الكثير من الأماكن تهجر من قبل أصحابها لأساب يظنون دائما أنهم محقين فيها .

ترهقني فكرة البيوت المستأجرة ، يرهقني البيت المستأجر..يرهقني أن يكون كل شيء فيه مؤقتًا ، كل شيءٍ متحفزٌ دائمًا ، أن تبقى أشيائي نصفُ محزومةٍ ونصف مفرودة..هل نمت "مقرفصًا" ليلًا بطوله ، دون أن تستطيع مدَّ قدميك ؟! أشيائي تنام هكذا دائمًا في البيوت المستأجرة !


يرهقني أن لدي في المنزل الذي يفترض أنه منزلي حقيبة محزومةٌ دومًا ، ممتلئةٌ دومًا..وجاهزة للرحيل دومًا.. وأنا كإنسانة تتعلق بالأماكن والبيوت، وبالتفاصيل الصغيرة قبل الكبيرة،فكرة الرحيل تبدو مرعبة بالنسبة لي.


يرهقني أن أحب بيتًا وأتعلق به وأنا أعرف أنه ليس لي..وأن النهاية قادمة والفراق قادم.

وأن الغرفة التي أنام فيها، وأحدثها تعاصر أحداث جزءٍ من حياتي، والمطبخ الذي يعرفني وأحفظ تفاصيله وزواياه..أنني أعرف أنهما ليسا لي ، وأن النهاية قادمة ، والفراقُ قادم.


كتبي مثلًا..أخشى من ازدياد عددها، لأن الرحيل المفاجئ تعيقه كثرة الأشياء ، ملابسي..أحاول تقليصها كلما تضخَّم عددها ، لأن الرحيل المفاجئ تعيقه كثرةُ الأشياء ، أعُدُّ أحذيتي دائمًا ، أتخلص من الزائد ، أدخل المطبخ، أنادي..أمي بدأت أشياؤنا تتضخم، تمامًا كما في بيتنا القديم ، والرحيل لا أمان له ، قد يداهمنا في أي وقت، الرحيل المفاجئ يا أمي - وأنتِ أكثر من يعرف ذلك - تعيقه كثرةُ الأشياء ، الفناجين تقف منذ أصبحنا نعيش ببيت مستأجر..يقف عددها عند حدٍّ ثابت ، لأن الرحيل المفاجئ تعيقه كثرةُ الأشياء..


حتى أحلامي ! أحلامي تفضلُّ دومًا أن تراودني وأحداثها تدور هناك حيث البيت..البيت الذي عشت فيه استقراري الحقيقي ، كأنها تخاف زوايا البيوت المستأجرة ، كأنها تذكرني دائما بما كنت أتمتع وأمتاز به في بيتي القديم ، كأنها ترسل لي استغاثات علي أمل أن اعود مره أخري إلي البيت القديم ، إلي هذا البيت الذي لطالما حلمت بالرجوع إليه مره أخري ولكن قد فات أوان أتخاذ هذا القرار ، فهل رأيتِ يومًا أحلامًا تخاف البيوت المستأجرة كما يخاف أصحاب تلك الأحلام ؟!

Fatoma M Ismail

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات Fatoma M Ismail

تدوينات ذات صلة