لا بأس بإرتكاب الأخطاء... فَهى ليست نهاية العالم!

فى هذه التدوينة، أتحدث عن مصدر خوفنا من الفشل بالإضافة إلى بعض الأسباب عن لماذا هو فى الحقيقة شىء جيد

إن كنت من متابعى مدربين التنمية البشرية أو قرأت عن التنمية البشرية أى شىء على الإطلاق، فَبالتأكيد قد سمعت هؤلاء المُدربين يتحدثون عن أن الفشل وإرتكاب الأخطاء أمر عادى وضرورى ويجب تقبله لكن ما لاحظت من كلامهم، أنهم نادراً مايتحدثون عن سبب هذا الخوف من الفشل أو أن يعطون نصيحة لتعامل معه سوى أن "تتقبله" وحسب! أنا أرى أنه حتى نُعالج شيئاً ما، يجب أن نعرف الأسباب أولاً حتى نعالج الأمر من جذره وكما يقال فى مصر: "إن عُرِفَ السبب، بَطل العجب" :)

لماذا نخاف الفشل وإرتكاب الأخطاء هكذا؟!

حسناً، إن نظرت إلى نظام التعليم فَستجد أنه منذ أن كنّا أطفال صغار فى عمر الخمس سنوات أو أكبر قليلاً، قد تم برمجة عقلنا على أنه إن لم ندرس ونحصل على درجات جيدة فَسوف يرانا دائرة المعارف من العائلة والأصدقاء على أننا "خائبين" فاشلين، ويتسبب هذا فى إحراج كبير لنا ولوالدينا فكان علينا تفادى هذا الإحراج والإحساس بالمهانة المُرافقة له بأى ثمن! ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل طالبنا والدينا بأن نكون جيدين فى أى نشاط نفعله مثل الأنشطة الرياضية أو الفنية وهذا ليس رغبةً منهم فى الضغط علينا بل بسبب رغبتهم، كَرغبة أى أب وأم، أن يكون أطفالهم هم الأفضل وأنهم أذكياء لكن ما لم يُدركوه هو أن هذا كله كان يُشكل ضغطاً هائلاً علينا وبالتالى ترجم عقلنا كل هذا على أنه علينا أن ننجح فى كل شىء وأن تكون خيارتنا وقراراتنا دائماً صائبة وألا نرتكب أى خطأ على الإطلاق وإلا أصابتنا المهانة والإحساس بالدونية والإحساس أننا قد خَيبنا أمال مَن نُحب، وهو الإحساس الأصعب على الإطلاق! مِن هنا جاء خوفنا ورُعبنا الرهيب من الفشل وإرتكاب الأخطاء.

إذاً لماذا إرتكاب الأخطاء شىء جيد؟

هل لاحظت كيف يتعلم الأطفال المشى؟

أى طفل فى العالم يتعلم المشى والكلام عن طريق التجربة والخطأ والمحاولة مراراً وتكراراً. وإن أردت تعلم أى مهارة كَالقيادة مثلاً، فَسوف ترتكب أخطاء فى البداية ومع كثرة التدريب (أى التكرار) سوف تتعلم من أخطائك وسوف تصبح جيداً فى القيادة. لذا، إرتكاب الأخطاء هو السبيل الوحيد لتعلم أى مهارة من المهارات فى حياتنا اليومية والأمر لا يختلف بالنسبة لقرارات الحياة مثل إختيار المسار الوظيفى أو الإنتقال للعيش فى مكان أخر أو البدء بمشروع تجارى أو غيرها من القرارات الحيايتة التى نضع على أنفسنا ضغط كبير من أجل إتخاذ القرار الصائب فيها من أول مرة! هذه القرارت هى الإخرى مهارات حياتية نتدرب عليها، فإن إخترت مسار وظيفى غير مناسب، يمكنك تغييره فى أى وقت. إن إنتقلت للعيش فى مكان ثم إكتشفت إن تلك الخطوة كانت خاطئة، فلا بأس تعلم من هذا الخطأ وأعد حساباتك و إنتقل إلى مكان أخر أو عُد إلى حيث أتيت، ما المشكلة؟!؟! وإن بدأت مشروع وفشل فأيضاً تعلم من تجربتك وأعد حساباتك وحاول ثانية أو إن كنت خسرت الكثير من المال فى التجربة الإولى ولا ترغب فى المخاطرة مرة إخرى، فلا بأس بذلك أيضاً؛ لا تجعل تلك التجربة هى هويتك!!

الفشل فى شىء يُعطى خبرة جيدة جداً فيه

كلنا نعلم قصة توماس إديسون وإختراع المصباح الكهربائى فقد حاول توماس 1000 مرة قبل أن ينجح أخيراً وعندما سألوه عن تلك المحاولات الفاشلة، قال لهم أنه لم يفشل بل إكتشف 1000 طريقة لا تصلح لصنع المصباح الكهربائى وبالتالى كل من يحاول أن يطور فى هذا المصباح فيما بعده، سوف يعلم أن تلك ال 1000 طريقة لا تصلح وبالتالى فقد إضيفت تلك المحاولات "الفاشلة" إلى سجل الخِبرات البشرية. بالطبع هذا ينطبق أيضاً فى كل شىء، فإن بدأت مشروع وفشلت وسألت نفسك عن السبب وتعلمت من الخطأ، فأصبح لديك خبرة أكثر عن ما يصلح وما لا يصلح، أى أنه أصبح لديك معلومات أكثر ويُمكنك إستخدامها فى تطوير نفسك أكثر بل ويمكنك تعليم تلك الخبرات للأخرين وبهذا تكون قد ساهمت فى نفع وإفادة الأخرين:)

الخلاصة:

نحن بحاجة إلى تغيير عقليتنا إلى عقلية تتقبل بل وتُرحب بالفشل والأخطاء. يمكننا فعل هذا عن طريق تذكير أنفسنا طوال الوقت لماذا إرتكاب الأخطاء والفشل شىء جيد وأن نُحَوِل نظرتنا له من سلبية إلى إيجابية فهو ليس مُصيبة! وسوف يكون هذا أسهل قليلاً بعد أن علمنا مِن أين أتى خوفنا من الفشل :)