الحزن الذي أعنيه فهو الذي ينبثق من رحم الفقد أو الفراق ، و ربما خيانة أو خذلان.


قد يبدو لك من خلال العنوان أن كاتبته إنسانة غريبة الأطوار، لكن لما لا تمهلونني لحظات من وقتكم الثمين و تسمعون عفوا تقرؤون ثرثرتي النابعة من قلبي.

نسمع دائما أشخاصا يطالبون بحقهم في السعادة ، الفرح ، الأمل ، الأمان و حتى الاستقرار العاطفي. و كذلك أصبحنا جميعا مطالبين بأن نكون دوما سعداء و الابتسامة العريضة تزين وجوهنا دائما !

و ماذا عن الحزن ؟ لما لا يطالب به أحد ؟ لما أصبح من الممنوعات التي يفضل أن نتحاشاها ؟ بالنسبة لي أصبح الحزن رفاهية لا يمكن أن يتمتع بها أي كان ، رغم أنه من الأمور الصحية في حياتنا . نعم صحية ! كيف ذلك؟ حسنا هناك أشخاص كانوا في حياتي يرفضون رفضا باتا أي سحابة حزن يمكن أن تعبر سماء يومي لأنها قد تعكر صفو يومهم . كانوا يتوقعون مني أن أكون دوما سعيدة و بشوشة حتى و إن كنت أعاني أصلا.ماذا حصل في رأيكم ؟ لقد بقيت أرزح تحت ضغط التوقعات و أزيف مشاعري و لا أبوح بها حتى وصلت لحافة الانهيار بل و قفزت.

لذلك أطالب بالحق في الحزن ! أحزنوا و أخرجوا جميع المشاعر السوداوية داخلكم ! إذا لم تطردوها ستتعفن داخلكم و تسرطن عقولكم و قلوبكم !

الحزن حالة إنسانية طبيعية جدا و مهمة كالملح في الطعام ، لا يمكننا تناوله لوحده و لكن لا يمكننا أن نستسيغ الأكل و نبرز نكهاته بدونه. لولا الحزن لما عرفنا باقي الأحاسيس المقبولة في الأوساط المفرطة في الايجابية !

لذلك يجب أن نحزن ! أن نمارس حقنا فيه و في أن نكون واقعيين و طبيعيين بشكل معقول. الحزن يحافظ على توازن المشاعر و يضفي لذة على إحساسنا بالسعادة.

اسمح لنفسك بالحزن إذا اقتضى الأمر ذلك ، دعه يستنفذ وقته و سيمر ، مهما طال الوقت سيمر ! رويدا رويدا سيبدأ بالتلاشي و سيختفي في النهاية مخلفا وراءه مساحة نقية ! كلما قاومته و كبحته كلما تعاظم و تحول لشيء أكثر رعبا و ايلاما منه !

أنا لا أتحدث عن الحزن الذي يشخص على أنه حالة مرضية تستدعي العلاج و الذي يكون إحساسا منفصلا عن الدواعي والمبررات و الذي لا منطق يحكمه. أما الحزن الذي أعنيه فهو الذي ينبثق من رحم الفقد أو الفراق ، و ربما خيانة أو خذلان.

دعوا عنكم أقنعة المهرج التي لا طائل منها و احزنوا في المواضع التي تحتاج ذلك لتحافظوا على إنسانيتكم الواقعية.



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات نصيرة الخمليشي

تدوينات ذات صلة