"ازرع فكرة، تجنِ عملاً. ازرع عملاً، تجنِ عادة. ازرع عادة، تجنِ شخصية. ازرع شخصية، تجنِ مصيراً"

حتى لا نصنع الحمقى لا بدَّ أن نعتنيَ بالمرحلةِ العمريةِ لأطفالنا، وبالأخصّ الطفولة المبكرة، وإنَّ أفضلَ أساليب التعاملِ في هذه المرحلة هو أسلوب التعاطُف.

والآن هناك أسئلةٌ تطرحُ نفسها،


هل التعاطف هو الشفقة نفسها؟

هل يمكنُ لإمرأةٍ جيدةٍ أن تصنعَ طفلًا فاشلًا؟


لا بدَّ لنا من التمييز بأنَّ هناكَ فرقًا بين الشفقةِ والتعاطُف، والمرأةُ الجيدةُ التي تتمتّع بأساليب التربية السليمة، وهذا سببٌ لجعلِ الطفلِ ناجحًا، ومهيّأً لخوضِ تجاربِ الحياةِ شتى.

فعندما أحددُ شعورَ الطفلِ بطريقةٍ مؤذيةٍ كأن أشعر بشعوره عند بكائهِ مثلًا ولا أُعطيه حلًّا؛ فأنا أتعامل معه بما يُسمّى الشفقة.

وعندما أحددُ مشاعرهُ، وأحاولُ مساعدتَهُ بالبحثِ عن حلولٍ فعّالةٍ لمشكلتِهِ؛ فذلك يعني أنني أُطبِّقُ أسلوبُ التعاطف عن طريق إعطائي للحل أو مناقشتهُ فيه.

وهذا الأسلوب يُعدُّ من أهمِّ الوسائلِ التي أستطيع فهمَ السبب الداعي لأي تصرف سلبي صادر عن طفلي.


أصبحتْ التصرفات السلبيّة -مع الأسف- عند أغلبِ الأطفال سببًا ناتجًا عن عدم العناية بالجانبِ النفسيّ، وعدم الإصغاءِ إلى تذمرهِ المستمر والدائم في مرحلته الطفوليّة المبكرة؛ فالعلاقةُ السليمةُ والتربيةُ الصحيحةُ تكون في التركيز على بناءِ شخصيةِ الطفل، ومحاولة حلّ مشكلتهِ عند تصرفه بشكل سلبي من خلال تطبيق ثلاثِ خطوات:


  • الأولى: أن نحددَ الشعورَ الذي ينتابُ الطفل، مثل: شعوره بالغضب، الحزن، والفرح.
  • والثانية: أنْ نحددَ السببَ الدافعَ لهذا الشعور، مثل:لماذا أنت غضبان؟ لماذا أنت فرِح؟
  • الثالث، -وهو أهم الخطوات-: الإقرارُ بشعورهِ والموافقةُ عليه أيًّا كان، وهو أن أعبرَ عن صدقِ مشاعرهِ التي يشعر بها، وأخبرهُ بأنهُ على حقٍّ وصواب.


عندما أطرحُ أسئلةً عليه بهذا الشكل؛ فإن هذه الأسئلة البسيطة في نظرك؛ تساعدهُ على تحديدِ مشاعره بذاته؛ فهو بحاجة لأنْ يتعرفَ على شعورهِ، وعلى مسميات هذه المشاعر المتعلقة بحالته، ويتعلمُ أيضًا بأنَّ هناكَ مشاعرًا مريحةً، ومشاعرًا غير مريحة يجب عليه التخلصَ منها.

وإن الاستماعَ إليه، وفهمِ مشاعرهِ يعززّ ذلك من العلاقة الإيجابية الناشئة بينكَ وبين طفلك، وتساعد طفلك على زيادةِ ثقتهِ بنفسهِ، وتدريبهِ على أن كلَّ مشكلةٍ لها حلولٌ فعّالهٌ لها، وكيفَ يمكنهُ لوحدهِ معالجة جميع مشاكلهِ اللاحقة، من خلال تحديدِ المشكلة، والبحث عن حلها، وإقرار قرارهِ فيها. لأنكَ إذا أحسنتَ التصرفَ في تربيتكَ لطفلك؛ فأنت تضمنُ لنفسكَ طفلًا ينشأُ كشخصٍ فاعلٍ وعاملٍ للمجتمع بشكل عام، وناجحٍ في حياته بشكل خاص.

"نحن لا نستطيع أن نمارس التعاطف مع الأخرين إذا لم نعامل أنفسنا بعطف"



وأنتم أيضًا بحاجةٍ كذلك لممارسة هذه الخطوات على ذواتكم -وهذا الأهم-؛ لأنه يساعدكم على تفريغ الشحنات السالبة والمختزنة في دواخلكم؛ فجميعنا نستحقُ التصالحَ والتعاطفَ مع أنفسنا ومع الآخرين؛ ولأننا مسؤولونَ عن اطمئناننا، وعن تربيتنا لأطفالنا، وعن تعاملنا مع الآخرين من خلالِ المشاعر النبيلة المتجسدة في تقديم المحبةِ غير المشروطة، ولتعمق روحَ الإنسانية في داخلك، ولتكونَ إنسانًا محبًا لنفسك، لأبنائك، ولمجتمعك. كما أمركَ بهِ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- في حديثه الذي حث فيه على التعاطفِ والتراحمِ والتكافلِ فقد قال:

"مثل المؤمنين في توادّهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسدِ الواحد إذا اشتكى منهُ عضوٌ تداعى له سائرُ الجسدِ بالسهرِ والحمى".


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

أستاذ محمد أشكرك على إطراءك نعم
بالضبط هذا ما أردت بيانه والتركيز عليه في مقالي .تشرفتُ بإضافتك

إقرأ المزيد من تدوينات آلاء الظريف

تدوينات ذات صلة