كلّنا نتمنّى السعادة، و الأفراح و النّجاحات و تحقّق الأمنيات و تجاوز الأزمات.

كلّنا نريد الخير لأنفسنا، و للآخرين أيضا عندما نكون أخيارا. و مع هذا فلو أردنا أن نتحدّث بصدق أكبر و صراحة أكثر فإنّنا سنقرّ بأنّه من غير اليسير الإبتهاج لمكاسب الآخرين، لمّا تكون مفقودة و مفتقدة لدينا.

لأكثر من مرّة سمعت أناسا يعتبون على أناس كانوا جدّ مقرّبين منهم ثمّ فجأة انقطعت أواصر الودّ لسبب كان يبدو لهم عجيبا و غريبا، إذ هل يعقل –على حدّ قولهم- ألّا تفرح نورا لزواج سارا فلا تحضره و لا تكلّمها بعده مطلقا؟.. هما اللتان عاشتا مخلّفات سنوات تأخّر هذه الرابطة، سويّة. هل يمكن أن تتلاشى سنوات من الصداقة و الزّمالة الطيبة أمام نجاح زيد و رسوب يزيد؟.. أو ذلك الجار الذي ما يزال مستأجِرا و صار يتفادى جاره كلّما صادفه بعد أن استطاع هذا الأخير أن يتحرّر من قيد الإيجار و يظفر ببيت، أخيرا؟..

في الحقيقة، الحكم على مثل ردود الأفعال هذه عملية دقيقة و شائكة جدّا. فمن جهة، هناك هذه العروس أو ذاك النّاجح أو الظّافر و ما تستدعيه أخلاقيات المؤمن من سعة في الصدر يفرح بها لفرح أخيه و لو كان به خصاصة، موقنا بأنّ الأرزاق بيد ملك عدل حكيم رحيم يعطي لخير و يمنع لخير. و من الجهة الأخرى، هناك أشخاص لم يكن مقدّرا لهم أن يحظوا بمثل هذه العطايا و رغم ذلك قد يكونون على وفاق تام أو ناقص مع هذا النصيب لولا بعض الإستفزازات القادمة –ربما عن غير قصد- من الضفة المقابلة. فالمبالغة في إظهار الفرحة و الرّغد قدّام أشخاص غير معنيين بها أمر إن دلّ فعلى انعدام الشعور بالآخر و على الأنانية أحيانا.

الفرحة الكاملة هي التي لا تخلّف دموعا خلف الأستار، بعدها. الفرحة المباركة هي التي لا توقظ الأشجان و لا تفتح الجراح بعد التآمها. الفرحة الطيبة هي تلك التي لا تغترّ بظاهر الأمور، دارية حقّ الدّراية بأنّ حقيقة المستجدّ لا يعلمها إلّا الله.. فكم من ممنوح اكتشف مع الأيام بأنّ هبته كانت محض تفاحة مسمومة، و كم من محروم فهم في النّهاية بأنّ الحرمان معه لم يكن منذ البداية غير طوق من أمان.

رحمة سعيد

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات رحمة سعيد

تدوينات ذات صلة