حرية الرأي وحرية التعبير.. لفظان مترادفان لمعنى واحد، وشعاران دائماً ما نسمع بهما.. ولكن هل تساءلتم يوماً إلى أي مدى تصل هذه الحرية؟؟
استوقفني هذا السؤال بعد ما قرأت كثيرا بعض المواضيع التي تحتوي على السب والشتم والقذف لبعض الشخصيات واتخذت من هذا المسمى سقفاً لها.. وهذا إنما أعتبره قلة أدب مهما كان المسمى الذي غلفت به وليس حرية رأي..
حرية التعبير كغيرها من الحريات الأخرى، إنّما تحتاج إلى ضوابط وقيود بسبب ما قد تتعرّض له من سوء استعمالها وسوء التصرّف بها..
شرعاً.. لفظ الحرية حين نطلقه أو نسمعه، بحيث يقال: “حرية فعل كذا، والإنسان حرّ في أن يفعل كذا أو يقول كذا”، فإن الذي يفهم من هذا اللفظ هو الجواز وعدم المنع. وهذه درجة دنيا من درجات حرية التعبير لم يقتصر عليها الإسلام ولم يقف عندها، وإنما جعل التعبير والقول في مواطن عديدة جهاداً وعبادة.. كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..
وإقرار جواز تجريح الرواة بواسطة العلماء قاطبة هو من مظاهر التوسع في حرية الرأي والتعبير.. فهي تأتي إحقاقاً للحق وإبطالاً للباطل، مهماً كان الراوي..
المشكلة ليست في حرية الرأي نفسها.. لكن كما أسلفت في طرق استخدامها واستغلالها والتغرير بها..
وهذا مادعاني إلى الإبحار في الشبكة العنكبوتية والبحث في هذا الموضوع والأهم البحث عن ضوابط لهذه الحرية في الشريعة الإسلامية، التي من شأنها ترشيد حرية التعبير ووضعها في مسارها الصحيح البناء..
ومن أهمّ ما وجدت منها:
١- أنها ينبغى أن تكون هذه الحرية إلتماساً للحق والوقوف معه، لا التضليل والتدليس وابتغاء المصلحة..
٢- استخدامها لحفظ حرمة الدين.. والمراد به المنع والزجر عن المساس والتلاعب بحرمة الدين الحق ومكانته..
٣- أن تكون الحرية في التعبير، لا الحرية في التغرير.. فممارسة تضليل الناس وتوريطهم فيما يضرهم ليست من حرية التعبير في شيء.. وعامة الناس فيهم الضعيف والصغير والجاهل والسفيه والمريض ممن لا يستطيعون دائما تمييز الخبيث من الطيب..
٤- لزوم التثبت والتبين قبل القول والتعبير.. وهذا الضابط يسري على كافة الأقوال والصور التعبيرية، ولكنه آكد وألزم حين يتعلق الأمر بأخبار الناس وحقوقهم وأعراضهم.. ومن هنا جاء التحريم الشديد للكذب والبهتان ولقف الأخبار وترويجها قبل التثبت منها..
٥- حفظ حرمات الناس وأعراضهم.. ويختلف هذا الضابط عن سابقه بأن الأمر هنا قد يتعلّق بما هو حقّ وصدق وبعلم، ولكن في قوله وترويجه إيذاء للناس وانتهاك لحرماتهم وأعراضهم وأهليهم..
٦- منع التدخل في النيات والبواطن.. فلا ننقد الأشخاص في آرائهم وتصرفاتهم واجتهاداتهم، سواء أكانوا علماء ومفكرين أو زعماء وحاكمين أو من عامة الناس..
في النهاية..
أنا حقا أتمنى لو انتبه كل الناس لهذا الموضوع.. فامتلاكنا لهذه الحرية شيء عظيم.. ومن الأفضل استغلالها على أكمل وجه.. نحن أحرار بأنفسنا ولكن لسنا أحراراً بالآخرين..
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات