ندرك جيدا اننا نعيش في زمن غزت فيه مواقع التواصل الاجتماعي مُحيطنا الخاص،
وتحولت هذه المواقع من ترف الى ضرورة حياتيه لكل فرد، وهذا بطبيعته يعني تنوع واختلاف مستوى العقول المُستخدِمة لهذه التطبيقات، فنرى الصغير والكبير، الصالح والطالح ، نُبغاء العقول وأقزامها ، الكل يمتلك حرية التحدث وإبداء الرأي.
فهذا يُقْسِم أنه يمتلك الحلول لمواضيع سياسية عجزت عنها دول ،وذاك لا يملك من الدين إلا الشهادتين وتراه يتعدى على أئمة كرسوا حياتهم لفهم هذا الدين فيطعن في شيخ ويُكفر الآخر ، وآخر يتفنن في انتقاد حاكم فلاني بسبب ميول جاف وعكر، ويأتيك آخر يتعاطى الإقتصاد فيصول ويجول وهو لا يعلم ما معنى (تضخم). وهذه الفراغ النقاشي لا يقتصر على الشبكة العنكبوتية فقط بل يطول المجالس ايضا، فصار الكل يتحدث بعلم أو دون علم. وهذا ما يطلق عليه الجهل المركب.
قال سهل التستري رحمه الله: ما عُصي الله بمعصية أعظم من الجهل. قيل: فهل تعرف شيء أشد من الجهل. قال: نعم، الجهل بالجهل.
فالجهل نوعان بسيط ومركب، أما البسيط فصاحبه يعلم أنه جاهل فهو مدرك لجهله، وأما المركب فصاحبه يجهل الشيء وهو يرى نفسه عالما به، وهنا تكون المصيبة فيتركب جهله من جهلين: جهل بالواقع وجهل بهذا الجهل. يقول جورج برنارد شو :ادعاء المعرفة أشد خطرا من الجهل. لذا هذا النوع من الجهل هو من يقود الشخص لِتَّسفْسُطْ في موروث الأمور ومُستحدثاتها ، وإن كان لا يستطيع الشتم والقذف في المجالس فهو يفعل ما يريد في مواقع التواصل بأريحية تامه محتميا بستار الحسابات والأسماء الوهمية، ولو أنَّ الحال أخذ منعرج أقبح بكثير في الآونه الأخيرة فأصبح الذباب لا يَتَخفَّى بل يُجاهر بجهله.
ولو اختليت عزيزي القارئ بفكرك قليلا، وتفكرت في من حولك ستدرك أن معظم من حولنا سقط في هذه الوحل إلا من رحم ربي، فأصبح من الوافر جدا أن تصادف شخص يعلم كل شي، ما عليك إلا ان تُفاتِحه بموضوعك أياً كان سياسياً ،إقتصاديا، أدبيا، دينيا، علميا ، رياضيا، تاريخياً فالجميع بقدرة قادر أصبح يعلم كل شارده ووارده.
لكن يجب علينا أن نتذكر قبل أن نخوض في أي مسألة أننا مساءلون أمام الله عن كل كلمه نطق بها اللسان، يقول تعالى : ( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ).
والسنوات الخَدَّاعات التي أخبر عنها النبي حين قال: وينطق فيها الرويبضة. قيل وما الرويبضة يارسول الله؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة.
فلا عيب يطولك إن كنت لا تعرِف، فالقول بعدم المعرفة أطهر من الخوض بجهل. وادِّعاء الجهل فن لا يتقنه إلا الحَذِق من الناس.
أما طريقة التعامل مع الجاهلين فهي :
{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}.صدق الله العظيم.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات