تتحدث التدوينة عن العلاقات الإنسانية السامة منها والصحية وكيف تفرق بينهما وتعرف محيطك

"العلاقة الصحية"


يُذكر إن الإنسان سمي إنسان لإنه يأنس بالصُحبة ولا يطيب له العيش وحيدًا منعزلاً مهما ادعى تفضيله العزلة.

إذا رزق المرء أن يعيش في محيط يبادله المحبة والألفة ويمده بالقوة والدعم اللازمين للمضي قدماً في الحياة فقد أوتي خيرًا كثيرا و رزقًا عظيماً.


و أبرز العوامل التي تحدث تغيير وتتأثر بها شخصية الفرد هي الصداقة


" قل لي من تصاحب أقول لك من أنت "


لذلك اتت اهمية الانتقائية و التمحيص في اختيارات المرء لمن يدخله حيز حياته الخاصة ويشركه في أمره خيره وشره ويطلب مشورته حين يحتاج استعارة رأي عاقل رشيد يعينه على وعثاء الطريق وعناء الرحلة.


إذن انتهى من الاختبار كيف يتأكد إن كانت هذه العلاقات صحية و ليست مجرد علاقات سامة تستهلك طاقته وتتغذى على تحطيمه ؟



العلاقات الصحية لا تعتمد على الحب كما يظن غالبية الناس بل على المودة اذن ما الفرق بينهما؟


‏"أما الفرق بين الحب والود أن الحب ما استقر في القلب، والود ما ظهر في السلوك، فكل ودود مُحب، وليس كل مُحب ودود."


‏– د. محمد راتب النابلسي


وهنا يقفز الى اذهانكم اذن ما هي العلاقة الصحية؟


العلاقة التي يتبادل فيها الطرفان الأخذ والعطاء، الدعم والمساندة ، الحضور والمشاركة، المؤازرة في الاحزان قبل الرقص على انغام الافراح.

الوضوح فيها مقدم على الغموض، أن تشعر فيها كما لوكنت تجلس في اكثر الزوايا الآمنة لك من بشاعة العالم.

الصدق فيها سلوك مرغوب والكذب دهاليز مقيتة، الاعتذار فيها من شيم الكرام، و الخطأ وارد لا حاجة للتبرير وكثرة الكلام في تأكيد الملام.

لا تبنى العلاقات الصحية على القشور السطحية والمعلومات الاولية المبنية على المظاهر والاسماء بل تغرس جذورها عميقاً في القلوب حتى تتعارف الارواح ثم تتآلف .


الاسثمار في العلاقات يضاهي الاسثمار في الاسهم والبورصة فما تمنحه من عطاء غير مشروط واهتمام صادق لا يذهب هباءً منثور إن احسنت الاختيار .

الناس مختلفون في الطباع والاخلاق والنفوس، لكن هناك مؤشرات على إن هذه شخصية لا تثمر معها مودة و لا يستقيم لها حال في الرخاء او الشدة.


1- من يركض إليك في احزانه و يشاطرك مآسيه ثم به ينساك في الافراح و المسرات.


٢- من يفجر في الخصومة و يزيد من حدة الموقف ثم يضخم الكراهية تجاهك ،وترى ما كان طي الكتمان اصبح

حديث كل لسان.


٣-المتقلب الود اليوم يحبك حباً جما وغداً يبغضك و يمقتك، محبته قائمة على الشرط إن تم كنت محبوب وإن خالفته اصبحت منبوذ.


٤- من يهملك كما لو كانت العلاقة معك مضمونة وثابتة على الدوام ويأتي بعد قرون يبحث عن نسختك القديمة و يشعر بالخيانة عندما يكتشف انك لم تعد محطة في طريق عودته البائسة كل مرة.


٥- الأحمق لا تستمر معه علاقة كما قال الماوردي فإن الحمق لا تثبت معه مودة ولا تدوم لصاحبه استقامة. وقد رُوى عن النبى، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «البذاء لؤم، وصحبة الأحمق شؤم».


