"فلتجعل شعارك في الحياة "لو لم أكن ناجحا فعليّ أن أكون ناجحًا"


إذا كان النجاح صعبًا عصيا ويحتاج لمجهود جبار ومتواصل ويحتاج وقتًا وقد يحتاج مالا، فلماذا كل هذا. لماذا لا تختصر الطريق وتكون رجلا عاديا، لا يأبه به الناس ولا يترك له أثرا بعد رحيله، ولا يترك بصمة في حياته. نعم، إذا كان النجاح صعبًا، فالفشل يسير.


فإذا كنت تريد أن تفشل بسهولة ويسر وبسرعة، فعليك ألا تتقن عملك، ولا تخلص فيه، وأن تهمله. وعليك أن تكون منافقا وأحيانا كاذبا. عليك أن تكون متلونًا لتسلم من غيرك وتصل إلى مأربك دون جهد أو اجتهاد. كما أن من مميزات الفشل أنك تجنب الشكاوى الكيدية والمكائد والتهم الباطلة من الآخرين، فتعيش هادئ البال بلا قضايا تؤرقك وتعود إلي بيتك معافي سالما من أذي الآخرين، وتستمع بوقت فضائك وتتسلي بالحديث عن الآخرين.


نعم، الفشل سهل يسير والنجاح صعب عسير. ولكن هل بالفعل تُحب أن تكون فاشلا، أم ناجحا. والنجاح هنا والفشل ليس في الامتحان الدراسي، ولا في القدرة علي تقلد المناصب، ولكنه النجاح في التميز في الحياة والعمل ولو كنت ساعيًا، النجاح في اثبات الذات ولو كنت غفيرًا، وفي تحقيق المصلحة العامة قبل الخاصة إن كنت مسئولاً، وفي أن تكون رجل دولة يؤتمن على مصالح الناس إن كنت وزيرًا، وأن تبدع وتتقن المهام المكلف بها. فالنجاح ما هو إلا التميز والابداع.


فالطبيب عليه أن يختار أن يكون متميزا أو عاديا، فإن كانت الأولي فله وللناس وللوطن، وقبل كل ذلك فلله سبحانه وتعالي لتحقيق رسالة الإنسان ووظيفته التي خلقه من أجلها وهي تعمير الأرض. وكذلك الضابط والمهندس، والمدرس، والقاضي، ،والمحامي، ورجل الدين، والفلاح، والنجار، وأستاذ الجامعة. كل له في الإبداع وله في التميز نصيب وقدر.


وعلي مدار التاريخ نجد الكثير من المبدعين والمتميزين في كل مناحي الحياة. وهؤلاء هم الذين كانوا وراء تعمير الأرض بالعلم والمعرفة، والتكنولوجيا، والفنون، والآداب. لولا هؤلاء المبدعون ما كنا لتعرف الكهرباء ولا التلفاز، ولا الحاسوب، ولا الانترنت، ولا كل وسائل التواصل والمواصلات. إنه النجاح الذي يمنح للإنسان دور في الحياة ويزيد من قيمته عند الله وعند وطنه وعند الآخرين.


نعم، إن كنت تريد أن تكون ناجحا فعليك بالصبر وتحمل المصاعب والمشاق، وعليك تحمل أذي الآخرون ولو كان ليل نهار. وعليك بالعمل الدؤوب بإخلاص وإتقان. عليك بالعلم والمعرفة وتنظيم، وقتك، وعلاقاتك، ومجهودك. عليك أن تكتشف نفسك كل يوم لتجد نفسك كل دقيقة.


فلتجعل شعارك "لو لم أكن ناجحا فعليّ أن أكون ناجحًا". عليك ألا تستسلم ولا تتردد في أخذ طريق النجاح من تميز وإبداع. عليك أن تبتعد عن طريق الفشل وعن الفاشلين. فالنجاح يُحي صاحبه والفشل يميته.


كان لي صديق طفولة لم يتعلم لظروف معيشته وإرادة القدر، ولكنه تميز وأبدع في عمله حتي صار رمزا للنجاح ومثالا للناجحين. فإن كنت متعلما فنجاحك مسئولية يجب أن تقوم بها وإلا حاسبك ربك، وهي ضريبة يجب أن تدفعها لوطنك. وإن كنت غير متعلم فعليك باكتساب المعرفة ولو سماعا، واتقان عملك والإخلاص والتميز فيه بكل ما أوتيت من قوة. حينئذ يكون ثوابك ثوابين ويضاعف الله لمن يشاء.


نحن ولدنا لكي نموت، وما بين الولادة والموت رحلة قد تطول وقد تقصر، رحلة نقوم فيها بدور ما. فعليك أن تؤدي دورك بإتقان حتي تقابل الله وقد أديت ما استطعت فتفوز الفوز الكبير. كن في الدين ذكيا واجعل من التميز وسيلة وغاية لتنال مرضاة الله أثناء وبعد الرحلة. ولا تغرك الحياة وتركن إليها فتفشل.


أنصحك، وأنصح نفسي، ألا تكون فاشلا، فالله لا يحب الفاشلين.


مع خالص تحياتي

ا.د. محمد لبيب سالم

أستاذ علم المناعة كلية العلوم جامعة طنطا

وكاتب وروائي وعضو اتحاد كتاب مصر

www.mohamedlabibsalem.com


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

ربنا يديك الصحه والعافيه
ونتما ان العالم يتقدم للافضل
جزاك الله خير الجزاء

إقرأ المزيد من تدوينات د. محمد لبيب سالم أستاذ جامعي واديب

تدوينات ذات صلة