الخوف من الهزيمة هزيمة بحد ذاتها، تحد خوفك ولا تسمح له بهزيمتك.
كثيرة هي العبارات التي نقف أمامها عاجزين عن وصف شعورنا حيالها، تتركنا في حيرة من أمرنا، فلا ندري هل كتبها أحدهم ليعبر عنا أو ليعبر عن نفسه، ومن تلك العبارات سؤال لا تدري كيف تجيب عنه، فمن وضع السؤال يمتاز بحكمة وحنكة، والسؤال على صفحة الكاتب يوسف منصور ( أدب الرسائل ) على منصة توتير :
هل هزمك الخوف؟ أم أخافتك الهزائم؟
وقفت طويلا أمام السؤال وتردد صداه في مخيلتي شهورا طويلة، ولا أبالغ إن قلت بأنني بت أفكر فيه ليل نهار، لا أدري بم أجيب، فهل حقا هزمني الخوف وأنا القوية التي لا تخاف ويعز علي الاعتراف به، أم أن الهزائم الكثيرة التي منيت بها وأحاول قدر المستطاع أن أخفيها حتى عن أقرب المقربين هي من أخافتني، فلا أقر بالخوف ولا أعترف بالهزيمة، أي حيرةهذه، لقد أوقعني السؤال في متاهة عمياء لا أكاد أخرج منها حتى أقع فيها من جديد، وكعادتي تأتيني الإجابة كحدث وليس بكلمات، فما يحدث في حياتنا من أحداث وصراعات مع أنفسنا أو مع الغير، وأحيانا مع الحياة نفسها يضع أمامنا بما لا يدع مجالا للشك إجابات لأسئلة طرحناها على أنفسنا منذ زمن، ثم تركناها أو هي تركتنا واختفت في زوايا الذاكرة البعيدة، فما بالك بسؤال لا زال حاضرا أمامي ليل نهار.
والطريف للغاية بأننا ورغم كل الإجابات التي تأتينا بغتة إلا أننا وفي كثير من الأحيان نغض الطرف عنها، فالإجابات أحيانا موجعة وغير متوقعة، فكثير منا يدعي القوة والصلابة، ويتصنع هدوءا غير حقيقي لذلك نغمض أعيننا كي لا نرى ضعفنا وقد تجلى أمامنا كحقيقة لا مجال لإنكارها.
نعم يا سيدي هزمني الخوف، وأخافتني الهزائم، هزمني الخوف على من أحبهم، هزمني الخوف من خسارة تصيب القلب في مقتل، وهل يهزمنا شيء أكثر من الخوف.
الخوف شعور إنساني طبيعي فنحن نخاف من المجهول، من حدث غير متوقع، من ضربة تقسم القلب نصفين، نخاف من الضعف والهوان، نخاف المرض والعجز، نخاف من لحظة نشعر بها بأننا وحدنا نصارع قهر الحياة بلا معين ولا مرشد.
وفي أحيان كثيرة نخاف من خوفنا، نخاف أن يجرنا للقاع فلا نستطيع الحركة بعدها فكل حركة مغامرة غير محسوبة النتائج، ولكل منا مخاوف داخله لا عد لها ولا حصر، تحاصرك وتضعك أمام نفسك بكل ضعفك وانهزاميتك، ولكننا نداري هذا الخوف بكل شجاعة وإتقان، حتى يظن كل من حولك بأنك المقدام الذي لا يهاب شيئا ولا يعلمون أن الحقيقة مختلفة تماما عما يرونه أمامهم.
أما الهزائم فلا عد لها ولا حصر، تهزمك الحياة بكل قوتها وتكسر فيك ما لا يمكن اصلاحه، وبعد كل هذا نقف أمام المرآة بكل قوة ونرتدي أقنعتنا بعناية شديدة، قناع القوة والتحدي لنعود لمواجهة الحياة من جديد بمخاوف جديدة وهزائم حديثة، لنعود ليلا لنلقي على أنفسنا نفس السؤال هل هزمنا الخوف أم أخافتنا الهزائم؟
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
صحيح ريم نخاف من الخوف ومن الهزيمة .. شكرا لمرورك الجميل 🥰🥰
ابدعتي كعادتك … فعلا نخاف أن نخاف 🥹