قاسية هذه الحياة .. لكنها حنونة .. حقيقية .. وجميلة في آخر المطاف"

في كل مرة كنت أعتقد بأني أصبحت أكثر وعيا وذلك يعني بأني تحررت وللأبد من الألم القديم، بأني تحررت من نوبات الفزع التي تنتباني ليلا بشكل مخيف.

كل شيء يختفي لأشهر، أو سنة.. ثم بأول موقف، وأول منعطف حقيقي، أجدني عدت للصفر، مع مشاعر دفينة وظلمات مخيفة ونوبات قلق عميقة.

صراخ.. ألم في المعدة.. فقدان شهية وصداع ..

لوهلة أشعر بأني أود أن أتقيأ قلبي .. أتقيأ كل شعور بداخل عقلي

ألم بصدرك يشعرك لوهلة أن الوقت قد حان

عقلك يفكر من المستحيل أن تشرق الشمس من جديد

لوهلة تفكر .. هذه هي النهاية.

كل شيء يصبح داكن اللون

الأنوار تنتطفئ بعينك

ووسواس عميق مريب يخبرك .. أنت وحيد .. لا أحد هنا يطبطب على جراحك

لا أحد قادر على احتوائك ..

المريب دائما أنه مهما كنت محبوبا مهما كنت لطيفا مع البشر

مهما فعلت يوما .. حتى وإن كان لديك عائلة وأصدقاء أو شريك حتى

ستعيش أسوء لحظاتك دائما لوحدك

سينتهي بك المطاف غالبا لوحدك

وكأن الحياة تريد تعليمك درسا باهظ الثمن

الدروس لا تتوقف ..

بل تستمر الحياة باستنزاف سنين عمرك وهي تعلمك الدرس الأصعب

حتى تحول جلدك .. لجلد تمساح

لتصبح قويا غير قابل للكسر أبدا

الحياة تدخل إلى سراديب عقلك وظلماتك .. إلى أعماق مخاوفك التي تهاب أن تعترف بها لنفسك .. المخاوف التي لا تدركها أحيانا أنت بنفسك

تستفز كل خوف لديك .. وتبدأ بتعليمك دروس .. حتى يطفو كل شيء على السطح وتبدأ بالتعلم والتغير

أنت لا تتعلم من خلال التلقين .. أنت تتعلم بالألم .. تتغير دون أن تعي

ستستيقظ يوما وتنظر للمرآة وتقول .." سحقا، من أنا"

ستتبدد مخاوفك بالألم .. هكذا الحياة تسير .. هذا قانون الكون .."

لا أعلم حقيقة أي منفعة تكسبها الحياة حين تعلمك كل ذاك ..

المهم .. الحياة تحب استفزاز مخاوفنا ..

الخوف من الوحدة .. والخوف من البشر .. الخوف من الارتباط .. الخوف من التعرض للألم ..

وفي كل مرة ينخفض استحقاقي لنفسي .. أتوه مع نفسي .. وأصبح أقل ثقة بالنفس ..

مشتتة عن إبداعي وذاتي .. أهتم لكل ما حولي أكثر مني ..

مباشرة تأتي الحياة لتجلدني من جديد وتعيدني لنقطة الصفر لتذكرني بكل درس مررت به يوما ..وتقول لي:

" ربى .. ربى .. إلى متى سأبقى أعلمك .. أنا مللت الدروس التي أواظب على تعليمك اياها .. ألم تملي؟ "

"ربى .. ربى .. لنعود ونركز على الذات .. روحك وفقط .. جمعي شتات نفسك الآن .. لنركز على شفاء الروحي لنفسنا .. على سعادتنا "

" ربى .. ربى .. لململي شتات نفسك حالا .. لا أقبل بهذا الحال والضياع الروحي أبدا "

وأنا بدوري أقول : "اللعنة على هذه الحياة .. قوية لا يمكنك أن تهرب من دروسها أبدا ..

لا يمكنك أن تتظاهر أمامها بأي شيء غير حقيقي.. تشعر بك مباشرة وبتردادات طاقتك

قاسية هذه الحياة .. لكنها حنونة .. حقيقية .. وجميلة في آخر المطاف"

ربا عياش

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات ربا عياش

تدوينات ذات صلة