٦- المنافق المتلون الحديث والود والقلب لا يصون العهد و لا يحفظ الوعد ولا يؤتمن اهرب منه فإن سمه قاتل ولدغته قاضية.


٧- من يؤذي الاضعف منه لفظيًا او جسديًا، من تنقصه الرحمة و يفتقر للعطف على الانسان والحيوان لا خير فيه .



٨- الاناني يستنزف طاقتك وعواطفك تجاهك و ما تأخذه يكاد لا يذكر، لا يعتذر عندما يخطئ اذ لا يظن نفسه على صواب على الدوام، يدور حول نفسه في فراغ هائل زائف من الغرور.



٩- الحاضر في ايامك المشرقة الغائب في ايامك الغائمة


"صَديقٌ لَيسَ يَنفَعُ يَومَ بُؤسِ

‏قَريبٌ مِن عَدوٍّ في القِياسِ"



وتلك الصفات تندرج تحت العلاقات السامة

ما هي العلاقة السامة؟

هي العلاقة التي يشعر الطرف الآخر فيها بفقدان الأمان والسكينة، وإنه مستنفذ الطاقة ومستهلك القوى.

يعطي الكثير ولا يأخذ في المقابل، يراوده إحساس بالتقصير والنقص مهما بذل من جهود مضنية في محاولات للوصول للكمال المنشود في هذه العلاقة المشؤومة.

ويميزها إن الشريك السام لا يعتذر عن تقصير ولا خطأ ظاهر للعيان ولا يختلف عليه اثنان، بل يستخدم استراتيجة قلب الطاولة والأثاث ولا يمانع بالطبع في هدم السقف على رأس الضحية.

و جدير بالملاحظة إن الشركاء من هذا النوع الخطير يختارون ضحاياهم كما يختار النمر فرائسه، يبحث باستماتة حتى يشتم رائحة ضعف تقدير الذات، و هوان النفس على صاحبها، ثم ينقض بمخالبه الحادة على الضحية.

ما يزيد الأمر تعقيدًا إن هؤلاء الوحوش البشرية يبدو عليهم من مظهرهم الخارجي إنهم اشخاص مذهلين ولديهم جاذبية من نوع خاص، و احياناً ذكاء اجتماعي مُلفت، لكن هذه شباكهم الخاصة بالصيد لا تنخدع بألوانها الزاهية وشكلها الجميل.


إذا شعرت إنك محبط و لا تتلقى من هذه العلاقة اي كان نوعها صداقة، شريك، عمل

إلا الحزن والكدر فغادر في الحال، ولا تلتفت للخلف ما تركته وراءك لا يستحق عناء الالتفاتة.


نحنُ بحاجة لشجاعةِ الحذف ؛ حذف التّـفاصيل ، حذف المَاضي ، حذف الرّسائل ، حذف الأصْـوات ، حذف الحَـنين ، و حذف بعض الأشخَاص أيضاً. - وودي آلن


المودة استثمار عاطفة اصيلة مدى الحياة وحتى بعد الموت وليست حظ بل حصيلة صدق ،وصبر ،واهتمام دؤوب، مراعاة ،وتفهم. إنها الألف عذر بدل السبعين، و الاذرع المفتوحة على الدوام لاحتضان المخاوف. إنها الكتف الذي يستند عليها الإنهاك والمنديل الذي تبلله الدموع.



‏"المحبّة ليست شيئًا طبيعيّا. إنّها تتطلّب الانضباط، والتركيز، والصبر، والإيمان، والتغلّب على النرجسية. إنها ليست شعورًا، بلْ ممارسة".


[إيريك فروم ]


احذر اذا كنت تتبع نظام غدائي صحي و روحك تعاني في علاقة مسمومة .

هِبة

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

جميل , سلمت يداك

تدوينات من تصنيف معتقدات شخصية

تدوينات ذات صلة