منا من يريد أن يعيش حياته كما هي، ومنا من يكره مفاجئات المستقبل.. لكن ماذا لو انكشف لنا المستقبل؟ هل ستكون حياتنا أسعد؟ هل سيكون أمرا ممتعا؟
ماذا لو عرفت ما الذي سيحصل لك في المستقبل؟
لنكتب معا سيناريو لتوضيح الفكرة ولنجيب عن السؤال..
تخيل معي..نائم في غرفتك، وغارق في أحلامك. زارك شخص ما في منامك وأراك فيلما غريبا ليوم من حياة البطل .وفي هذا اليوم وقعت أشياء جميلة لهذا الشخص وأمور أخرى ليست كذلك. في نهاية الفيلم برز وجه الشخص: إنه أنت!! ثم أخبرك الشخص الذي أراك الفيلم أن هذا ما سيحصل لك في هذا اليوم.
استيقظت من نومك مندهشا، مختلط الأحاسيس، متحمسا للأشياء الجميلة لكن خوفك من السيئة غلب.
وطبعا هنا ستفكر في الحل لكي يكون يومك مثاليا.. لنحذف الأمور السيئة من حياتنا؛ أليس كذلك؟! ألن تفكر هكذا؟! أظن جواب الأغلبية سيكون بلى إنها الطبيعة الإنسانية نحب أن تكون حياتنا سعيدة.
حسنا منذ استيقاظك وأنت تفكر في الطريقة التي ستمحو منها ما سيعكر حياتك اليوم اندمجت في التفكير وأخرجت أوراقك تكتب وتخطط. لم يهدئ لك بال..
ألم تلاحظ أن كل ما صرفته من حياتك في التفكير ضاع منك بلا عودة.. ألم تلاحظ أن كمية التوتر والألم التي شعرت بها تفوق ما كان سيحدث لك ربما..
وأخيرا، ارتأيت أن أحسن حل لتجنب ما يسوئك هو تغيير برنامجك اليومي وتفادي الأشخاص الذين قد يسببون لك الأذى. وأكملت يومك بعد أن ضاع نصفه في التفكير.وفي آخر يومك عدت إلى المنزل.
لحظة. لم أخبرك عن الأمور الرائعة التي حظيت بها.. ببساطة لأنك لم تحظ بها، كان يومك رتيبا، مملا مليئا بالخوف. لكنه لم يكن خوفا من مجهول بل من معلوم.
ربما يكون كل ما قلته غير صحيح، ويمكنك أن تعتبرني متشائمة؛ حسنا غَيِّر السيناريو بحيث تكون النهاية سعيدة..
لكنني أؤمن أن الحياة تسير من منطلقين اثنين: القضاء والقدر، فهناك أمور ستحصل لك شئت أم أبيت بطريقة أو بأخرى ورُبَّ ما تخبئه خير من ظاهرها المخيف.
انتظر.. هذا لا يعني أنك مسيَّر في أمور حياتك كلها، إذن اجلس فوق أريكتك وانتظر قدر الله ما هو فاعل بك. على العكس تماما انهض واعمل، جاهد واصبر.. حياة البشر في أغلب الأمور تسير بقانون السببية ولن تحصل على ثمار لم تزرعها. كل ما أريد قوله هو أن تتقبل حياتك كما هي، إن رأيت أنك هناك بعض الأمور التي تستطيع تغييرها لحياة أفضل، افعل ذلك ولا تتردد. أما أن تضيع نصف حياتك محاولا تغيير ما ليس لك عليه سلطة فهنا لا أتفق معك.
الحياة ليست سعادة مطلقة والسعادة ليس لها معنى إن لم يوجد نقيضها. قيمة السعادة تتجلى عندما نحزن ونتألم.
معرفتك لما هو آت لن يفيدك بشيء، على العكس سيزيد من توترك وسيطفئ نور المفاجئات الجميلة في حياتك وحماسك لعيشها.. خذ مثالا؛ اشتريت كتابا، والتقيت بصديق سبق أن قرأه ولسوء أو حسن حظك أخبرك بجميع أحداثه المهمة والثانوية. سؤالي لك وسيكون ختاما: هل لا زلت تريد قراءة الكتاب؟! هل مازال لديك الحماس لقراءته؟
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
شكرا يا مبدعة، ارض بما قسم الله لك تكن اغنى الناس