فى هذا المقال أُلفت نظركم لنقطة ربما لا تلاحظونها وتتسبب فى دفع أبنائكم إلى الإدمان!


عندما كنت أشاهد برنامج ’التاسعة’ يوم السبت الماضى على قناة مصر الإولى، كانت هناك فقرة عن غناء ’الراب’ وكيف إنتشر وأثناء الحديث فى هذه الفقرة تم عرض مقطع من أغنية راب للفنان أحمد مكى والتى تُسمى ’قطر الحياة’. حقيقةً كلمات الأغنية جذبتنى جداً مما جعلنى أبحث عنها على موقع You Tube لأستمع إليها كاملةً، لكن عندما إستمعت إليها وشاهدت الفيديو كليب، أدركت شيئاً مهماً، لكن أولاً دعونى أشرح لكم سيناريو الأغنية.


عن ماذا تتحدث الإغنية؟

الأغنية تتحدث عن شاب فى الثلاثنين من عمره يتحدث (بطريقة الراب) عن أنه يشعر أن كل شىء يتغير حتى أن الحديد سوف يصيبه الصدأ يوماً ما بينما هو مازال على حالة دون عمل ودون مصدر للدخل ويُعيراه أبويه على ذلك، فيصاب بالإحباط ويغمره إحساس رهيب بالفشل والرغبة المُلحة فى فعل شىء للهروب من هذا الإحساس القاهر! فماذا يفعل؟ يلجأ إلى صديق والذى يُدِله على طريق المخدرات فيسقط فريسة لتلك المواد التى _تُريحه_ وإن كانت بشكل مؤقت من هذا الإحساس القاهر الغالب المتضهد للنفس! ثم بعد ذلك يطلب منه صديقه أن يدفع ثمن الجرعات التى يأخذها فوجد نفسه فى حاجة للمال لكن من أين يأتى به؟؟ فيحاول سرقة ممتلكات أخواته فيوقفه أبوه وتحدث مشاجرة بينهما فيدفع أبوه بعيداً ويُهدد برَمى إبنة أخته من الشباك إن لم يعطوه المال فتعطيه إمه بعضاً منها وتطرده من المنزل. ثم يلجأ إلى جار فى عمره تقريباً ليسكن عنده والذى يبعث له أبوه المال من الخارج فوجد أنه أيضاً يتعاطى المخدرات. ثم بعد ذلك يعلم والد ذلك الجار بتعاطى إبنه المخدرات فيدخل الإنعاش مما جعل صديقنا يشعر بالقلق الشديد فأخذ جرعة زائدة مات على إثرها!


هل لاحظتم ما الذى حدث فى هذا السيناريو؟

ربما أبدو قاسية لكن الحقيقة هى أن أبويه هم من دفعاه لهذا الطريق! كيف؟ عن طريق معايرته والضغط عليه ووصفه أنه "عالة" دون أى تشجيع! أين ذهب الحب والقبول غير المشروط؟! إن أى إدمان مهما كان نوعه هو مجرد هروب من الواقع المؤلم، لكن ما الذى جعل الواقع مؤلم هنا؟؟ إنه للأسف الوالدين والعائلة. لربما إختلفت النتيجة تماماً إن كانوا شجعوه وطمأنوه بدلاً من مُعايرته ووصفه بكلمة "عالة"! لذلك، الشىء الذى أدركته بعد الإستماع للأغنية ومشاهدة الفيديو كليب، هو أن أقرب المقربين قد يُصبحون سبباً فى جعل الحياة لا تُطاق بسبب إنتقادهم والمطالبة دائماً بنتائج جيدة دون بذل أى مجهود فى الدعم النفسى وهو الأمر الخطير والمرعب! لذلك أردت لفت الإنتباه لهذه النقطة فى هذا المقال. أخصائيين التربية دائماً ماينصحون بالتشجيع وإبعاد الأبناء عن الخطأ عن طريق تشجعيهم على الصواب وشرح لماذا الخطأ خطأ بطريقة هادئة دون عصبية وصوت عالٍ وبنبرة صوت ليس فيها أى إتهام. وهذا لا ينطبق على التربية فقط بل على كل المعاملات الإنسانية فلا داعى لإحباط الأخرين ولنشجع بعضنا بعضاً حتى لا ينحرف أحداً منا إلى مثل هذا الطريق أو إلى طريق الإنتحار لا قدّر الله.


أيها الأباء، توقفوا عن جعل التحصيل العلمى لأبنائكم هو الشغل الشاغل لكم!

أنا مصرية وفى المجتمع المصرى يُريد جميع الأباء أن يُصبح أبنائهم إما طبيب أو مهندس! لا أحاول أن أبدو درامية لكن الحقيقة أن هذا فيه _قتل_ لنفوسهم! ماذا إن كانت مهاراته ومواهبه التى أعطاه الله إيها ليست طب أو هندسة؟ ماذا إذا كانت رسم أو مُحاسبة أو قدرة على التدريس أو لغة أو أشياء إخرى...إلخ. أنا متأكدة أن الله يُعطى الكثير من المواهب الجميلة لكل مولود لكن وظيفتكم هى إكتشافها وتنميتها لأنه سوف يُصبح بطبيعة الحال _الأفضل على الإطلاق_ فى هذه المهارات والمواهب، لهذا لا تدحروها ظناً منكم أنها ليست ذات قيمة أو أن هناك ما هو أهم منها وتجعلوا أبنائكم يبحثون عن سراب ويحاولوا أن يُصبحوا شيئاً ليس لديهم المهارة الكافية لكى يكونوا جيدين فيه وإلا سوف يُعانون كثيراً أو يفشلون وقد يحدث لهم كما حدث لذلك الشاب فى الأغنية!



الخلاصة:

التشجيع والإيجابية دائماً يفوزان لكم ولأبنائكم وللجميع :) إن أردتم مشاهدة أغنية ’قطر الحياة’، فها هو الرابط:



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

ماشاء الله عليك بحب تحليلك الاشياء

إقرأ المزيد من تدوينات يوستينا واصف

تدوينات ذات صلة