح له الامر كله أي: لاءمه ووافقه، فما هي إلا علاقة نسبة وتناسب فكلما ازدت مكيال الصلاح ارتفعت نسبة الإصلاح في كل شؤونك

وعلى ذلك تقتضي الفكرة.


هل إبراهيم عليه السلام هو وحده من له لسان صدق ؟


لا يا عزيزي أنا وأنت سيكون لنا لسان صدق أيضا فقط إن استطعنا تجاوز بضع محطات ،سيكون الوقوف عندها هينا لا تخف..


أولها وأهمها الدعاء ،نعم الدعاء!


إسال الله لنفسك الصلاح بدايةً


اجعله عز وجل وجهتك الأولى قبل الصعود على متن أي حافلة، ولا تخجل من دعائك فقد كان دأب الصحابة الكرام سؤالَ الله أبسطَ أمورهم بل كلَّها. عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لِيَسْأَلْ أَحَدُكُمْ رَبَّهُ حَاجَتَهُ كُلَّهَا، حَتَّى يَسْأَلُهُ شِسْعَ نَعْلِهِ إِذَا انْقَطَعَ”


وكن لحوحا في دعائك ،تضرع له بكل ما أوتيت من قوة، فإذا شاء هو أمرا قال له كن فيكون ،حتى وإن كنت غريق الذنوب سقيم النفس، لن يتركك الله تعالى وحدك ،سينتشلك من قعر الضعف ألى قمة الشجاعة ويهيئ لك السبل التي فيها حتما سعادتك ويصلح لك حالك عاجلا أم آجلا اساله رفعة المنزلة وعلو الشأن وحبه جل علاه♡


إن اجتزت هذه المحطة عليك باللطف واللين فهما سيكونان رفيقان السفر للمحطة القادمة، لا تنتظر استجابة الله تعالى من غير أن تسعى لها بل اصنعها ، ولا تكن كالذي يسأل الله الرزق ولا يريد العمل، بل كن كالذي يسال الله المغفرة وهو قائم بالليل والنهار يتوب لله ويستغفره


فلكي يستجيب الله ويجعلك محبوبا بين الناس يجب أن تكون محبا، لا تبغض أحدا ولا تجعل للكره سلطة عليك ، كن طيب اللسان جميل الخلق، ساعد جارك، واسند ضعف أخيك، وكن داعما للجميع ، لخربشات أختك الصغيرة على جدران المنزل لا تصفعها بل صفق لها، للطبخة المحروقة التي أعدتها زوجتك استطعمها بقلبك لا بلسانك، لسهوة زميلك بالعمل ،لشدة معلمك في المدرسة ،لصرخة أمك وغضب والدك كن لينا فلينك هذا سيترك الأثر.


يبدو أننا أطلنا الحديث، أسرع سيفوتنا القطار


اختلس النظر قليلا من النافذة ستجد أن الطريق مكلل بالشجر الأخضر كم أن منظره جميل ألا تريد ان تكون مثله؟

تماما اعتقادك صحيح نحن في المحطة الأخيرة محطة ما بعد الوفاة يا صديقي وكل ما تراه أمامك ما هو الا بذرة نمت فأزهرت


هذا البستان انت وانا وكلنا بعد الرحيل ان نحن سقينا شجرنا بماء العطاء.


العطاء؟

نعم العطاء، كن معطاء لكل من حولك اجعل من نفسك بصمة تتركها لهم بعد الرحيل ، اسقهم بالاهتمام ،سواء بكلمة، بابتسامة، بكتاب قد تهديه لأحدهم، بزهرة قد تزرعها في طريقه ،بورقة قد ترميها له من شباك نافذته، برسالة الكترونية قد تكون كفيلة بزوال همه ،بشق تمرة قد تطعمها إياه


كله عند الله باق لا يزول وكله في عقول من هم حولك ذكرى

يستحيل نسيانها


اجعل نفسك بصمة في القلوب تصبح اسما نطقه سليم مطيب محبب على الافواه♡


هنيئاً لك وصلت إلى وجهتك ♡










ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

بوركتِ على هذه المقالةِ الرائعة!

إقرأ المزيد من تدوينات راما الكميتي

تدوينات ذات صلة