كيف كنا قبل كورونا وكيف أصبح حالنا بعد كورونا؟، سؤالٌ لا بد له من جواب...

كوفيد 19 أو مثل ما شاع أن تُسمى كورونا، الضيفُ الثقيل الذي أرسل للعالم رسالة تُخبرُ عن قدومة في ديسمبر أواخر عام 2019 في الصين ليكون أثقل ضيف زار العالم كله، وبات كابوس يهددُ الحياة بكافة وجوهها وأشكالها منذ بداية عام 2020 إلى يومنا هذا ونحن نبتهلُ بالدعاء أن ينقضي ما تبقى من عام 2020 بأقل الأضرار وأخف الكوارث فما عاشه العالم خلال هذا العام كان أشبه بكابوس لم يستيقظ منه العالم لليوم، كورونا كانت مأساة فوق مأساة للبعض؛ فضيقُ العيش في بلاد دمرت الحربُ فيها ما دمرت وسلبت ما سلبت وأتعبت القلوب وأنهكت الأرواح وجعلت الكثيريين يعيشون أشباح بأجساد بشر ينتظرون من الله لا العباد الفرج جاء كوفيد 19 ليقضي على ما تبقى من صمودهم ومن بقايا الأمل الذي عليه يقتاتون ويعيشون، وفي بلدان ما وطأتها حروب السلاح والتدمير ولكن عاث فيها الفقر والجوع والبطالة الخراب وسوء الحال وضيق العيش ومرارة الصبر جعلتهم الكورونا يتمنون لو أنهم ما كان موجودين أو لو أن لكوفيد 19 أن يسلب هذه الروح التي اضنتها لقمة العيش وسلبها الظلمُ والجور وغيابُ العدل رمق أخيراً كانت تعيشُ عليه، وفي بلدان النهضة والحضارة هناك بعيدا عن دول العالم الثالث المتخلفة والرجعية كما يحبون أن يسمونها كان لكوفيد 19 كل الفضل بكشف زيف يعيشون به، وحياة غير سليمة ولا صحية يدعونها، إذ عجزت الكوادر الطبية التي هي عالميةٌ توسمُ بالتقدم والنهضة عن محاصرة المرض الذي فتك في الصغار والكبار بالعبد وبالسيد بالحرة والأمة بالأبيض والأسود، جعلهم يبكون وجع فقدان من يحبون، جعلهم يقفون عاجزين عن مواجهة فايروس لا يتعدى حجمه وحدات لا تراها العين وأمام إعجاز الله بهذا الفايروس وقفُ عاجزين ملأت الخيبة قلوبهم وأنهك التعب وجوههم وظهر الموت مشرعا لهم يديه ليستقبل منهم الألوف كل يوم، كان شعورُ العجز مرا گ العلقم، كان وجع الفقد يحرق الفؤاد...

وجع وحزن وما بأيديهم أن يفعلُ؟ وكيف يتجاوزُ المرء قلة الحيلة؟

كان كوفيد 19 الريشة التي قسمت ظهر البعير، كانت الحد الفاصل؛ ليكون العالمُ من بعده قسمين : ما قبل كورونا وما بعد كورونا، أما كورونا نفسها يمكن أن نعُدها فترة من خارج الزمن أن نتجاوز عنها كأنها لم تكن ولكن هل تقبلُ هي أن تُهمش كأنها لم تكن؟ سنعجزُ جميعنا عن جعل كورونا شيئا لم يكُن فهي لم تسلب الأرواح فقط بل سلبت قناع الستر الذي يرتديه الكثيرون، كشفت ضعف العلاقات بين الرئيس والمرئوس بين الشعوب والحكومات ، بين الصواب والخطأ، كورونا عرت زيف مثاليتهم وكذب ادعائاتهم، ورخص حياة الإنسان لديهم ، كورونا رغم مرارة ما أذاقتنا إياه فتحت بصيرتنا وأنارت دربنا وأثبتت أننا جميعا نخضعُ لقوانين لا ترحم ونُحكمُ بأسلوب الجلاد الذي لا يغادِرُ السوطُ يديه يجلدُ فيه بتصريح وتوقيع من الرئاسة والهيئة العظمى...


