تعامل كصديق أزلى دون تكُبر أبوي فقط من أجل طفلك !!
صباح أحدى الايام الروتينية, جالساً (بالاتوبيس) كالمعتاد ولكنى مكدر الصفو لسبب قد يراه البعض تافهاً جدًا ولكنه يعني لى الكثير بأختصار شديد ( نسيت الهاند فري ) !!وهذا يعني لى كارثة كبيرة لكوني سأضطر أن أتحمل تُرَّهات المحيطين بي و أبتساماتهم البلهاء , الأمر الذى يصيبني بالانتفاخ العقلي.ارتمت أذنى عن غير قصد لحوار يدور بين شخصين جالسين خلفي ( على الكرسيين اللى ورايه يعنى ) ينتابك من نبرة صوتهم حيرة فى أى سن يكونون.يتحدث أحدهم للآخر قائلا ( ال منى مزعلني ) ليرد عليه الشخص المجاور له ( اه و الله ال منى مزعلنى ).راودتني شفتاى عن ابتسامة خفيفه من أسلوبهم فى أخراج العبارات المليئه بالالم رغم صغر سنهم الواضح من الموضيع التى يتناقلوها بينهم من باب الشكوى .( أنا أبويا مضايقنى الأيام دى يا صاحبي .. يرد عليه زميله ضاحكًا أنا أبويا مضايقنى على طول يا صاحبي ) ثم بدء يشكي له من ردود فعل والده إتجاه بعض المواقف , وأيضا عن أمور يخفيها عنه, على أعتقاد منه أن صديقه سوف يرشده للصواب أو على الأقل للطريقة المثالية للتعامل مع والده, وما من صديقة سوى أنه كان يضلله .ظل الحديث يدور بينهم فى سياق درامي مراهق تحت مستوى الشبهات, قرابة محطتين تلاته !!إلى أنه قد حان وقت النزول بوصولى لوجهتى .. و فضلت النزول من الباب الخلفي لقربه مني ( علمًا أنه الباب المجاور لمقاعدهم ) لتكون الصدمة, ولدين لا يتعدى سنهم العاشرة أو الاثنى عشر بأقصى تقدير, لم أستطع تمالك نفسي من الأبتسامة العريضة التى وصلت بين أُذناى, مصاحبة للكثير من الاسئلة التى تواردت إلى ذهني ( كرسائل عروض شركات المحمول ) !!كان فى مقدمتها السؤال المعتاد ( هو احنا مكناش أطفال؟ ) ولكن تركيزى الشبه منعدم قد سلط الضوء على سؤالين مهمين جدًا ( ايه اللى دفع الولد أنه يتكلم بالشكل ده عن والده, و ايه اللى وصله للدرجه دى من اليأس اللى تخليه ياخد رأى صحابه اللى فى نفس سنه عن مشكلته ؟!! ).( وفى حوار دار بيني وبيني بردوا ) ..... أعتقد أن الأمر لا يتعلق بالتربية فى المطلق, وذلك لآن قواعد التربية تعتبر من الثوابت الغير متغيره وفقا للمجتمع الناشئ به الفرد (يعني الغلط غلط و الصح صح مش بيتغير مع الزمن ) .أنما ربما يكون الخطأ فى أسلوب التربية, بمعني تاني هو فى كيفية إيصال الخطأ للطفل و التعامل معه.قد يكون طفل ما فى فترة زمنية مضت مع جو و مناخ مُغاير يستقبل من والديه قواعد التربية فى التفريق بين الخطأ و الصواب بشكل , لا يمكن تكراره من هذا الطفل عندما يكبر ويصبح اباً أن يمارسة مع أطفاله .فالتقدم الثقافي و التكنولوجى فى ظل العولمة و الأنفتاح بين المجتماعات بأختلاف حضارتها, جعل حركة التقدم سريعة جدًا بين دويلات هذا العالم الكبير .وهو الأمر الذى يتطلب من الأباء مواكبة هذا الأنفتاح و التطور, فلا يمكن أحكام العقول و اغلاقها على شكل نموذجى للتربية بالطبع متوارث من ابائهم عن ابائهم .الأطفال أن صح القول عنهم أطفال , أصبح بلوغ نضجهم العقلى فى سن أبكر بكثير عن البلوغ العقلي فى فترة مضت لاى طفل فى ظل ما يعيشون فيه من تطور تكنولوجي وثقافى ومناخي أيضًا .لذلك أرى أنه على الأباء فعليًا أخذ الموضوع بجديه فى تطوير أسلوب التربية بنفس القواعد و الثوابت الراسخة فى أى من المجتماعات, ولكن بشكل معاصر يسمح له بالتواصل السريع و الإيجابي المثمر لصالح طفله, وهو ما سوف يحول العلاقة من أبويه بحته إلى صداقة تحتفظ بمنزلة وإحترام كلا الطرفين .و أعتقد أن الأمر بسيط جدًا , أجعل من أولويات تربيتك لإبنك أن تشاركه أهتماماته حتى و أن كانت أهتماماته تلك لا تنال من أستحسانك شئ, لا تجعل من وجودك مجرد كاميرات مراقبة ترصد الأخطاء بل أزرع بذرتك فيه و أتركه مراقبًا اياه من بعيد، وقومه إذ لزم الأمر بشكل غير مباشر فلا تخرج النصيحة منك و لكن أجعلها تخرج عنه هو لنفسه, لا تضع نفسك دائما فى برجك العالى كملك صاحب سلطة أبَويه وتضعه فى منزلة المحكوم, ضع نفسك فى مكانه دائما وحاول أن تفكر مثله لكي تكون قادر على معالجة ما يمر به , لا أن تكون صادر للأحكام دون الشعور بما يمر به أو ما أوصله إلى تلك المشكلة التى وقع بها .أن وجود الأباء فى حياة أبنائهم شئ مهم جدا مهما بلغ بهم الكبر وحتى أن شعرت بعدم إحتياجه لك, هو فقط يريد الأستقلال بشخصه و أن يصنع قراره بنفسه , ولكن ليس بعيدا عن سمائك التى يستظل بها ويطمئن بوجودها, تعامل كصديق أزلى دون تكُبر أبوي فقط من أجل طفلك .
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات