تُـثير صور معاناة الحيوانات المستخدمة في مختبرات الأبحاث العلمية صَـدمة مُـروِّعة لدى الرأي العام،

يوما بعد يوم، تُـثير صور معاناة الحيوانات المستخدمة في مختبرات الأبحاث العلمية، وبصفة خاصة في مجال اختبارات مستحضرات التجميل صَـدمة مُـروِّعة لدى الرأي العام، ولقد اهتمت العديد من الهيئات والجمعيات الرسمية والأهلية بالحفاظ على حقوق الحيوانات، وسنت العديد من القوانين لحمايتها حول العالم، ولكن للأسف الشديد لازالت حقوق تلك الحيوانات تتعرض للكثير من الانتهاكات في العديد من دول العالم. وفي حين يؤكد الباحثون أنها شَـر لابد منه، ويؤكدون علي أهميتها في البحوث العلمية والطبية، يحاول العديد من العلماء مقاومة هذه الحجج، ويقدمون طُـرقا بديلة جديدة ذات مصداقية عالية. في الوقت نفسه، نجحت وسائل التواصل الاجتماعي حول العالم في إحداث ثورة في هذا المجال، والتأثير في الرأي العام، وجموع روداها، وخلقت رأي عام، واطلقت حملات متميزة، أدت لاهتمام صانعي القرار حول العالم بهذه القضية الشائكة، ومحاولات بحثهم عن حلول ناجعة لها.

التجارب على الحيوانات

يصعب الحصول على أرقام عالمية دقيقة للتجارب على الحيوانات؛ حيث تشير التقديرات إلى أنه يتم التجريب على 100 مليون حيوان من الفقاريات في جميع أنحاء العالم كل عام. 10-11 مليون منهم في الاتحاد الأوروبي.

وأفاد مجلس نافيلد لأخلاقيات البيولوجيا (Nuffield Council on Bioethics) أن التقديرات السنوية العالمية تتراوح من 50 إلى 100 مليون حيوان، لا تتضمن أي من الأشكال اللافقاريات مثل الجمبري وذباب الفاكهة.

وتتنوع الحيوانات المستخدمة في التجارب العلمية، فالفئران هي أكثر أنواع الفقاريات استخدامًا نظرًا لحجمها الصغير وتكلفتها المنخفضة وسهولة التعامل معها ومعدل تكاثرها السريع. وتعتبر الفئران أفضل نموذج للأمراض البشرية الموروثة وتتشارك 95٪ من جيناتها مع البشر.

ومع ظهور تكنولوجيا الهندسة الوراثية، تمكن الباحثون من انتاج فئران المعدلة وراثيًا حسب الطلب لتوفر نماذج لمجموعة من الأمراض البشرية. وتُستخدم الجرذان أيضًا على نطاق واسع في علم وظائف الأعضاء وعلم السموم وأبحاث السرطان. ويتم استخدام القطط بشكل شائع في الأبحاث العصبية. وتُستخدم الكلاب على نطاق واسع في البحث الطبي وفي تقييم سلامة الأدوية الجديدة للاستخدام البشري أو البيطري كنوع ثانٍ بعد الاختبار في القوارض.

تستخدم أسماك الزرد، والضفدع الأفريقي ذو المخالب أو القيطم الإفريقي، كما تستخدم الأرانب البيضاء في اختبارات تهيج العين لأن الأرانب لديها تدفق دموع أقل من الحيوانات الأخرى، كما تستخدم أيضًا بشكل متكرر لإنتاج الأجسام المضادة متعددة النسيلة. وتستخدم الرئيسيات غير البشرية في اختبارات السموم، ودراسات الإيدز والتهاب الكبد، ودراسات علم ‏الأعصاب، والسلوك والإدراك، والتكاثر، وعلم الوراثة، وزرع الأعضاء. ‏

اختبار مستحضرات التجميل على الحيوانات

مستحضرات التجميل هي منتجات توضع على الجسم بطرق مختلفة لتحسين مظهر الجسم أو لتطهير الجسم، وتشمل جميع منتجات الشعر والمكياج ومنتجات الأظافر، وغيرها، وقد يشمل ‏استخدام التجارب على الحيوانات في تطوير مستحضرات التجميل اختبار المنتج النهائي أو المكونات الفردية لمنتج نهائي على الحيوانات.

اختبار مستحضرات التجميل على الحيوانات هو نوع من التجارب تستخدم لاختبار السلامة وحساسية المنتجات للاستخدام من قبل البشر، وهو شكل متقدم من أشكال التجارب اللازمة لتحديد ما إذا كان منتج مستحضرات التجميل آمنًا للاستخدام. وتتضمن التجارب العديد من الاختبارات المختلفة، ويمكن أن يؤدي اختبار أحد المكونات الجديدة في منتج تجميلي إلى موت ما لا يقل عن 1400 حيوان.

تتنوع الاختبارات ما بين اختراق المادة للجلد، واختبار تحسس الجلد، واختبار السمية الحادة، والذي يستخدم لتحديد خطر التعرض لمادة كيميائية عن طريق الفم أو الجلد أو الالتهاب، وفيه تحقن الجرذان والفئران بجرعة قاتلة يمكن أن تسبب تشنجات عند الحيوانات، وفقدان وظائف الحركة، ونوبات صرع.

كما تشمل الاختبارات اختبار درايز، وهي طريقة اختبار قد تسبب تهيجًا أو تآكلًا للجلد أو العين على الحيوانات، وحساسية الجلد، وتشير إلى الجرعة المميتة التي تقتل 50٪ من الحيوانات المعالجة، واختبار تآكل أو تهيج الجلد ويتم إجراؤه عادةً على الأرانب ويتضمن وضع مواد كيميائية على رقعة من الجلد المحلوق، ويحدد هذا مستوى الضرر الذي يلحق بالجلد بما في ذلك الحكة والالتهاب والتورم وما إلى ذلك.

وعلى الرغم من حظر هذه الممارسة في 40 دولة، إلا أنها لا تزال قانونية تماما في معظم أنحاء العالم، مما يعرض أعدادا لا حصر لها من هذه الحيوانات الأليفة لمعاناة وموت لا داعي لهما.

ووفقا لما ذكرته جمعية الرفق بالحيوان الدولية، تطورت التجارب إلى مستوى عنيف، وباتت تشمل الأرانب بأعداد فائقة، ما أثار تعاطف الرافضين لهذه التجارب بكثافة تجاه تلك الحيوانات البيضاء بفروها الأنيق.

"أنقذوا رالف"

أصبح لمنصات التواصل الاجتماعي دور كبير في توجيه الرأي العام للمواطنين حول العالم، وإشراكهم في العديد من القضايا المثارة عالميا. ومؤخرا، سلط فيلم "أنيميشن" قصير حمل اسم "أنقذوا رالف" الضوء على معاناة الحيوانات، وخاصة الأرانب، مع شركات التجميل، وحرك هذا الفيلم مشاعر رواد منصات التواصل الاجتماعي الذين أطلقوا حملات إليكترونية للمطالبة بوقف تجارب مستحضرات التجميل على ‏الأرانب وإنقاذ ‏أرواحها،‎ ودعموا الحملة التي يتبناها منتجو الفيلم. ولقد ألقي هذا التفاعل الإنساني الضوء على قضية كبيرة ومحيرة، تصدي لها العلم والعلماء من قبل، ولازالت تشكل الشغل الشاغل للبعض منهم.

يسرد فيلم الأنيميشن القصير "أنقذوا رالف" (Save Ralph) الذي لا تتجاوز مدته الخمس دقائق، حياة أرنب تجارب، وتعكس قصته معاناة حيوانات التجارب بشكل عام، والأرانب بشكل خاص، على مدار العقود الماضية، حيث يتم استغلالها من قبل شركات التجميل لإجراء الاختبارات من أجل إنتاج معظم ‏مستحضرات التجميل التي تتمتع بها النساء.

يتحدث الأرنب "رالف" بكل أسي عن التجارب الكيميائية التي يتعرض لها هو ورفاقه من الأرانب من قبل البشر لاختبار منتجات المكياج والعناية بالبشرة، وعن تعرضهم للحقن وللحروق وللإشعاعات الكيميائية والكدمات التي تنتهي بعمي الأرنب أو بنفوقه!

رالف هو واحد من آلاف الأرانب التي تستخدم كل عام في اختبارات التسمم الكيميائي التي تطلبها الحكومات لمستحضرات التجميل ومكوناتها. ويجمع الفيلم بين رواية القصص المتعاطفة مع الأرانب وسحر الرسوم المتحركة التي قدمها فريق من الممثلين متعددي الجنسيات لمساندة الحملة العالمية لمنظمة جمعية الرفق بالحيوان الدولية لحظر اختبار مستحضرات التجميل على الحيوانات بشكل نهائي.

بدأت الحكاية بتعاون صانعو الأفلام مع جمعية الرفق بالحيوان الدولية (Humane Society International)، لإنتاج فيلم رسوم متحركة قصير وقوي، لإنهاء اختبار مستحضرات التجميل على الحيوانات حول العالم.

حملة دولية فاعلة

يذكر أن جمعية الرفق بالحيوان هي أكبر منظمة لحماية الحيوان في العالم مع أكثر من 12 مليون داعم، ولديها مكاتب في الولايات المتحدة وكندا وأمريكا الوسطى والمملكة المتحدة وأوروبا وكوريا الجنوبية وأستراليا وجنوب إفريقيا ومشاريع حماية خاصة في العديد من البلدان الأخرى.

وتقول الجمعية أن "اختبار مستحضرات التجميل على الحيوانات عمل قبيح. في جميع أنحاء العالم، تعاني عدة آلاف من الحيوانات مثل الأرانب وخنازير غينيا والفئران دون داع لاختبار منتجات مثل أحمر الشفاه والشامبو، على الرغم من أن إنتاج منتجات التجميل الخالية من القسوة آمن وبسيط. وحان الوقت لإنهاء القسوة على مستحضرات التجميل - إلى الأبد."

وتضيف "نحن نعمل في جميع أنحاء العالم - مع الحكومات والشركات والعلماء والمجموعات ذات التفكير المماثل لتحقيق خطة خالية من القسوة في عالم لا يجب أن يعاني فيه أي حيوان من أجل مستحضرات التجميل."

تأثرا بالفيلم والحملة، قرر بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي وبصفة خاصة مستخدمي موقع الفيديوهات "تيك توك"، إطلاق حملة إليكترونية للمطالبة بوقف تجارب مستحضرات التجميل على الأرانب، وإنقاذ أرواحها.

ودشن رواد مواقع التواصل الاجتماعي، العديد من الهاشتاجات للتنديد باستخدامهم في التجارب العلمية في معظم وسائل التواصل الاجتماعي، وقرر البعض تدشين حملة لمناهضة استخدام الأرانب في تجارب المكياج، من خلال تصوير فيديوهات لأنفسهم خلال استخدامهم مستحضرات التجميل، بالتوازي مع عرض فيديو للأرانب أثناء التجارب للتوعية بعدم شراء المنتجات التي تتخذ شركات إنتاجها الأرانب تجارب لها.

وأطلقت الجمعية حملة من أجل هذا الغرض، وطالبت الجماهير بالتوقيع على تعهد بعدم القسوة على الحيوانات، وقول لا لاختبارات مستحضرات التجميل على الحيوانات في بلادهم وفي جميع أنحاء العالم.

مستحضرات تجميل خالية من الوحشية

يعتقد الكثيرون أنَّ الفئران هي الحيوانات الأكثر استخدامًا في تجارب الحيوانات. ولكن في الواقع، يتم استخدام مجموعة كبيرة من الحيوانات لإجراء التجارب، بما في ذلك الأرانب والكلاب والقطط وغيرها. ووفقًا لتقديرات المنظمة الدولية لمنع القسوة ضد الحيوانات، هناك أكثر من 115 مليون حيوان يُستخدم حاليًا في الاختبارات، ولكنّ التكنولوجيا الحديثة وزيادة الوعي تعني أنه بإمكان العملاء ضمان سلامة وفعالية منتجات العناية الشخصية الخاصة بهم دون تعريض الحيوانات للخطر.

ووفقا لجائزة لش، وهي أكبر صندوق جائزة في قطاع الاختبارات غير الحيوانية، حيث يمنح 250 ألف جنيه إسترليني كل عام، والتي دعمت العلماء والناشطين في بلدان متنوعة، فهناك سببان موجبين لإنهاء الاختبارات على الحيوانات: أولا، إنها وحشية لأن معظم اختبارات السلامة التي تجري على الحيوانات تُجرى دون استخدام مواد مخدرة أو مخففات ألم، والمواد السمية يمكن أن تسبب معاناة رهيبة لفترات طويلة.

وحتى عندما تتطلب الانظمة معايير حد أدني من الايواء والاقتصاد، فإنها لا تستطيع ازالة الخوف والكرب الذي تتعرض له حيوانات المخابر بشكل يومي. ثانيا، إنها غير فعالة لأن الحيوانات تتنوع جداً من الناحية البيوكيميائية والجسمية والحجم وأعمارها، وتؤثر على سمية مواد الاختبار.

اختبار مستحضرات التجميل ومنتجات العناية بالبشرة على الحيوانات لا يجعلها أكثر أمانًا أو أكثر فعالية، وليس هناك شك في أنه خلال العشرين عامًا الماضية، حدثت تغيرات ضخمة فيما يتعلق باختبار الحيوانات، فالجمهور أصبح أكثر وعياً بعدم موثوقية التجارب على الحيوانات والقسوة التي تتحملها الحيوانات.

كما تقدمت طرق الاختبار غير الحيوانية ويتم استخدامها بشكل متكرر، وفي بعض الدول مثل الاتحاد الأوروبي والهند وسويسرا وكوريا الجنوبية ونيوزيلندا ‏تم حظر تجارب الحيوانات على مستحضرات التجميل النهائية ومكوّناتها وحذت العديد من الدول الأخرى حذوهم. وهذا يدل على أن المنتجات الخالية من الوحشية هي في الواقع الاتجاه المستقبلي لمنتجات العناية بالبشرة والشامبو وأدوات التجميل.

وهناك توجه كبير بالفعل للعديد من المنظمات لتثقيف العملاء لاختيار هذه النوعية من المستحضرات للاطمئنان بأنهم لا يساهمون في استغلال الحيوانات عند اختيارهم للمنتجات الخالية من الوحشية. فعلى سبيل المثال تقدّم منظمة بيتا (وهي منظمة الأشخاص الذين يطالبون بمعاملة مساوية للحيوانات) علامة ‏‏"خالٍ من الوحشية" للشركات التي تلتزم ببيان ضمان حقوق الحيوان.

كما يُقدّم برنامج‎ Leaping ‎Bunny ‎علامة "خالٍ من الوحشية" للشركات التي تضمن عدم اختبار منتجها النهائي أو أحد مكوّناته على ‏الحيوانات‎.‎ وعندما تُعتمَد أحد منتجات التجميل حاليا على أنها "خالية من الوحشية"، فهذا يعني أنها لم يتم اختبارها على الحيوانات. ومن حسن الحظ، أن هناك العديد من المنتجات الآمنة التي يمكن أن تكون بنفس فعالية أشهر العلامات التجارية في مجال التجميل. ‏

هناك عدة خيارات لأدوات تجميل خالية من الوحشية يمكن للأشخاص الاختيار من بينها. فهناك أكثر من 7,000 مكوّن ثبت أنه آمن وفعّال ومعتمد للاستخدام. وهذا يعني أنه لم تعد هناك حاجة لاختبار الشامبو ومنتجات العناية بالشعر وأدوات التجميل على الحيوانات. فالأمر لا يستحق المخاطرة بحياة الحيوانات وتعرضهم للخطر من أجل استخدام مكوّنات جديدة ومبتكرة في منتجات العناية بالبشرة.

