يؤكد الخبراء التربويين أن هناك صعوبة في تعريف المنهاج ، وذلك لتطور مفهوم المنهاج عبر العصور مما أدى إلى ظهور اجتهادات لتعريف المنهاج
يعتقد العديد من الناس أن المنهاج المدرسي هو الكتاب المدرسي، ولكنه في الحقيقة هو مفهوم أشمل وأعم حيث يعرف بأنه وثيقة منظمة ومرتبة تشمل كل ما تحتويه العملية التعليمية من أهداف ومعارف ومهارات وأنشطة تعليمية واجتماعية يتم اكسابها للمتعلم داخل وخارج أسوار المدرسة وتحت إشرافها، بل أيضا يشمل الخطط التدريسية وأدلة المعلم فهو الإطار المنظم للمدرسة ويتم تطبيقه وفق مدة زمنية محددة من حصص وأيام دراسية.
وهذا ما يُعرف بالمنهاج الرسمي المعلن أو المقصود الذي يُتابع من قبل وزارات التربية والتعليم وتحرص على تطبيقه وتقويم المتعلمين به، وهو الوثيقة المكتوبة التي تطبق في المدارس من قبل المعلمين والإداريين.
ولكن هناك مايعرف بالمنهاج الخفي الذي انتشرت له عدة مسميات كمثل المنهاج غير الرسمي أو غير المقصود أو الدفين أو الضمني المُغطى وغيرها من مُسميات، وجميعها لها ذات الدلالة.
, ووفقا لما ذكره فيليب جاكسون1970 Philip Jackson - الذي يعتبره التربويون أب المنهاج الخفي-
"إن المدرسة مكان يقعد فيه الطلاب معاً، ويستمعون وينتظرون، ويرفعون أياديهم، ويناقشون ويعملون معاً، ويقفون في صفوف. وكل تلك الخبرات روتيني وتحدث آلياً ومن دون أن تكون ملحوظة. ولكن تلك التفاعلات تنطوي على رسائل ومضمونات ما، وتؤثر في الكيفيات التي ينشأ فيها الطلبة اجتماعياً في الصفوف، والمدارس. وكثيراً ما تؤثر في التحصيل الأكاديمي، أو غالباً ما يكون لها مثل ذلك التأثير"
كما أن هناك عدد من المفكرين المسلمين والعرب الذين ساهموا في تحديد مفهومٍ دقيق للمنهاج الخفي من هؤلاء (شوكت ومحمد، 1414هـ) حيث يشيران للمنهاج الخفي بأنه "مجموع المظاهر السلوكية والأنشطة الإيجابية أو السلبية التي يتعلمها الطالب في المؤسسة التعليمية من خلال تفاعله مع أقرانه ومستويات القيادة المختلفة داخل الفصل الدراسي أو خارجه دون بث أو توجيه مباشر وأهداف معلنة".
وبالتالي المنهاج الخفي يتم من خلال التطلعات الثقافية والاجتماعية المستندة لمجموعة من العادات والتقاليد والقيم والقوانين الموجودة في المجتمع ،يكتسبها الطلاب خارج المنهاج المكتوب بدون وعي، وبدون إشرا نتيجة لتفاعل المتعلم مع وزملائه ومعلميه والإداريين في المدرسة، من خلال الأنشطة غير الصفية والملاحظة والقدوة، فقد يعجب الطالب بشخصية المعلم أو زميل له فيكون هو القدوة . وغالبا ما يتأثر به طلاب الطبقة الوسطى. وكلما كان هناك تطابق وتوافق بين المنهاج الرسمي المُعلن والمنهاج الخفي الضمني زاد تكيف الطلاب مع المنهاج والمدرسة وزادت فاعلية تعلم الطلاب.
وللمنهاج الخفي إيجابيات إذ يسهل عمل الأجهزة التربوية ويساعد في إرساء النظام وينمي القيم السليمة والتوجهات التي ينادي بها المجتمع والتي تظهر في النشاطات والممارسات التي يتعرض لها الطالب داخل المدرسة فيتشربها من غير وعي، كما أن للمنهاج الخفي بعض النقاط السلبية بأنه يعمم على طلاب الطبقة الوسطى ولا يأخذ بعين الاعتبار الطلاب المحرومين الذين لايستطيعون منافسة زملائهم في الحصول على احتياجاتهم. كما أن بعض الخبراء التربويين أوصوا بالحذر من أن يكون المنهاج الخفي مصدر لانتشار العصبية القبلية أو الإقليمية وتعلم عادات وسلوكيات مرفوضة اجتماعيا، أو يساعد على تنمر الطلاب على بعضهم ، أو إباحة ماهو محرم دينيا كمثل شرب الخمر والعلاقات المحرمة أو تعاطي المخدرات، أو التشدد في الدين لدرجة التطرف والكره للآخر مما يؤدي للخروج عن الفطرة السوية. حيث يقتنع المتعلم بما يقوم به بعض المعلمين خاصة إذا كان المعلم لديه قدرة وتأثير على المتعلمين وداعيا لما يعتقده.
يقول ايفان الش" أن أي منهاج مدرسي بالغا ما بلغ من الثراء والملاءمة لايؤثر في حياة الأطفال كما يفعل المنهاج الخفي للمدرسة" .ذلك دلالة على مدى عمق تأثير المنهاج الخفي على شخصية المتعلمين وهو أسرع في الانتشار. لذا وجب الحرص على أن يكون هناك تكامل و توافق بين المنهاج الخفي والمنهاج الرسمي المعلن وهذا ما يطلق عليه المنهاج الفعال. وذلك يتطلب الأمانة والإنسانية في تعامل المعلمين والإداريين مع المتعلمين وتوجيههم للأفضل لهم ولمجتمعهم ، وإنغماسهم في أنشطة ومهمات تحاكي رغباتهم واحتياجاتهم النفسية .
المراجع:
1- شوكت، محمد محمد، ومصطفى عبدالسميع محمد (1414هـ): مقياس المنهج الخفي، مكتبة الصفحات الذهبية للنشر والتوزيع، الرياض.
2- Jackson, Philip, (1968): “Life in the Classroom”, (New York: Halt Rinehart and Winston).
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات