نحن نحتاج للحب ونبحث عنه وهو لدينا أصلا, توهمنا أننا بحاجة إليه

إن كنت تبحث عن الحب، توقف, وإن كنت تحتاج إليه، لن تجده, لأنك تبحث في المكان الخاطئ...



أنا أتسائل دائما عن الحب الحقيقي, وأعتقد أنني أتاني الجواب ..إنه لا يوجد حب حقيقي غير حب الذات ,وأقصد بالحقيقي هنا "النقي, الخالص", حب الذات هو أعمق وأكبر وأصدق حب في الوجود, لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يكون مزيف, مستحيل، والمتعة والراحة النفسية التي يجلبها حب الذات هي متعة أبدية,


تأمل العلاقات ستجد أنها مصدر سعادة مؤقتة جدا, محدودة جدا, ومتغيرة جدا.. فالآخر يحبك لأنك تقدم له شيئا ينقصه, لديك شيئا يعجبه, تمنحه شعورا لطيفا, لابد أن هناك سبب خاص به يحبك من أجله,

أما حب الإنسان لذاته هو حب مطلق ليس له سبب ملموس, هو الحب الذي يقبل فيه الطرفين – أنت وذاتك- بعضهما في مساوئهم أكثر من محاسنهم, قبول حقيقي. ولا أظن أن ذلك يحدث في علاقاتك مع الآخرين..


حتى حب الوالدين لأبنائهم, هم يحبونهم لأنهم يحصلون منهم على شئ يرضيهم فهم يشبعون لديهم غريزة التكاثر, والفخر بالبنون والخصوبة والشكل الإجتماعي الجيد والأنس بالكبر والشعور بالمسؤلية عن الأطفال والذي يمنحهم شعور أفضل بتقدير الذات, لذا أظن أن الأبناء يمنحون والديهم أكثر مما يمنحونه هم للأبناء..


أما بمقارنة ذلك بحبك لذاتك ستجد أنك تحب ذاتك حتى وإن لم تمنحك شيئا, تحبها لمجرد أنها ذاتك.. هذا يكفي بالنسبة لك..


والحب, الذي نرجوه جميعا ونبحث عنه إلى الممات, قد نجده ولكن ناقص, ما من أحد حصل على حب كامل لا تشوبه شائبة, ولما سألت نفسي لماذا؟ وجدت أن الحب يبدأ من داخلنا ثم ينعكس على خارجنا, أي نبدأ بحب الذات, ومن ثم ينعكس هذا الحب على الخارج فنجده يتجلى في واقعنا في أبهى صورة نتمناها...


كما سألت نفسي, لماذا أصلا نحن نحتاج للحب؟ وجدت إجابتي بسيطة جدا, لأن الله خلق الحب, فهو موجود أصلا, لا داعي "للاحتياج", إذاً من أين أتي الاحتياج –الذي قد يكون مؤلما؟ حتما أتي من "نقص شديد في حب الذات".... وهذه النقطة خطيرة ورائعة, لأن الإنسان إذا أحب ذاته صار الحب موجود في حياته بشكل طبيعي, فلا يطلبه, ولا يحتاجه, فإنك كلما احتجت الشئ بشدة كلما فقدته, واختفى من حياتك.. وحبك لذاتك –يا عزيزي- يجعلك ماذا؟ "ممتلئ" وهي عكس "فارغ", فيصبح الآخرين من حولك هم "إضافات جميلة" لحياتك, حبا مزيدا على الحب الموجود بالفعل, وهنا يكون الحب بينكم صادق, لأنك لم تحبهم من باب "الاحتياج", بل أنت تحبهم وأنت "ممتليء"غير أن جميع العلاقات بها لحظات من الهجر والقسوة كما بها لحظات من الحب والعطاء.. أما في حبك لذاتك, حبا حقيقيا, لن تجد هناك لحظة واحدة من القسوة أو الهجر, والأمتع من كل هذا أنها هي علاقة الحب الوحيدة- في نظري- التي يمكنها أن تصلك بخالقك من أقصر الطرق- إن صح التعبير....


هل هذا الكلام به شئ من الجحود؟

نعم.. من وجهة نظر البعض هذا الكلام به شئ من الجحود..


هل هذا معناه أن ليس هناك حب حقيقي بين البشر أو علاقة تستحق؟

بالطبع لا هناك حب حقيقي بين البشر, ولكن لا يرقي إلى نقاء الحب لذاتك..


ما هدفي من هذه المقالة؟

هدفي تسليط الضوء على الحب المتروك الذي نغفل عنه, وإن رأيناه لا نراه كاملا, نتركه في الظل, ونبحث عن الحب خارج ذواتنا, وهو إن لم يبدأ بداخلنا, فلا يمكن أن نجده خارجنا, إلا زيف....


الخلاصة: إن لم تحب ذاتك حبا حقيقيا نقيا, فلا تتوقع –يا عزيزي- أن يحبك أحد...

مروة جادو

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات مروة جادو

تدوينات ذات صلة