كورونا أو متلازمة الشرق الأوسط التنفسية مرض تنفسي فيروسي يتسبب فيه فيروس كورونا المستجد، الذي لم يكن إصدار حصري لعام 2020 إذ أنه اكتُشف لأول مرة في المملكة العربية السعودية عام 2012، فصيلة كبيرة من الفيروسات تتسبب بأمراض تتراوح بين نزلة البرد التي اعتدناها وبين المتلازمة التنفسية الحادة التي تشعرُ فيها أن النفس بات مثل طلوع الروح، كوفيد-19 هو مرض يسببه فيروس كورونا المُكتشف مؤخرا، وهو نوعٌ متطورٌ من فايروس كورونا الذي ليس بجديد، لم يكن هناك أي علم بوجود هذا الفيروس أو هذا المرض قبل تفشيه في مدينة يوهان الصينية في ديسمبر/كانون الأول 2019، ليُعلن للعالم أن ما ترون أنفسكم عليه من قدرات ومن تطور يكفي أن يبعث الله بفايروس لا تراهُ العين يُهدد حياتهم ويسبب الشلل الكامل لأيامكم ويجعلكم عاجزين عن الحياة الروتينية التي لطالما كانت مدعاة لشكواكم، مرضُ حتى بأعراضه إنتقائي فقد تكون مصاب به وسبب عدوى لغيرك دون أن تُلاحظ أو تشعر مثل لص ينتظرُ ظلام الليل ليدخل ويعيث فسادا وهذا حالُ كوفيد 19 قد لا تشعر به اصلا الا حين يتمركز ويصبح في أفضل مواقعه حيث لا علاج ينفع ولا دواء يعطي نتيجة وقد يكون معك كريم فيعطيك إشارات تبشرك بأنك أصبحت مستضيفه مثل الرشح والزكام والسعال وجفاف الحلق وضيق النفس ولكن كيف لك أن تعلم إن كان هذا كوفيد 19 أم نوع من الإنفلونزا لطالما أصابتك وزارتك ومرت مرور الكرام خفيفة الظل والاثر رغم ألمها ترحل ولا تُطيل المكوث عندك فهي التي اعتادت الرحيل فكانت ضيف خفيف رغم قلة الترحيب بها؟ ورغم أنه قاتل صامتٌ متحدث يحذرون منه ويدعونك لأحذ الحيطة والحذر إلا أنه بقليل من الإجراءات نكون في مأمن منه بنسبة كبيرة ليست 100٪ لكن ما لا يتجاوز 85٪ ؛ فقط نظف يديك، احرص على التعقيم، تجنب الإختلاط، لا مانع أن تحب الاخرين لكن لا تُبالغ بالحب فيأتيك الألم أول ما يأتيك ممن تحب، اشرب السوائل، انتبه لما تُلامسه يداك، واحذر قلة الإهتمام وعوز النظافة فتصبح له عرضة ويفتح الموت والألم له يداك، أما إن غلبت إرادة الله الحيطة والحذر ومعايير السلامة والامن فخذ بالأسباب وأقبل على العلاج وتجنب الإختلاط بالناس لتحميهم، كن أكثر وعي ولا تقبل أن يتذوق غيرك الألم الذي ذقت...


أول منفذ للاتصال بفيروس كوفيد-19" هو الرئتان، مسكناه المفضلين، إذ يهاجم مجموعتين من الخلايا، إحداها تُدعى الخلية الكأسية goblet cell، والأخرى تسمى الخلية الهدبية ciliated cell التي تُنتجُ المخاط الذي يُرطبُ القناة التنفسية للحفاظ على رطوبة الرئتين، وبالتالي الحفاظ عليهما سليمتين أما الخلايا الهدبية وظيفتها أن تكون مثل جدار عازل عن أي مادة مؤذية عالقة في المخاط مثل البكتيريا والفيروسات وجزيئات الغبار للتخلص منها، وأول ما يفعله كوفيد 19 ب هاتين المجموعتين من الخلايا هو قتلها، من ثم تبدأ أنسجتها بالسقوط والتجمع في الرئتين، وتبدأ الرئتان في الإصابة بالانسداد مما يسبب إلتهاب رئوي، وما يجعل الأمر يتفاقم ليصبح شبيه بالكارثة هي أن جهاز المناعة في الجسم يحاول الرد إذ تصلهُ رسالة مفادها أن الجسم يتعرض للهجوم وقد يؤدي أيضا إلى فرط في الإستجابة المناعية وعندها يقوم جهاز المناعة بهجوم كبير يؤدي إلى إتلاف الأنسجة السليمة في الرئة مما يجعل التنفس أكثر صعوبة...


إن الفيروس لا يكتفي بأن يهاجم الرئتين فقط، بل يهاجم أيضا الكلى، مما يؤدي إلى الفشل الكلوي ولاحقا الموت....


كورونا أو كما يسميه العلمُ كوفيد _19 سيكون قصة تُروى لا للحيطة والعلم وللعلماء للوصول لنتائج طبية قادة على إحداث ثورة طبية وحسب بل ستكون قصة تُروى على كل الأصعدة، الإقتصادية وما سببته من عجز وضرر والإجتماعية وما وضحته من صور تكشف الحقائق وزيف واقع الحياة والمجتمعات والأمم وإنسانية فيما كان ميزة هذه الحقبة من تعاضدد وشعور بالآخر دون الإلتفات لدينه وعرقه وجنسه والبلد الذي ينتمي إليها وعلى الجانب الشخصي سيكون حدوثة نخبرها للأجيال القادمة ليتعلمُ من كلامنا ما تعلمناه نحن من العيش في ظلها ومعايشة ما سببته من ظروف وكوارث ومصاعب...

كوفيد _19 ليس حدث استثنائي في الطب وحسب بل هو حدث إنسانيٌ إجتماعي واقتصاديٌ وشخصي إستثنائي...


بين ما قبل كوفيد _19 وما بعد كوفيد 19 ستنقلبُ الموازين وتختلف القصص وتتنوع العبر وتعيشُ الإنسانية حقبة مختلفة من الزمن.

Bayan

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات Bayan

تدوينات ذات صلة