كثيرة هي اللحظات التي نتمنى بها محو كل الماضي لنبدأ من جديد، وحده الخوف هو مل يكبلنا ويمنع عنا التقدم للأمام
كانت أمي تصر على تعليمي أنا وأختي كل المهارات التي تتقنها ومن أهمها الحياكة، أتقنت كل ما علمتني إياه ولكنني لم أنجز كما أرادت وكما كانت تفعل أختي، فهي مثابرة ولديها صبر وتمهل يساعدانها على الإنجاز، وأنا ملولة لا يمكنني انهاء أي من القطع التي أبدؤها، وحدها القراءة هي التي كنت لا أمل منها، أقضي الساعات الطوال دون حركة، أقرأ وأدون العبارات التي تلامس فؤادي مما قرأت، واليوم وبعد كل هذه الأعوام ، أتمنى لو عاد بي الزمن لاتقن فن الحياكة أكثر، فما أكثر المواقف التي تمنيت فيها لو أنني أستطيع أن أنقض غزل أيامي لأعيد حياكتها من جديد.
كثيرة هي الطرقات التي نسير بها، منها ما اخترناه بمحض ارادتنا دون تبصر بالعواقب، ومنها ما فرضته علينا الحياة والظروف والأقدار، وفي جميع الحالات نحتاج دائما أن نتمهل قليلا لنضع نقطة ونبدأ من جديد، وكثيرا ما أتساءل كم هي المرات التي بدأنا بها من الصفر وما دون الصفر أحيانا، لنعيد تشكيل الطرقات التي سنسير بها لاحقا، فالطرقات القديمة أوصلتنا لأزقة مغلقة حيث لا مجال فيها للتقدم قيد أنملة، ومع ازدياد العمر والخبرة نجد أن قرار التغيير كان عين الصواب فيما ذهبنا إليه، فلحظة من الشجاعة تغنيك عن سنوات من الندم، والتغيير سنة الله في خلقه، فكل ما في هذا الكون يتغيير ويتبدل، فالأمنيات تتغيير والأفكار تنضج، ولكن العقبة الوحيدة التي تقف حائلا بين الإنسان وبين بدء حياة جديدة هو الخوف، الخوف من البدايات، الخوف من الفشل، ومن نظرات الأخرين، ولا يمكننا السير قدما دون التغلب على هذا الخوف، وخير لك أن تجرب فتفشل من أن لا تجرب وتستمر بالفشل، فالتجربة تعطيك عمرا من الخبرة لن تحصل عليه دون خوض غمار التجربة، التغلب على الخوف يعني أن نمضي قدما في الطريق الذي رسمناه وشققناه بروح متعبة وجسد واهن، طريق معبد بالدموع وآهات القهر أحيانا، ولكننا سنعبر وهذه هي الغاية من كل ذلك، أن نصل لما رسمناه بعين الأمنيات والأحلام، سنعبر ولو استغرق الأمر ألف ميل من التعب والحزن، سنعبر حتى لا نرى نظرات الشفقة من الأخرين، فالمؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف.
وفي نهاية المطاف هذا طريقك وهذه حياتك، أعد رسم الطريق ولا تنظر للخلف، فما مضى قد مضى وانتهى الأمر، مزق صفحة الماضي ولا تحمل الأمس فوق ظهرك حتى لا تسير محني الظهر بقية أيامك، جدد إبمانك بأن رب الخير لا يأتي إلا بالخير، وارفع راسك وامض قدما، وتذكر بأن الشجرة تطرح أوراقها في الخريف استعدادا لاستقبال أوراقها الجديدة في الربيع، اطرح أوراق الماضي استعدادا لربيع قادم لا محالة.
التعليقات
Reem Alramahi
صحيح ريم هذا الطفل لم يكبر بعد وبإمكانه أن يصنع فرقا في الحياة .. يسعد قلبك وروحك غاليتي ♥️♥️
ابدعتي … نحن كبرنا ولكن لا ارواحنا لا زالت تحمل ذلك الطفل البرئ الذي بنى بيته بالمخدات والفرشات وشراشف السرير هل تعتقدين انه قادر على تحمل عبئ هذه الايام الثقال ؟! من منظوري نعم هو قادر لانه روحه لم تشب ولم تهرم ❤️ ان
ما بالنسبه للحياكة لم يتأخر الوقت تعلميه ….