الدكتور حامد جوهر ملك البحر الأحمر ورائد علم البحار
يحتفل محرك البحث الشهير "جوجل" اليوم (١٥ نوفمبر 2022) بالذكرى ١١٥ لعالم البحار المصري الأستاذ الدكتور حامد جوهر والذي يعد الأب الروحي لعلم دراسة البحار والمحيطات في مصر والوطن العربي.
ولقد تابعت مع معظم جيلي في فترة الصبا والشباب برنامجه التليفزيوني الأسبوعي الشهير الذي يسمى عالم البحار، وكان يذاع مساء يوم الجمعة، واستمر عرضه لمدة 18 عاماً، حيث كان يعرض أفلاماً عن مختلف الكائنات البحرية ويقوم هو بالتعليق شارحاً الصورة ومعرفاً بالفصائل المختلفة وعاداتها وصفاتها.
كان للدكتور حامد جوهر صوت مميز ارتبط بأذهان المشاهدين على مدار تلك الأعوام. كان دائماً ما يستهل برنامجه بعبارة «مساء الخير» وكان ينطق هذه العبارة بشكل قوى ومميز. وقد قام الفنان الراحل سعيد صالح بتقليده في مسرحية العيال كبرت اثناء مكالمته التليفونية لوالده رمضان السكرى ليعلمه بخطف ابنه عاطف.
ولقد سعدت أيام سعادة عندما قابلته وجها لوجه في عام 1984، عندما كنت طالبا في السنة الثالثة في كلية العلوم جامعة القاهرة، عندما حضرت محاضراته في علوم المحيطات، على الرغم من تخصصي في مجال النبات والميكروبيولوجي، ولكنني سعدت للغاية بمقابلته والتحدث معه في هذا التوقيت الهام في حياتي الدراسية.
ملك البحر الأحمر
يعتبر العالم المصري الراحل الدكتور “حامد عبد الفتاح جوهر”، أحد الأعلام الذين يشار إليهم بالبنان، ويعد رائد علم البحار في مصر بلا منازع، وهو عاشق الأحياء المائية في البحر الأحمر وقد لقب بـ “ملك البحر الأحمر”، ونال شهرة محلية ومكانة عالمية لم يحصل عليها أو يصل إليها مصري قبله ولا بعده في مجال علم البحار.
ولد الدكتور “حامد جوهر” بالقاهرة في 15 نوفمبر سنة 1907، وتلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة الجمعية الخيرية الإسلامية، وتعليمه الثانوي في المدرسة الثانوية الملكية (الخديوي إسماعيل فيما بعد). كما وحصل منها على شهادة البكالوريا سنة 1925 (سنة إنشاء الجامعة المصرية).
وبعد حصوله على شهادة البكالوريا التحق بكلية الطب وعلى الرغم من نجاحه بتفوق في السنة الإعدادية إلا أنه حول أوراقه إلى كلية العلوم لإشباع هوايته وغرامه بعلم الحيوان وعلم البحار، وتخرج في كلية العلوم بالجامعة المصرية في سنة 1929، وحصل على بكالوريوس العلوم مع مرتبة الشرف الأولى وعمل في البداية معيدا في كلية العلوم قسم علوم الحيوان، وتقدم بأول رسالة ماجيستير في تاريخ الكلية في سنة 1931، أي بعد عامين من تخرجه لنيل درجة الماجستير، وكان موضوعها التشريح الدقيق وهستولوجيا الغدد الصماء في الأرنب، وحصل عليها مع مرتبة الشرف الأولى، ثم تقدم بأول رسالة دكتوراه في علوم البحار في تاريخ كلية العلوم وحصل عليها في سنة 1940.
وتم تعيينه مساعدا لمدير محطة الأحياء البحرية بالغردقة وذلك في سنة 1931 وهناك استطاع أن يجري بحوثه ودراساته على الأحياء البحرية في بيئتها الطبيعية، وقد اشتهرت تلك البحوث في الدوائر العلمية الغربية مما كان له الأثر الكبير في تدعيم مكانته العلمية وإتاحة الفرصة له في القيام بزيارات لعدد من المتاحف والمصائد والمحطات البحرية في كثير من الدول الأوروبية.
وفي سنة 1938 تم تعيينه مديرا لمتحف الأحياء البحرية بالغردقة كأول مصري يتولى هذا المنصب بعد أن كان يتولاه الإنجليز من قبل، كما تولى إدارة أكاديمية البحث العلمي بعد ذلك، وفي سنة 1958 تم اختياره مستشارا للسكرتير العام للأمم المتحدة لشئون البحار لتنظيم المؤتمر الدولي الأول لقانون البحار بجنيف، وفي سنة 1959 اختارته الوكالة الدولية للطاقة الذرية رئيسا للجنة التخلص من مخلفات المواد المشعة في البحار.
وتم اختياره عضوا باللجنة الاستشارية لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو) بهيئة الأمم المتحدة، ومستشارا للعلوم والتكنولوجيا بجامعة الدول العربية في سنة 1970، وكان أول رئيس لجمعية علم الحيوان بمصر، وتولى إدارة المعهد الملكي المصري لعلوم البحار التابع لجامعة فؤاد الأول لمدة 40 سنة وحوله لصرح بحثي وعلمي كبير على مستوى الشرق الأوسط كله، والجدير بالذكر من أنه تم اختياره عضوا بمجمع اللغة العربية بالقاهرة منذ سنة 1973 حتى وفاته.
وقد قام بإنشاء متحف حيوانات ونباتات البحر الأحمر، كما أعد 69 بحثا في مجال علوم البحار، وقام بتقديم برنامج “عالم البحار” في التليفزيون المصري، وهو البرنامج الذي أمتع ملايين المشاهدين بحقائقه العلمية الشائقة عن حياة الكائنات البحرية على مدار 18 سنة كاملة، ونال جائزة الدولة التقديرية في العلوم في سنة 1975، ووسام الاستحقاق من الطبقة الأولى في سنة 1975.
والدكتور حامد جوهر كان له شقيق يعمل بالفن هو الفنان علي جوهر، والذي كان يعمل مذيعاً لنشرة الأخبار باللغة الإنجليزية ومقدما للبرامج التعليمية للغة الإنجليزية، والجدير بالذكر أن الدكتور حامد جوهر قد عاش حياته وحيدا لم يتزوج، وكانت وفاته في يوم 17 يونيو سنة 1992 بعد أن أثرى الحياة العلمية ببحوثه وجهوده التي لا تنسى.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات