النسوية والإسلام لا يجتمعان بقلبٍ واحد، ليست المشكلةُ بالضد والفكرة إنما المُشكلة بالأصل والجذور .
جاءَ الاسلام بعد ساحةِ صراعِ الأديان وموجات التحريف لما قبلهُ و الانتفاضات والانقلابات والانحراف عن العقائديات التي كانت مُنزلةً ليكون هو الثابتَ الكامِل المُتمم الذي لا بعدهُ، وليكون هو المحفوظ في الصدور و المعمولَ بهِ في المجتمعياتِ .
فقد جَب الاسلامُ ما قبلهُ من أخطاءَ و تطاولاتٍ وذنوب بمجردِ اعتناقنا إياه، لكن الفكرةَ السائدة في يومنا هي أنهُ جاءَ فقط لانهاء جدل ما قبلهُ غاضينَ البصرَ عن فكرةِ القدوم ذاتها ووجودهِ نقطةً صلبةً للبدء بشكلٍ سوي وصحيح و معتدل .
فكرةُ وجودِ خالقٍ للكونِ كانت متأصلةً منذ بدايته و كلغةِ تواصلٍ مع الخالق فقد أوجدَ أنبياء ورُسلاً مِنا يُبينونَ لنا ما أُوحي إليهم ليكونوا بذلك أول مُطبقيه ولنكون متبعيه "قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا"، فهي الرسائل واضحِةٌ ونحنُ يتوجب علينا التفكُر و البحثُ من ثُم الإيمان .
وفي بدايةِ تكوين أي دينٍ فيجبُ تقوية الجانب العقائدي المبني على عقدِ الانسان قلبهُ لجعلِ كُل أعمالهِ خالصةً للهِ وعلى المبادئ التي تُفهِّم متبعيهِ ما هو حقٌ وما هو باطِلٌ و الغايةُ من وجودهِ، ليضمن بذلك شوكتهم وتوحيدَ صفوفهم ودفاعهم عنهُ رغبةً منهم في بقاءهِ ونشرهِ وحفظه .
ومن ضمن ما بدأ بهِ الاسلامُ هو توضيحُ الصورةِ الاسلاميةِ لمعتنقيه، فوضح لهم الرسول الأحكام والتشريعات، الحقوق والواجبات، الحلال والحرام، النواهي والمستحبات، و حقيقةَ الجنةِ والنار. فبمجرد دخول الانسانِ في أي دينٍ فإنهُ يبدأ بالنظر للعالم من منطلقِ هذا الدين ومن زاويته، نافيًا بذلك وجود أي خطأ أو اعوجاج فيه ويجعلهُ حُجةً يُقيم بها مبادئهُ و يثني بها على أعمالهِ وأعمال من حوله، فالاسلامُ مثلاً كان واضحًا بجعلِ مصادر الدين ثابتةً ومحفوظةٍ في القرآن وما أتبعهُ من سنةٍ وما تبعَ ذلك من قياسٍ واجماع، وفي ثبوتِ المصادرِ ثبوتٌ للفتوى و تحديدٌ للمنظور و جعلِ كل فعلٍ واقعٍ في هذا العالم ذو صفةٍ أو حُكمٍ معين فلا يضل بعدهُ المسلمُ أبدًا .
وفي هذهِ الثوابت لا يُقبل الجدال بغرضِ احقاقِ الباطل أو بطلانِ الحق ولا بهدفِ التخفيف من وقعةِ الحُكم أو ضهده أو جعلهِ موقع افتاءٍ في صحيحٍ أو خاطئ، فالثوابتُ الاسلاميةُ تُعرَّفُ على أنها :الراسخ والمستقر, وغير المتحرك, والمقرر, والمؤكد, والذي لا يتغير،القطعيات ومواضع الإجماع التي أقام الله بها الحجة بينة في كتابه أو على لسان نبيه , ولا مجال فيها لتطوير أو اجتهاد, ولا يحل الخلاف فيها لمن علمها،وهي معقد اجتماع الأمة, ومركز شخصيتها, ومفصل وحدتها, أو كما يقول د. القرضاوي: «هي التي تجسد الوحدة العقدية والفكرية والشعورية والعملية للأمة المسلمة, وهي التي يحتكم إليها عند النزاع, ويرجع إليها عند الاختلاف.
فمن هذا التعريفِ كُله نستنجُ موقف الذي يستخفُ بها أو يُخفف من شأنِها أو يُجادلُ فيها بهدفِ تحقيقِ خلافها !
فأما جوهرُ حديثنا عن الحركات النسويةِ المُستحدثةِ لجلبِ حقوقِ المرأة المُضطهدةِ والدِفاع عنها بهدفِ تحقيقِ المساواةِ و الحُريةِ و رفع الظُلم و بدء حياةٍ بمجتمعٍ معزولٍ قائمٍ على المرأةِ بذاتها واعتبار الرجلِ هو المقياسَ أو المعيار للحقوقِ التي تودُ الوصولَ اليها ما هو إلاّ دينٌ جديدٌ قائمٌ على فِكرٍ مستوحًى من المُجتمعياتِ في هذا العالمِ- أي من الانسانِ للانسان- وهنا من المرأة بحيث هي من تُحدد الجائز من عدمهِ والحق من باطلهِ حتى صُنفت هذه الحركاتُ النسويةُ ب العلمانيةِ أو الليبراليةِ القائمةِ بالحد الأول على الحريةِ - بمفهومها التحرري - ومن ثم المساواة، وأيضًا بالراديكالية التي تنصفُ على تغيير البنى الاجتماعيةِ بإتباع أساليب ثوريةٍ.
وبهذا فإننا كمسلماتٍ لا نستطيعُ أن نكونَ نسوياتٍ لأننا بالدرجةِ الأولى مسلماتٌ أكثر رِفعةً من هذهِ المفاهيم الدُنيويةِ المتغيرةِ الزائلة التي لا تُظهر حقًا ولا تُنصف مظلومًا.
وهذا لا ينفي قدرةَ هذهِ الحركات على مر الزمان مُنذ القرن الخامس عشر إلى يومنا باحرازِ بعض الانجازات - كما تُسمى- مثل حق الانتخاب والترشح والعمل والتعليم والميراثِ و الزواج، وبكوننا مسلمين نرفضُ النسويةَ فإننا لا ننفي أجدريةَ المرأة بكل ما سبق لكننا ننسبُها إلى ديننا الثابتِ في المقامِ الأول لا إلى حركاتٍ مُبتذلةٍ ومبتكرةٍ من صُنع جماعةٍ من النسوة وإننا وبدفاعنا عنها فإننا ننفي وجودها في ديننا أو نُقلل من تواجدها فيهِ بنسبها إلى ما ليسَ منهُ . فالمُسلم السوي يعرفُ حقوقَ المرأةِ و واجباتهِ نحوها فإن لم يقم بفعلِ ذلك أو قام بعكسهِ فإن الخطأ يقعُ عليهِ وحدهُ لا على الدين الاسلامي، فالدينُ لا يحوي الأخطاء إنما يذكرها ثم يعالجها فمن شاء فليعمل ومن لم يشأ فليُحاسب .
وهُنا دور الحِساب، فإن حُجةَ البعضِ بأن الدين لا يُطبق هذهِ الحقوق ولا يأخذها على محمل الجِد فتلجأ المُسلمة لتلك الثورات وللدفاعِ عنها ظنًا منها أنها ستزيدُها قوةً و تثبتُ موقفها وتأخذُ حقوقها، قد يكونُ ذلك الظن صحيحًا ببعض القصص المذكورةِ لكنهُ مَنفيٌّ لنيةِ الاقدام عليه، فليسَ الحلُ منا هجرُ الدين لأن المُجتمع لا يعمل بهِ إنما تقويتنا نحنُ بهِ و الأمرُ بالمعروفِ ونشرهُ والدفاعُ عنه كما ندافع بالضبط عن تلك الحركات والتي قد وصل بعضُ الفقهاءِ إلى تحريمِها، وهذا ليسَ غريبًا فلا يجتمعُ قلبٌ واحدٌ بعقيدتينِ ذواتِ أصلٍ مختلف .
يوجد في المقال بعض الجمل التي استخدمها د. سامي العامري و بعض المنشورات على الانترنت للدكتور صلاح محمد .
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
إن الهدف الحقيقي من فكرة النسويات هو نشر الرذيله وتشكيك المسلمين في دينهم فجزاك الله خير وجعلك سبب لي توعيت نساء المسلمين خاصه والمسلمين عامه
بارك الله فيكي نحن بأمر الحاجه ذإلي تصحيح المفاهيم