مستحضرات التجميل الخالية من الوحشية لا توفّر فقط أدوات تجميل طبيعية وجميلة بل قد تكون أيضًا خيارات صحية للمستهلكين. فاختيار المنتجات التي لا يتم اختبارها على الحيوانات يدفع المستهلكين على الأرجح إلى اختيار المنتجات الخالية من المواد الكيميائية القوية أو السامة التي تضر البشر وكذلك الحيوانات. إنّ اختيار المنتجات الطبيعية لا يساعد الحيوانات فحسب بل يساعد الأشخاص على اتباع نمط حياة صحي أكثر.

أخلاقيات رعاية واستخدام حيوانات التجارب

من المعروف أن الهدف الرئيسي من إجراء التجارب على الحيوانات هو الحصول على معلومات علمية موثوق بها وذات كفاءة عالية ولا يمكن الحصول على تلك المعلومات بدون استخدام حيوانات التجارب أو استبدالها ببدائل أخري.

وقد قامت الجامعات والمراكز البحثية ذات الصلة ببحوث الحيوانات بتأسيس لجان علمية لتنظيم هذه العملية مثل لجــنة جامعة القاهرة لأخلاقيات رعاية واستخدام حيوانات التجارب فى التعليم والبحث العلمي، وتقوم هذه اللجان بتنظيم التجارب العلمية.

حاليا يجب علي الباحث أن يستخدم اقل عدد ممكن من حيوانات التجارب، وان يستخدم تلك الحيوانات على النحو الأمثل، ويجب عليه أيضاً وضع خطة تفصيلية موضح بها طرق البحث والعمليات المستخدمة مع ضرورة الالتزام بالعديد من المعايير مثل المحافظة على حيوانات التجارب وحمايتها من الألم والاضطراب والخوف، ومراعاة التخطيط العلمي والحذر لأي تجارب تجري على الحيوانات اعتمادا على منهجية بحثية علمية معلوماتية يتم اعتمادها من قبل لجنة أخلاقيات البحث العلمي واستخدام حيوانات التجارب بالجامعة. والاهتمام بمسكن الحيوان من حيث أماكن التربية والتغذية والتهوية والرعاية الصحية الدورية والتخلص من ‏النفايات بطريقة آمنة من اجل تجنب العدوى وحرصا على صحة الحيوان‎.‎

هل هناك بدائل لحيوانات التجارب؟

نظرا لأن التجارب على الحيوانات قاسية، ومكلفة، وغير ملائمة تحوَّل العديد من العلماء في العالم إلى تطوير واستخدام طرق بديلة لدراسة الأمراض واختبار المنتجات. فيتم استبدال الحيوانات استبدالاً تامًّا عن طريق أساليب لا تتطلب حيوانات مطلقًا، مثل استخدام مزارع الخلايا والأنسجة أو تجارب محاكاة الكترونية كبديل للحيوانات.

وتشمل تلك الأساليب الحديثة المتطورة اختبارات تستخدم الخلايا والأنسجة البشرية، وقواعد البيانات الحاسوبية، والتجارب الافتراضية على العقاقير، والنماذج الحاسوبية والمحاكاة، ووسائل الاختبارات الجينية.

وتشمل البدائل لاستخدام الحيوانات في اختبارات السُمية استبدال الوسائل غير الحيوانية بالاختبارات الحيوانية، وكذلك تعديل الاختبارات القائمة على الحيوان لتقليل عدد الحيوانات المستخدمة. وقد تم التحقق رسميًّا من عديد من الوسائل التي لا تستخدم الحيوانات والمقبولة من بعض البلدان، كبديل للاختبارات القائمة على الحيوانات الحالية؛ مثل اختبار الخلايا الجذعية الجنينية باستخدام الخلايا المشتقة من الفئران؛ لتقييم السُمية المحتملة لتطوير الأجنة، وقد تم التحقق من صحتها كبديل جزئي لاختبار عيوب الولادة في الفئران والأرانب.

والآن أصبحت نماذج اختبارات جلد الإنسان قيد الاستخدام، بما في ذلك الاختبارات الجلدية إبيديرم (EpiDerm)، والتي تم التحقق من صحتها وقبولها عالميًّا كبديل تام لدراسات تآكل الجلد في الأرانب. كما يمكن استخدام بقايا جلد الإنسان من العمليات الجراحية أو الجثث المتبرع بها؛ لقياس النسب التي تستطيع المواد الكيميائية عندها اختراق الجلد.

ويمكن للنماذج الحاسوبية أن تحل محل أنواع معينة من الاستخدام الحيواني أيضًا، وقد بدأت بعض دروس علم الأحياء في ممارسة التشريح على نموذج حاسوبي بدلاً من الضفادع الحية؛ حتى إن المدارس الطبية قد بدأت في تطوير أجهزة "الواقع الافتراضي" للطلاب للتدرب عليها.

وتعد الأنسجة المزروعة في المختبر بديلاً رائعًا لاختبار المنتجات الضارة على الحيوانات، وتمكن أحد المختبرات من زراعة 11 نوعًا مختلفًا من الأنسجة في طبق بتري.

حققت الأبحاث لاستبدال حيوانات التجارب بتقنيات داخل المختبر نجاحًا كبيرًا حتى الآن، وهناك ما يعرف بـ "مبحث سمية القرن 21"، وهو طريقة جديدة لاختبار السلامة والذي اثار حماس منظمين، اختصاصيين بالسموم وقائمون بالحملات وشركات حول العالم.

صار هذا الامر ممكنا نتيجة التقدم العلمي في البيولوجيا والجينات وعلوم الكمبيوتر والربوتات. وهو يركز على مسارات السمية للإنسان، وسلسلة التغيرات الجزيئية داخل خلايا الجسد التي تتبع التعرض لمادة كيميائية سامة. كثير من بين هذه الاختبارات سوف تُعمل بطريقة الروبوتات، مقدمة تقييمات كيميائية أكثر فاعلية من ناحية الكلفة، كما تقدم طريقة لها علاقة بالبشر بشكل أكبر.

يمكن الآن لمصنعي مستحضرات التجميل الذين لا يختبرون على الحيوانات استخدام الاختبارات غير الحيوانية باستخدام المكونات الآمنة من قائمة تضم 5000 والتي تم اختبارها بالفعل جنبًا إلى جنب مع الأساليب الحديثة لاختبار مستحضرات التجميل، ويتم إبطال الحاجة إلى الاختبارات باستخدام الحيوانات.


***

كاتب المقال

***

د. طارق قابيل

- أكاديمي، خبير التقنية الحيوية، كاتب ومحرر ومترجم علمي، ومستشار في الصحافة العلمية والتواصل العلمي

- عضو هيئة التدريس بقسم التقنية الحيوية - كلية العلوم - جامعة القاهرة

- الباحث الرئيسي لمشروع خارطة طريق "مستقبل التواصل العلمي في مصر ودوره في الاعلام العلمي"، أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، مصر.

- مقرر لجنة الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية والثقافة العلمية والدراسات الاستراتيجية ومؤشرات العلوم والتكنولوجي، وزميل أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، وزارة التعليم العالي – مصر.

- عضو المجموعة الاستشارية العربية للعلوم والتكنولوجيا، التابعة للمكتب الإقليمي للأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث للدول العربية.

http://scholar.cu.edu.eg/tkapiel

[email protected]


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات د. طارق قابيل

تدوينات ذات صلة